حُذفت إدانة خطة السلام الأميركية للشرق الأوسط من نصّ مشروع قرار فلسطيني من المقرّر التصويت عليه في مجلس الأمن الدولي الثلاثاء ويمتنع عن ذكر الولاياتالمتحدة خلافا لصيغته الأولى، في خطوة تأتي بعد إقالة تونس لمندوبها في الأممالمتحدة على خلفية موقفه من مشروع قرار فلسطيني يدين خطة السلام الأميركية. والنص الذي قدم للدول ال15 الأعضاء في مجلس الأمن السبت ، ينص على أن "المبادرة التي تم تقديمها في 28 يناير 2020 بشأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، تبتعد عن المعايير المتّفق عليها دولياً لحلّ دائم وعادل وكامل لهذا النزاع كما وردت في قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة". وكانت صيغة معدلة لنص أول عرضت الجمعة وتتحدث عن مبادرة "قدمتها الولاياتالمتحدة". وشطبت هذه الإشارة من الصيغة الأخيرة التي تم تسليمها السبت على أعضاء مجلس الأمن الدولي. وكانت الصيغة الأولى لمشروع القرار الذي قدّمه الفلسطينيون بواسطة تونس وإندونيسيا اللتين تشغلان مقعدين غير دائمين في مجلس الأمن، تؤكد أن مجلس الأمن "يأسف بشدة لأن خطة السلام التي قدمتها في 28 يناير الولاياتالمتحدة تنتهك القانون الدولي والمعايير المرجعية لحل دائم وعادل وكامل للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني". لكنّ تخفيف لهجة القرار الذي لا يزال يتضمّن إدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بما في ذلك في القدس الشرقية، ويؤكّد على ضرورة الحفاظ على خطوط التقسيم التي حددت في 1967، قد لا يكون كافيا لمنع الولاياتالمتحدة من استخدام حق النقض (الفيتو) خلال التصويت على النص. وفي صيغته المعدّلة يضيف مشروع القرار على النسخة السابقة فقرة تتضمّن "إدانة كل أعمال العنف ضدّ المدنيين بما فيها أعمال الإرهاب، والأعمال الاستفزازية، والتحريض على (العنف) والتدمير". وحذفت من النص المعدّل الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي حول الشرق الأوسط "في أقرب وقت"، واكتفت النسخة الجديدة من مشروع القرار بالتذكير بأنّ ذلك منصوص عليه في قرار صادر عن الأممالمتحدة في العام 2008. يأتي ذلك بعد أن أقالت تونس مندوبها لدى الأممالمتحدة المنصف البعتي من مهامه. وقالت مصادر سياسية أن البعتي ذهب أبعد مما أرادت السلطات التونسية في ملف الشرق الأوسط، وقدم دعما كبيرا للفلسطينيين يهدد بإفساد العلاقة بين تونسوالولاياتالمتحدة. وأعلنت الرئاسة التونسية السبت أن مندوبها لدى الأممالمتحدة الذي أعفي من مهامه، قام "بخطأ دبلوماسي جسيم" تمثل في توزيع وثيقة ستُعتمد لبلورة مشروع قرار أممي لإدانة الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط بدون التشاور مع سلطات بلاده ودول عربية. وأعلنت وزارة الخارجية التونسية الجمعة إعفاء مندوبها لدى الأممالمتحدة المنصف البعتي من مهامه، معلّلة قرارها "بضعف الأداء وغياب التنسيق" معها في مسائل وصفتها ب"الهامة". واعتبرت رشيدة النيفر المستشارة لدى الرئيس التونسي والمكلفة بالاعلام والاتصال "ان هذا خطأ دبلوماسي جسيم"، وتابعت "أخطاء مهنية قام بها وتتمثل أساسا في غياب التنسيق والتشاور أوّلا مع وزارة الخارجية ومع بقية أعضاء المجموعة العربية التي رشحت تونس لعضوية مجلس الأمن". وكانت مصادر دبلوماسية في الأممالمتحدة ذكرت الخميس أنه تم وضع حد لمهام البعتي على خلفية موقفه من مشروع قرار فلسطيني يدين خطة السلام الأميركية التي أعلِن عنها أخيرا. وأضافت النيفر في تصريح صحفي "قام بتوزيع وثيقة ستُعتمد لبلورة مشروع يُعرض على اجتماع مجلس الأمن القادم. هو قام بتوزيع وثيقة لم يتم التشاور حولها مع رئاسة الجمهورية التونسية ووزارة الخارجية". واعتبرت النيفر ان الأخطاء التي قام بها البعتي "من شأنها ان تؤثر على مدى نجاح تونس في تمرير مشروع القرار الأممي القاضي بادانة صفقة القرن… ويضعف حظوظ مرور هذا المشروع ونحن نصرّ على ان يحظى هذا المشروع بأكبر تأييد ممكن حتى يستطيع ان يمرّ في مجلس الأمن". وينتظر وصول الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الأممالمتحدة الثلاثاء لطرح مشروع القرار للتصويت. وبعد الجلسة سيعقد عباس مؤتمر صحافياً في نيويورك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، وفق بيان للبعثة الفلسطينية في الأممالمتحدة. ورفض الفلسطينيون وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي خطة السلام الأميركية التي أعلنها ترامب وتنصّ على الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، على أن تقام، وفق الخطة، عاصمة لدولة فلسطين المستقبلية في بلدة أبو ديس الواقعة إلى الشرق من القدس. كذلك تنصّ الخطة على ضمّ إسرائيل غور الأردن وأكثر من 130 مستوطنة تقع في الضفّة الغربية المحتلة. من جهته قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل بدأت في رسم خرائط بأراضي الضفة الغربيةالمحتلة التي سيجري ضمها وفقا لخطة السلام التي اقترحها ترامب. وأوضح نتنياهو في تجمع انتخابي بمستوطنة معاليه أدوميم "نحن بالفعل في ذروة عملية رسم خرائط المنطقة التي ستصبح، وفقا لخطة ترامب، جزءا من دولة إسرائيل. لن يستغرق الأمر (وقتا) طويلا". وقال نتنياهو إن المنطقة ستشمل كل المستوطنات الإسرائيلية وغور الأردن وهي منطقة أبقتها إسرائيل تحت الاحتلال العسكري منذ السيطرة عليها في حرب عام 1967 لكن الفلسطينيين يطالبون بها كجزء من دولتهم في المستقبل. وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس "الخارطة الوحيدة التي يمكن القبول بها هي خارطة الدولة الفلسطينية على حدود عام 67 والقدس الشرقية عاصمة لها". وتُجري إسرائيل انتخابات عامة في الثاني من مارس ويأمل نتنياهو الذي يواجه اتهامات جنائية بالفساد في الفوز بفترة خامسة في المنصب. ويرأس نتنياهو حاليا حكومة تصريف أعمال لم تقرر بعد السلطات القضائية سلطتها القانونية لضم أراض. ويشكل المستوطنون جزءا من قاعدة ناخبي نتنياهو اليمينيين كما أن كثيرين من أعضاء حكومته الائتلافية يعتبرون الضفة الغربية منطقة مهمة للشعب اليهودي طبقا للتوراة. وتعتبر معظم الدول المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأرضي التي احتلت خلال الحرب انتهاكا للقانون الدولي. وغير ترامب السياسة الأمريكية لسحب مثل هذه الاعتراضات. ويقول الفلسطينيون إن هذه المستوطنات تجعل أي دولة تقام في المستقبل غير قابلة للاستمرار. وتشير إسرائيل إلى احتياجات أمنية بالإضافة إلى الصلات التوراتية والتاريخية للأراضي التي تقام عليها المستوطنات. وبعد تقديم ترامب الخطة في 28 يناير قال نتنياهو إن حكومته ستبدأ توسيع السيادة الإسرائيلية على المستوطنات وغور الأردن خلال أيام. ولكن واشنطن أبطأت ذلك على ما يبدو وواجه نتنياهو بعد ذلك ضغوطا من زعماء المستوطنين لضم الأراضي رغم أي اعتراضات أميركية. المصدر: الدار- وكالات