شهد المغرب، اليوم الأربعاء، إضرابا عاما وصفه قادة النقابات ب"التاريخي"، ليس فقط بسبب نسبة المشاركة التي تجاوزت 80 في المائة على المستوى الوطني، بل أيضا بسبب الرسائل الضمنية التي حملها في طياته، والتي تتجاوز الأرقام لتطرح أسئلة أعمق حول واقع الحوار الاجتماعي وجدوى السياسات الحكومية الحالية في التخفيف من وطأة تدهور القدرة الشرائية في ظل الغلاء الحارق لمختلف السلع والخدمات.
وبهذا الخصوص، أكدت النقابات أن الإضراب حقق نجاحا باهرا، حيث بلغت نسبة المشاركة 100% في قطاعات حيوية مثل الموانئ، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ووكالات توزيع الماء والكهرباء وشركات الطيران وغيرها، حسب تصريحات نقابيين ل"الأيام 24″.
ويبدو أن هذا النجاح لم يكن مجرد تعبير عن احتجاج ظرفي بقدر ما هو مؤشر على تصاعد منسوب الغضب الشعبي والإحباط داخل أوساط الشغيلة المغربية، التي وصفت سياسات الحكومة ب"اللاشعبية" خاصة ما يتعلق بتمرير قانون الإضراب بالاعتماد على أغلبيتها العددية بمجلسي البرلمان عوض اعتماد المنطق التشاركي والتوافقي مع النقابات.
ووصف الميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل،الإضراب بأنه "وسيلة وليس غاية"، مشيرا إلى أن الهدف هو تنبيه الحكومة للعودة إلى طاولة الحوار.
وأكد مخاريق، في تصريح ل"الأيام 24″، أن تأثير الإضراب لم يكن مقتصراً على القطاع العام فقط، بل امتد ليشمل الأبناك، الشركات متعددة الجنسيات، والتجار والحرفيين.
وأضاف أن هذا الامتداد يبرز هشاشة النسيج الاقتصادي الوطني أمام أي تحرك احتجاجي واسع النطاق، لافتا إلى شلل الحركة في موانئ كبرى مثل الدارالبيضاء، أكادير والناظور، مما يطرح تساؤلات حول قدرة الاقتصاد المغربي على امتصاص صدمات اجتماعية بهذا الحجم.
وفي قطاع التعليم، أعلن مخاريق، أنه كان في طليعة المشاركين بنسبة مشاركة 100%، مع مراعاة الامتحانات الدراسية لضمان استمرار العملية التعليمية في حدها الأدنى.
أما في قطاع الصحة، فقد وصلت المشاركة، حسب مخاريق، إلى مستويات غير مسبوقة، حيث أغلقت العديد من المستشفيات أبوابها باستثناء قسم المسعجلات قائلا: "بتوصية منا لأننا نقابة مواطنة وتراعي الصالح العام".
وبحسب الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، فقد تجاوزت تأثيرات الإضراب حدود القطاعات التقليدية لتشمل وزارات حيوية مثل الفلاحة والصيد البحري، حيث بلغت نسبة المشاركة 100 في المائة. كما شهد قطاعا التجارة الخارجية والتجهيز والنقل شللاً شبه تام، مما يبرز الطابع الشامل لهذا الإضراب الذي طال كل الوزارات تقريبا.
واعتبر موخاريق، أن الإضراب العام اليوم لم يكن مجرد تحرك عابر، بل مؤشر واضح على الحاجة الملحة لإعادة النظر في السياسات الاجتماعية وضمان استجابة ملموسة لمطالب الشغيلة المغربية.