أضفى حراك الشارع الجزائري طابعا سياسيا ممزوجا بالسخرية على مشاركة منتخب البلاد في أمم إفريقيا الجارية بمصر، وتحول جمال بلماضي، مدرب المنتخب المتألق في المنافسة، إلى رجل الإجماع الوحيد في بلاد تعيش أزمة توافق سياسي منذ أشهر. وتولى بلماضي، تدريب المنتخب الجزائري الأول لكرة القدم مطلع غشت 2018، خلفا لرابح ماجر، الذي طالته انتقادات شديدة.
وبلماضي من مواليد 25 مارس 1976، بضواحي العاصمة الفرنسية باريس، من أبوين جزائريين، لعب مطلع الألفية مع ناديي مرسيليا الفرنسي ومانشستر سيتي الانجليزي، كما كان قائدا للمنتخب الجزائري لكرة القدم.
وقبل تدريب الجزائر، خاض بلماضي تجارب في قطر، اعتبارا من 2013، مع أندية محلية والمنتخب الرديف، ثم الفريق الأول للعنابي.
وتجرى كأس الأمم الإفريقية ال32 بمصر في الفترة ما بين 21 يونيو إلى 19 يوليوز الجاري، بمشاركة 24 منتخبا بدل 16 لأول مرة.
وفاز المنتخب الجزائري في مباراته الأولى على كينيا بهدفين دون رد، وتفوق على السنغال في ثاني مواجهة له بهدف نظيف، واكتسح تنزانيا بثلاثية نظيفة، وحل أولا بالعلامة الكاملة (9 نقاط).
وحاز بلماضي، لقب أفضل مدرب في دور المجموعات، حسب تقييم الاتحادية الإفريقية لكرة القدم (كاف)، واعتبر الكثير من النقاد الرياضيين، المنتخب الجزائري أفضل فريق في البطولة الإفريقية لحد الآن.
وفي الدور الثمن النهائي، سحق المنتخب الجزائري نظيره الغيني، بثلاثية نظيفة، منفردا بلقب أحسن هجوم وأحسن دفاع في هذه الدورة، حيث سجل 9 أهداف كاملة من 4 مباريات، وحافظ على شباكه نظيفة، وسيلاقي منتخب كوت ديفوار، الخميس، في دور الربع نهائي.
وعقب التأهل لدور الثمانية خرجت آلاف المناصرين في عدة مدن داخل وخارج البلاد احتفالا بإنجاز أشبال جمال بلماضي، الذي لقي إشادة وثناء كبيرا منهم.
وتزامنت إنجازات محاربي الصحراء وجمال بلماضي، مع أزمة سياسية تعيشها الجزائر منذ شهور، بسبب غياب توافق على شخصيات لقيادة المرحلة الانتقالية بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مطلع أبريل الماضي.
وانتهت دستوريا ولاية الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، الثلاثاء، وسط تساؤلات عن كيفية تسيير الفترة المقبلة، في ظل عدم التوصل لشخصية عليها إجماع وإلغاء الرئاسيات التي كانت مقررة في 4 يوليوز المقبل.
ومع تألق منتخب محاربي الصحراء وخطط مدره جمال بلماضي، صار الأخير محل إجماع وإشادة من طرف الجماهير الجزائرية التي رأت فيه المنقذ الذي أخرج الفريق من نفق النتائج السلبية الذي استمر منذ 2014.
وانتشرت تغريدات على منصات التواصل الاجتماعي، تصف بلماضي، على أنه رجل الإجماع الوحيد حاليا في الجزائر، بالنظر لنتائجه الباهرة التي جمعت الجزائريين على رأي رجل واحد، لأنه المدرب المناسب للمنتخب الوطني.
وعلق موقع إذاعة "راديو أم" الخاصة (إذاعة على النت) بالقول "بلماضي يحقق إجماع الجزائريين في الرياضة في انتظار رجل الإجماع السياسي".
وغرد الصحفي الجزائري بمجموعة "بي إن سبورتس" القطرية ياسين بن لمنور، ب "الشخصية الوطنية الوحيدة التي تلقى الإجماع لحد الساعة هي بلماضي".
وذهب تغريدات ساخرة إلى حد تمني منصب رئيس الجمهورية للمدرب بلماضي، إن تمكن من جلب كأس إفريقيا للأمم إلى الجزائر.
وكتب ناشط على فيسبوك يدعى قاضي رمزي، قائلا "يا بلماضي جيب كأس إفريقيا ومبروك عليك رئيس الجمهورية"، بمعني إذا فزت بالكأس مبروك عليك منصب رئيس الجمهورية.
وغرد أحدهم ويدعي "دودي" على فيسبوك بالقول "لو أن بلماضي يأتي لنا بالكأس سنتفاهم بيينا ونصوت عليه ليصبح رئيس الجمهورية الجديد، ورئيس الحكومة، وقائد الجيش.. وكل شيء".
وتمنى آخرون أن يكون للجزائر رئيس جمهورية بعقلية وتفكير تشبه تلك التي يتوفر عليها جمال بماضي.
وغرّد "نوري سات"، على فيسبوك بالقول "يخصنا (ينقصنا) رئيس جمهورية بنفس عقلية بلماضي حار وغيور على بلاده ودينه".
كما نشر نشطاء على فيسبوك هاشتاغ ساخر (وسم) يتضمن عبارة "جمال بلماضي رئيس الجمهورية" في إشارة للرضى الشعبي عن عمل بلماضي مع المنتخب الجزائري لكرة القدم.
وانتشرت تعليقات على فيسبوك وتوتير ربطت بين تألق المنتخب الجزائري لكرة القدم والحراك الشعبي، الذي امتد مفعوله حتى على فريق كرة القدم واللاعبين والمدرب جمال بلماضي.
وتوقع عديد الجزائريين الفوز بكأس أمم إفريقيا 2019 بمصر، التي جاءت في أعقاب ثورة شعبية أطاحت ببوتفليقة وما زالت مستمرة، تماما مثلما فازت الجزائر بالكأس الإفريقية الوحيدة عام 1990، في أعقاب ثورة شعبية (مظاهرات 5 أكتوبر 1988).
وفي 5 أكتوبر 1988، عمت الجزائر مظاهرات حاشدة خلفت أكثر من 500 قتيل، وكانت إيذانا بدخول الجزائر عهد التعددية الحزبية والسياسية والإعلامية.