أصبحت النداءات أكثر إلحاحاً الأربعاء خلال مؤتمر الأممالمتحدة الخامس والعشرين للتغيّر المناخي المنعقد في مدريد، لتجنّب فشل المفاوضات في وقت لا تزال نقاط كثير عالقة. وقالت الناشطة السويدية من أجل المناخ غريتا تونبرغ أثناء المؤتمر الذي ُيختتم مساء الجمعة، "وعدت مجموعة من الدول الغنية بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة معينة من الآن حتى هذا العام أو ذاك، أو بلوغ الحياد المناخي في غضون عدد معين من السنوات". وأضافت الشابة البالغة 16 عاماً "يبدو هذا الأمر مذهلاً للوهلة الأولى، لكن حتى لو كانت النوايا حسنة، هذه ليست قيادة ولا نرسم المسار بهذه الطريقة، إنها خدعة". وتابعت "لأن غالبية وعودها (الدول) لا تشمل الطيران والقطاع البحري والسلع المستوردة والمصدرة لكنها تتضمن إمكان أن تعوّض الدول انبعاثاتها في أماكن أخرى". وفعلياً، لا يشمل اتفاق باريس للمناخ الموقع عام 2015 والهادف إلى الحدّ من زيادة درجة حرارة الأرض الى درجتين مئويتين، انبعاثات قطاعي النقل الجوي والبحري الدوليين. وتتيح أسواق الكربون التي يتمّ التفاوض بشأن قواعدها حالياً، للدول تعويض انبعاثاتها. وقبل كلمة السويدية التي اختارتها مجلة "تايم" شخصية العام 2019، عبّرت المديرة العامة لمنظمة "غرينبيس" جنيفر مورغان عن "غضبها" على المنبر. وقالت "أشارك في مؤتمرات المناخ هذه منذ 25 عاماً ولم أرَ يوماً مثل هذه الهوة بين ما يحصل بين هذه الجدران وما يحصل في الخارج". وأكدت وسط تصفيق حار أن "الحلول موجودة أمام عيوننا. لكن أين الأبطال؟ أين القادة؟ أين الكبار في هذه القاعة؟". وتابعت مورغان "نعيش أياماً مظلمة في السياسة المناخية. هناك ظلال مخفية في الكواليس: مليارات دولارات قطاع الطاقة الأحفورية الذي يخلق ناساً أغنياء وفاسدين من جهة فيما يحكم على العالم وكل محاسنه وتنوعه بالخراب من جهة أخرى". وقالت "قلب اتفاق باريس لا يزال ينبض، لكن بالكاد". وطُرد عشرات الناشطين الشباب من أجل المناخ والمدافعين عن السكان الأصليين الأربعاء من مركز المؤتمر حيث تُعقد المفاوضات، بعد أن نفّذوا تظاهرة مطالبين الدول بالتحرك في مواجهة التغير المناخي. وقالت مصادر عدة لوكالة فرانس برس إنه تمّ سحب من حوالى مئتي شخص بطاقات دخولهم إلى المؤتمر بعد أن أرغمهم عناصر أمنيون على مغادرة القاعة حيث كانوا يتظاهرون. تؤدي الالتزامات الحالية للدول، في حال احترمتها، إلى ارتفاع حرارة الأرض بنسبة لا تقلّ عن ثلاث درجات مئوية. وبالتالي فإن الدول الموقعة على اتفاق باريس البالغ عددها حوالى مئتين والمجتمعة في مدريد منذ الثاني من كانون الأول/ديسمبر وحتى 13 من الشهر نفسه، تواجه ضغوطاً للإسراع في إيجاد حلول. لكن قبل أربعة أيام من انتهاء المؤتمر، تبدو المؤشرات الطامحة ضئيلة. إذ إن المفاوضات التقنية في الأيام الأولى للمؤتمر الخامس والعشرين لم تتح فعلياً التقدم، وبعض النقاط الخلافية أُرجئت إلى وقت لاحق، بحسب مراقبين. وقال بول واتكينسون مختتماً ليل الاثنين الثلاثاء جلسة لهيئة تفاوضية يرأسها في المؤتمر، "أنا ربما محبط أكثر مما كنت أثناء لقاءات أخرى ترأستها". في الوقت الراهن، تعهدت حوالى 70 دولة تمثّل انبعاثاتها 8% فقط من الانبعاثات العالمية، الوفاء بالتزاماتها المناخية عام 2020. يمكن أن تنضمّ إليها دول أخرى الأربعاء، لكن لن تفعل ذلك أي دولة من تلك التي لديها أعلى نسب انبعاثات، وفق مراقبين. ونددت غريتا تونبرغ التي ألهمت ملايين الشباب في جميع أنحاء العالم، بهذا المؤتمر فقالت "يبدو أنه تحوّل إلى فرصة لبعض الدول للتفاوض بشأن ثغرات وتجنّب رفع (مستوى) طموحاتها". ولاحظت أن "دولاً تجد أساليب ذكية لتجنّب التزام خطوات حقيقية" مشيرةً أيضاً إلى "رفض الدفع" لمساعدة الدول التي تواجه كوارث مناخية. وقال الخبير ألدن ميير من "يونيون أوف كونسورند ساينتيستس"، وهو مراقب منذ وقت طويل للمفاوضات المناخية، خلال مؤتمر صحافي "أثناء الأيام المتبقية، سيترتب على الوزراء ان يثبتوا أنهم سمعوا نداء العلماء والشباب والآخرين الذين طالبوا بالقيام بخطوة سريعة". واعتبر أنه في حال توصلت المفاوضات إلى "نتيجة متواضعة (…) فإن هذا الأمر سيُرسل إشارةً فظيعة إلى العالم". المصدر: الدار أ ف ب