تفاعلا مع التعيينات الملكية الجديدة في صفوف السفراء، قال الشرقاوي الروداني، خبير في الدراسات الجيوستراتيجية، ومدير مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، إن "هذه التعيينات تدخل ضمن إستراتيجية لتجديد وتعزيز الحكامة الدبلوماسية، وهي إشارة قوية لتفعيل العقيدة الدبلوماسية المغربية التي أصبحت تأخد منحى جديداً فيما يخص تدبير ملف الصحراء المغربية".
وأضاف الروداني، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه "كما جاء في الخطاب الملكي فقد كانت هناك مطالبة بتغيير النهج الإستراتيجي الذي يجب أن يتجاوز التدبير إلى التغيير ومن ثم الحسم. وبالتالي، هذه الخطوة ليست مجرد تجديد للمناصب، بل تعكس رغبة في التكيف الاستباقي مع التحديات المعاصرة التي يواجهها المغرب، لا سيما في الدفاع عن مصالحه الإستراتيجية العليا".
واعتبر المتحدث عينه، أن "هذا التحرك الدبلوماسي ذو طابع جوهري، حيث يشمل دولًا صديقة وشريكة حيوية للمملكة، مما يعكس عمق وتنوع العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف التي يحافظ عليها المغرب على الساحة الدولية".
وتابع أن "هذه الديناميكية الدبلوماسية تأتي في سياق وطني ميزه الخطاب الملكي في 11 أكتوبر أمام البرلمان، حيث منح جلالة الملك توجيهات إستراتيجية جديدة للعمل الدبلوماسي"، مبينا أن "جلالة الملك أكد على تعبئة كافة الأدوات الدبلوماسية المغربية، سواء كانت مؤسساتية، حزبية، أو برلمانية، بهدف تعزيز مكانة المغرب في مواجهة التحديات الجيوسياسية العالمية".
ويرى الروداني، أنه "إذا كان التحرك السابق للسفراء في أكتوبر 2023 قد استهدف شركاء إستراتيجيين تقليديين مثل الولاياتالمتحدة، فرنسا، الصين، مصر، والأردن، فإنه تم توسيع نطاق الحركة الحالية"، مشيرا إلى أنه "تم تعيين خمسة سفراء جدد في دول إفريقية، مما يعزز حضور المغرب وتأثيره في القارة التي تعتبر ركيزة أساسية في السياسة الخارجية المغربية".
وأردف الخبير في الدراسات الجيوستراتيجية أنه "تم تعيين أربعة سفراء جدد في أوروبا، وهي قارة إستراتيجية للتبادل الاقتصادي والسياسي للمغرب، في حين تم تعيين ثلاثة سفراء في آسيا وسفير واحد في منطقة الكاريبي، مما يعكس التزام المملكة بتوسيع شراكاتها والانفتاح على أسلوب دبلوماسي متطور".
وسجل الروداني، أنه "على مستوى البعد الجيوسياسي، يواجه المغرب تحديات كبيرة في مجالات الأمن، التنمية الاقتصادية، والدفاع عن وحدة أراضيه، حيث تبقى قضية الصحراء المغربية محورا أساسيا في السياسة الخارجية"، ملفتا إلى أن "هذا التحرك الدبلوماسي يعزز من قدرة المغرب على حشد حلفائه حول هذا الملف الحساس، مع ترسيخ مواقفه في المحافل الدولية".
وأبرز مدير مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات أن "التحديات الأمنية، لا سيما تصاعد الإرهاب والنزاعات غير المتكافئة في منطقة الساحل وما وراءها، تتطلب دبلوماسية مغربية تتسم بالاستجابة والاستباقية، ومن ثم، يتعين على السفراء الجدد ترجمة التوجهات الملكية والابتكار في التواصل وردع أطروحات الخصوم بمقاربات جديدة تنطلق، أولاً من التطور الذي عرفته العقيدة الدبلوماسية ثم ثانيا الاستثمار في الاستشعار والاستشراف الاستراتيجي للمملكة على مستوى البناء الإقليمي، القاري و الدولي".
وزاد: أن "هذه الحركة الدبلوماسية تجسد رؤية إستراتيجية لجلالة الملك لدبلوماسية مغربية استباقية وحازمة، إذ هي ليست فقط استجابة للتحديات الحالية، بل أيضًا استشراف للتطورات الجيوسياسية المستقبلية، وضمان حضور مغربي قوي ومؤثر في الساحات الإقليمية والدولية".
وخلص الروداني، إلى أن "هذه الخطوة الاستباقية تعكس دبلوماسية قوية ومتطلعة إلى المستقبل، تسعى إلى الحفاظ على سيادة المغرب، تعزيز تحالفاته الاستراتيجية، والدفاع عن مصالحه العليا في عالم دائم التغير".