في ظل التحولات الجيوسياسية التي تعرفها المنطقة، وسعي أغلب الدول إلى تعزيز قواتهم الدفاعية عن طريق اقتناء أسلحة عسكرية متطورة تتماشى مع تطورات العصر، تناقش المملكة المغربية مع روسيا في هذا السياق المتسم بالصراعات العسكرية المسلحة إمكانية حصول على منظومة الدفاع الجوي "إس-400″، إلى جانب مصر وقطر والعراق، وفق ما أعلنت عنه وكالة "سبوتنيك" الروسية.
وحسب مراقبون أمنيون فإن الرباط تطمح إلى إحداث توازنات عسكرية عن طريق اقتناء منظومات دفاعية متطورة، في إطار السياسية التي اخترتها المملكة المغربية والتي تتجلى في "تنويع الشركاء"، حفاظا على استقلالية القرار العسكري، حيث تعد هذه الصفقة في حالة إذا تم التوافق بين الطرفين فرصة سانحة لتعزيز الدفاعات الجوية في مواجهة التهديدات المحتملة.
قال هشام معتضد، مستشار في الشؤون السياسية والإستراتيجية، إن "اتجاه المغرب نحو تنويع شركائه في المجال الدفاعي، بما في ذلك تعزيز التعاون مع روسيا عبر اقتناء منظومة "إس-400″، يمكن أن يعكس رؤية استراتيجية متقدمة تهدف إلى تعزيز السيادة الوطنية وتوسيع الخيارات الاستراتيجية"، مضيفا أنه "في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة، يسعى المغرب إلى تحقيق توازن دقيق بين تعزيز دفاعاته والحفاظ على استقلالية قراراته العسكرية، دون الاعتماد الحصري على شركاء تقليديين".
وأضاف معتضد، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "منظومة "إس-400″، التي أثبتت فعاليتها في العديد من مسارح العمليات العالمية، تقدم للمغرب فرصة لتعزيز دفاعاته الجوية في مواجهة التهديدات المحتملة"، مشيرا إلى أن "اقتناء هذه المنظومة سيمنح المملكة تفوقًا تقنيا كبيرا على مستوى التصدي للطائرات والصواريخ الباليستية والمجنحة، وهو ما يعزز قدرتها على حماية أجوائها ومصالحها الاستراتيجية".
وتابع المتحدث عينه أن "التوجه نحو روسيا في هذا السياق ليس مجرد خطوة تقنية، بل يعكس أيضًا مرونة سياسية تعزز مكانة المغرب كدولة تسعى إلى تنويع شراكاتها وتعميق حضورها على الساحة الدولية"، مؤكدا على أن "الشراكة مع روسيا في المجال الدفاعي قد تفتح آفاقًا جديدة للتعاون في مجالات أخرى مثل الطاقة، التكنولوجيا، والصناعات الثقيلة، ما يعزز العلاقات الثنائية بشكل شامل يخدم مصالح البلدين".
ووفق المستشار الأمني المغربي، فإن "التنويع في مصادر التسليح يمنح المغرب مرونة أكبر في التفاوض مع شركائه التقليديين مثل الولاياتالمتحدة وفرنسا"، معتبرا أن "وجود شريك عسكري قوي مثل روسيا قد يدفع هؤلاء الشركاء إلى تقديم حلول أكثر تطورًا وبشروط أكثر تنافسية، ما يعزز الخيارات الاستراتيجية للمملكة".
"اقتصاديا، التعاون مع روسيا في مجال الدفاع قد يتطور ليشمل نقل التكنولوجيا والتصنيع المشترك، وهو ما يمكن أن يدعم الصناعات الدفاعية الوطنية ويخلق فرص عمل محلية"، يضيف المتحدث عينه، لافتا إلى أن "هذه الخطوة ستكون متسقة مع رؤية المغرب لتعزيز استقلاله الصناعي والتقني، وتوفير بنية تحتية دفاعية متطورة تخدم مصالحه على المدى البعيد".
وزاد: "إقليميا، اقتناء "إس-400" سيعزز من قدرة المغرب على الحفاظ على توازن القوى في المنطقة المغاربية، خاصة مع تزايد الإنفاق الدفاعي لجيرانه"، مردفا أن "هذه الخطوة ستعكس التزام المغرب بحماية مصالحه وأمنه القومي مع الحفاظ على موقف متزن ومبني على الردع الاستراتيجي بدلاً من التصعيد".
دبلوماسيا، يرى معتضد أن "التعاون مع روسيا في المجال الدفاعي يمكن أن يعزز العلاقات الثنائية، ويدعم مواقف المغرب في المحافل الدولية، خاصة في ظل التحولات التي يشهدها النظام العالمي"، مستدركا أن "روسيا تُعد لاعبا رئيسيا في الساحة الدولية، والمغرب قادر على الاستفادة من هذه العلاقة لتعزيز مكانته كدولة محورية في شمال إفريقيا".
وأردف أيضا أنه "يبقى التنويع في الشراكات الدفاعية جزءًا من رؤية استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز استقلالية المغرب وتمكينه من اتخاذ قرارات سيادية تخدم مصالحه الوطنية"، موضحا أن "التوجه نحو روسيا، بما يشمله من اقتناء منظومات متطورة مثل "إس-400″، يمثل خطوة جريئة وذكية تعزز من مكانة المغرب كدولة ذات رؤية متقدمة تسعى دائمًا إلى تحقيق التوازن بين احتياجاتها الدفاعية ومصالحها السياسية والاقتصادية".