لا يزال الغموض يرافق مصير اللاجئين السوريين بالمملكة المغربية، بعد أيام من سيطرة المعارضة السورية على دمشق وإسقاط الرئيس المخلوع بشار الأسد، في الوقت الذي سارعت فيه العديد من الدول الأوروبية إلى تعليق إجراءات منح تأشيرة اللجوء إلى الفارين من أهوال الحرب ببلادهم، وهو ما يسائل المقاربة الحقوقية الدولية التي ستعتمدها الرباط في حق هذه الشريحة.
وأعلن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا على غرار باقي الحكومات الغربية أبرزها إيطاليا وسويسرا وبريطانيا بالإضافة إلى فرنسا والنمسا والسويد على تعليق مؤقتا إجراءات منح بطاقة اللجوء إلى السوريين المقهورين في بلادهم، في إنتظار التطورات السياسية في دمشق.
وحسب فاعلون حقوقيون، فإن "الرباط ملزمة بتنزيل منهجية حقوقية تعكس القواعد الدولية، وهو ما يفرض على المملكة المغربية التريث لإيجاد صيغة قانونية بهدف تقييم وضعية اللاجئين تماشيا مع المستجدات العسكرية في سوريا، وتمتيعهم بالحقوق التقليدية كالتعليم والصحة والسكن".
وقال عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، إنه "في ظل ما قد ينتج عن سقوط نظام بشار الأسد من تحولات سياسية وأمنية، يصبح التعامل مع اللاجئين السوريين في المغرب مسألة تتطلب مقاربة حقوقية شاملة تراعي المعايير الدولية والتزامات المملكة المغربية".
وأضاف تشيكيطو، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "اللاجئين السوريين الذين فروا من ويلات الحرب وطلبوا الحماية في المغرب يحملون حقوقًا إنسانية لا تتغير بتغير الأنظمة السياسية في بلادهم".
وتابع المتحدث عينه أنه "يجب أن تستند سياسة المغرب تجاه اللاجئين السوريين إلى مبدأ عدم الإعادة القسرية الذي يُعد من ركائز القانون الدولي، هذا المبدأ يضمن عدم ترحيل أي شخص إلى بلد قد يواجه فيه خطر التعذيب أو المعاملة القاسية أو المهينة، وهو ما قد يكون محتملًا في مرحلة ما بعد سقوط النظام السوري بسبب الاضطرابات السياسية أو الانتقام المحتمل".
وأشار الفاعل الحقوقي إلى أنه "كما ينبغي أن يتم تعزيز الحماية القانونية للاجئين السوريين داخل المغرب عبر تمكينهم من الحصول على الإقامة القانونية بشكل يتيح لهم التمتع بحقوقهم الأساسية، بما في ذلك التعليم، العمل، والرعاية الصحية، فإدماج اللاجئين في المجتمع المغربي يمثل استثمارًا إنسانيًا يعزز قيم التضامن والتعايش".
وأوضح أيضا أنه "كما يجب على المغرب التعاون مع الهيئات الدولية كالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لضمان حماية اللاجئين السوريين في هذه المرحلة الانتقالية، إذ يمكن أن يشمل ذلك تقديم الدعم المادي والنفسي لمساعدتهم على إعادة بناء حياتهم في المغرب أو مساعدتهم على العودة الطوعية والآمنة إلى وطنهم إذا رغبوا في ذلك".
"حان الوقت في أن تفتح الحكومة النقاشات الإقليمية والدولية حول مستقبل اللاجئين السوريين، نظرا لأهمية تبني حلول مستدامة تحترم حقوق الإنسان وتضمن عودة آمنة وكريمة لمن يرغبون في العودة"، يضيف المتحدث.
وخلص تشيكيطو حديثه قائلا: "التزام المغرب بمبادئ حقوق الإنسان في تعامله مع اللاجئين السوريين يعكس دوره كفاعل إقليمي مسؤول، ويساهم في ترسيخ صورته كدولة تدافع عن الكرامة الإنسانية في كل الظروف".