سادت الفوضى حزب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وخططها للبقاء في السلطة حتى العام 2021 عقب تخلّي "وريثتها" الأبرز أنيغريت كرامب-كارنباور الاثنين عن طموحاتها لقيادة البلاد على خلفية الأزمة المتفاقمة بشأن العلاقات بين الوسط واليمين المتشدد. واستقالت زعيمة حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي (يمين وسط) كرامب-كارنباور من هذا المنصب بعد أقل من عام في فترة شهدت نزاعات داخلية بشأن مسألة التعاون مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" المناهض للمهاجرين. وأكدت أنها لن تترشّح عن الحزب لمنصب المستشارية في الانتخابات العامة المقررة العام المقبل. وقال وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير والمقرّب من ميركل "هذا وضع خطير بشكل غير مألوف بالنسبة للاتحاد المسيحي الديموقراطي". وأقرّت كرامب-كارنباور بأنها واجهت "فترة صعبة" كزعيمة للحزب. وصرّحت للصحافيين في برلين "في الوقت الحالي، نشعر بقوى طرد نافذة داخل مجتمعنا وحزبنا". وفي وقت لاحق، اعربت ميركل من برلين عن "أسفها" لاستقالة كرامب-كارنباور وأشارت إليها باسمها الأول فقط "أنيغريت" في لحظة شخصية نادرة أمام عدسات الكاميرات. وفي وقت يتّبع الحزب سياسة تقضي بعدم التعاون مع أي من اليمين أو اليسار المتشددَين على الصعيد الوطني، تمرّد نوّاب من حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي على هذا النهج الأسبوع الماضي وصوّتوا في المعسكر نفسه مع نواب حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليمني المتشدد للإطاحة برئيس مقاطعة تورينغن الصغيرة اليساري المتشدد. ودفع خرق الموقف السياسي تجاه البديل من أجل ألمانيا شركاء ميركل في الحكومة، "الحزب الاشتراكي الديموقراطي" للدعوة إلى محادثات طارئة في نهاية الأسبوع بشأن مستقبل الشراكة. وقال الزعيم المشارك للحزب الاشتراكي الديموقراطي نوربرت فالتر بوريانز في مؤتمر صحافي الاثنين إن "على الاتحاد المسيحي الديموقراطي توضيح علاقته بالمتطرفين من اليمين المتشدد". وأضاف أن وزراء حزبه اليساري الوسطي لن يعملوا مع حزب "يترك فسحة للقوى اليمينية المتطرفة". وفي وقت باتت الأبواب مشرعة بشكل كامل في السباق على المستشارية، توقعت صحيفة "سويدوتش تسايتونغ"بأن تكون تداعيات تطورات الاثنين ضخمة. وكتبت "هناك احتمال كبير أن تكون مغادرة المستشارة (لمنصبها) اقتربت". ويشكّل التحالف مع اليمين المتشدد في التصويت خرقا لأحد المحظورات الأساسية لسياسات ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية، اي رفض الأحزاب التقليدية العمل مع تلك المتشددة. وأخفقت محاولات كرامب-كارنباور لفرض ضوابط صارمة من برلين على التعاون مع اليمين واليسار المتشددين خصوصا في شرق البلاد الشيوعي سابقا، حيث يهدد الدعم القوي الذي يحظى به البديل من أجل ألمانيا واليسار في بعض المقاطعات قدرة الأحزاب التقليدية على تشكيل تحالفات قائمة على الأكثرية وقادرة على أداء مهامها. ومن المفترض أن تجري انتخابات ألمانيا الوطنية المقبلة بحلول خريف العام القادم، رغم أن التحالف الهش بين الاتحاد المسيحي الديموقراطي وحلفائه البافاريين من الاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الاشتراكي الديموقراطي قد لا يصمد حتى ذلك الوقت. لكن كرامب-كارنباور أكدت أنها لا تعتقد أن مغادرتها ستشكل خطرا على "استقرار حكومة الائتلاف الكبير". وتأمل الوالدة الكاثوليكية لثلاثة أبناء بأن تضع بحلول صيف العام الجاري عملية منظّمة للعثور على الشخصية المناسبة لقيادة الاتحاد المسيحي الديموقراطي إلى حملات الانتخابات الاتحادية المقبلة. وقالت الاثنين إن "فصل منصب المستشارية عن رئاسة الحزب يضعف الاتحاد المسيحي الديموقراطي"، في انتقاد ضمني لقرار ميركل عام 2018 فصل المنصبين. وتخلّت المستشارة المخضرمة عن زعامة الحزب على وقع سلسلة هزائم انتخابية على صعيد المقاطعات بينما قوّض صعود اليمين المتشدد شعبيتها ضمن صفوف حزبها. وتولّت ميركل السلطة منذ العام 2005، لكنها أشارت إلى أنها لن تترشّح للمنصب مجددا بينما تخلّت عن زعامة الاتحاد المسيحي الديموقراطي. ورغم أن ميركل عيّنتها كوزيرة للدفاع في يوليوز الماضي لمنحها سلطة تولّي منصب اتحادي، إلا أن كرامب-كارنباور لم تتمكن قط من فرض سلطتها في الاتحاد المسيحي الديموقراطي بعد فوزها بفارق ضئيل على منافسها فريدريخ ميرز. ويتحيّن ميرز، خصم ميركل سابقا، الفرصة لخوض المنافسة للوصول إلى السلطة ولا يزال يحظى بدعم قوّي من أجنحة الحزب المؤيدة للنشاط التجاري وذات الميول المحافظة بشكل أكبر. والأسبوع الماضي، تخلّى زعيم كتلة الاتحاد المسيحي الديموقراطي البرلمانية السابق عن وظيفته في شركة "بلاك روك" العملاقة لإدارة الأصول "لدعم الحزب بشكل أقوى في إعادة تجديد نفسه والدخول مجددا في السياسة". وقال في تغريدة الاثنين إن قرار كرامب-كارنباور الاستقالة "يستحق الاحترام". وأضاف "سأمنحها كل الدعم الذي تحتاج اليه لتقود عمليتي خلافتها والترشح للمستشارية". المصدر: الدار أ ف ب