لم تكد تخبو قضية الاتهامات الموجهة إلى مجلس جهة كلميم واد نون، بتبديد المال العام، عبر رصد الملايين لاقتناء هدايا فاخرة؛ حتى تفجرت زوبعة مماثلة على مستوى نفس الجهة، تتعلق بإطلاق الجماعة القروية تغجيجت التابعة لإقليم كلميم، قبل أيام معدودات، طلب عروض لشراء أصناف من الأزياء الصحراوية ومنتجات أخرى، بغرض تقديمها كهدايا.
الصفقة التي أطلقها رئيس جماعة تغجيجت، الاستقلالي جامع أعرابي، تروم شراء 240 من الأزياء الصحراوية ذات النوع الفاخر، بمختلف أشكالها (الملحفة الصحراوية، الدراعية والفوقية)، إضافة إلى اقتناء 80 زربية تقليدية و80 تذكارا، بغاية تقديمها للضيوف والبعثات في إطار مختلف الأنشطة والمهرجانات التي ستنظم فوق تراب الجماعة المذكورة.
وأثارت هذه الخطوة جدلا واسعا بين الأوساط السياسية والحقوقية والمدنية بالجماعة، وصل حد مطالبة وزارة الداخلية بإيفاد لجنة تفتيش إلى الجماعة للوقوف عند أوجه صرف الميزانية.
عبد الله حزام، الكاتب الجهوي لشبيبة حزب العدالة والتنمية بجهة كلميم واد نون، اعتبر أن ما أقدم عليه المجلس الجماعي لتغجيجت "يناقض الوضعية الاجتماعية الصعبة التي تعانيها المنطقة، التي توقفت بها عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية منذ سنوات".
وقال حزام، ضمن تصريح ل"الأيام 24″، إن صفقة الأزياء الصحراوية تعتبر سابقة من نوعها بالمنطقة، لكونها "تتناقض مع مذكرات وزارة الداخلية التي تدعو المجالس الترابية إلى ترشيد النفقات وتركيز جهودها على الأولويات التنموية وفق برنامج العمل"، معتبرا ما يقع "عنوانا لتبذير المال العام في منطقة تعاني من غياب البنيات التحتية الأساسية".
ويرى الفاعل السياسي والمدني عينه، أنه من المفترض توجيه المقدرات المالية التي رصدت لاقتناء الهدايا الفاخرة، للمساهمة في تنمية المنطقة، وذلك عبر تحسين شبكة الطرق وتوفير الخدمات الصحية في جماعة لا تتوفر منذ أزيد من 10 سنوات على طبيب قار، بالإضافة إلى معضلة البطالة التي تنخر شباب المنطقة ممن باتوا يفضلون الهجرة والمغامرة بحياتهم على متن قوارب الموت من أجل توفير لقمة العيش، دون الحديث عن أزمة الماء الخانقة نتيجة توالي سنوات الجفاف، مما يزيد من معاناة فلاحي المنطقة.
وأبرز الحازم أنه ما أقدم عليه المجلس الجماعي يعكس "خللا واضحا ويبين انعدام الرؤية لدى من يسيرونه في ترتيب الأولويات وتنزيل البرنامج الذي حصل من أجله حصل على أصوات الساكنة"، لافتا إلى أنه "بدل صرف الملايين على اقتناء الهدايا والإطعام وإقامة المهراجانات، يجب توجيهها لتحسين البنيات التحية التي تفتقر إليها الواحة".
وبينما تعذر على "الأيام 24" الحصول على رد جامع أغرابي، بالرغم من الاتصال به في أكثر من مناسبة، سجل عبد الله حزام، أن تلك الأزياء "لا تعكس أصلا الهوية الثقافية لمنطقة تغجيجت والتي تتزين باللباس الأمازيغي التقليدي مثل "الفوقية" للرجال، "أدال" و"الفرطيطة" للنساء"، مضيفا: "إذا كان القصد من وراء توزيع الهدايا هو التعريف بالمنتوج المحلي، فالأجدر تقديم التمور بدل الملابس".