سيطر التحفظ والترقب على الأوساط السياسية في الجزائر، بعد دعوة الملك محمد السادس، لإعادة فتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ 1994، وإنشاء آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور. ولم يصدر حتى الآن أي رد رسمي عن السلطات الجزائرية على مبادرة ملك المغرب، ولكن مصدراً دبلوماسياً جزائرياً رفض كشف هويته، أبدى تحفظه على المبادرة، وليس على مبدأ الحوار، حسب ما أوردىه قصاصة لوكالة الأنباء الألمانية. وقال ذات المصدر، إن "توجيه الملك محمد السادس دعوة للجزائر للحوار في الذكرى ال43 للمسيرة الخضراء، يمثل في حد ذاته استفزازاً جديداً من طرف الرباط، وعقبة في طريق إنهاء التوتر الذي يميز العلاقات بين البلدين". والحدود بين الجزائر والمغرب مغلقة منذ العام 1994 بينما تعود آخر قمّة بين البلدين إلى العام 2005. ويمثل النزاع بشأن الصحراء المغربية أحد أكبر المعوقات التي تواجه العلاقات المغربية الجزائرية إذ تدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تطالب بانفصال إقليم الصحراء عن المغرب. وأشار المصدر، إلى أنه على المغرب ألا يزج بالجزائر طرف صراع في قضية الصحراء، ووقف حملات التشويه والاستفزاز، والهجمات الإعلامية ضد الجزائر وقادتها، إذا أراد فعلاً التطلع إلى علاقة قوية مبنية على الاحترام المتبادل هدفها خدمة مصلحة البلدين وشعبيهما، حسب تعبيره. وأضاف، حسب ذات المصدر، أن الجزائر متمسكة بشروطها لإعادة فتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ 1994، خاصةً تدفق المخدرات، ووقف حملات التصعيد المغربية من الجهات الرسمية وغير الرسمية، واحترام موقف الجزائر من قضية الصحراء. وأكد المصدر الدبلوماسي، أن الجزائر لا ترفض إطلاقاً الحوار، بل هي من كانت السباقة إليه، مذكراً بالرسائل التي وجهها الرئيس الجزائري في فبراير الماضي، لقادة المغرب، وتونس، وموريتانيا، وليبيا في الذكرى 29 لتأسيس اتحاد المغربي العربي. وقال بوتفليقة يومها، إن بلاده "متمسكة ببناء المغرب العربي، خياراً استراتيجياً ومطلباً شعبياً"، و"حريصة على النهوض بمؤسسات الاتحاد، وتنشيط هياكله، بما يمكن من الذود عن المصالح المشتركة لبلدانه". ومن جهته، قال سفير الجزائر السابق في إسبانيا، عبد العزيز رحابي، لصحيفة "الخبر" الجزائرية، إنه لأول مرة يلقي الملك محمد السادس خطاباً غير عدواني ضد الجزائر وتجاه الرئيس الجزائري، مشيراً أن ما تضمنه هو محاولة لتسويق مبادرة مغربية لرأب الصدع مع الجزائر، تظهر فيها الرباط بثوب الطرف الذي يمد يده للغير بالصلح لطي صفحات الخلافات. وتساءل رحابي، عن الغاية من البحث عن آليات للتشاور إذا كانت موجودة منذ 1989، في إشارة إلى معاهدة "مراكش" المؤسسة للاتحاد المغاربي، التي نصت على العمل المشترك بعيداً عن قضية الصحراء. وقال الملك في خطاب إلى الشعب المغربي بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين للمسيرة الخضراء السلمية "بكل وضوح ومسؤولية، أؤكد أن المغرب مستعد للحوار المباشر والصريح مع الجزائر الشقيقة، من أجل تجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية، التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين". وأضاف "يجب أن نكون واقعيين، وأن نعترف بأنّ وضع العلاقات بين البلدين غير طبيعي وغير مقبول". وأشار إلى أنّ هذه الآليّة "يمكن أن تشكّل إطاراً عملياً للتعاون، بخصوص مختلف القضايا الثنائية (..) كما ستساهم في تعزيز التنسيق والتشاور الثنائي لرفع التحدّيات الإقليمية والدولية، لا سيّما في ما يخصّ محاربة الإرهاب وإشكاليّة الهجرة".