أثارت الخرجة الأخيرة لوزير العدل عبد اللطيف وهبي بخصوص النفقة المشتركة بين الزوجين، سجالا واسعا بين الجمعيات الحقوقية في المغرب، خاصة بعد أن فتح وزير العدل، الباب على مصراعيه بخصوص مناقشة مقترح تحمّل الزوجة الميسورة للنفقة. وخرجت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة عن صمتها بخصوص النقاش الدائر حول أهمية وضرورة "النفقة المشتركة بين الزوجين" في حالة انعقاد ميثاق الزوجية أو في حالة فكّ الزواج.
وفي هذا الصدد، قالت بشرى عبده، رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة في تصريحها ل "الأيام 24": "أناصر وزير العدل في طرحه وله الحق فيما قاله" قبل أن تحيل على وجود تمثلات اجتماعية لا يمكن تغييبها البتة.
وأكدت عبده، أن النفقة المشتركة بين الزوجين شكّلت أحد المطالب المركزية للحركة النسائية الوطنية قبل أن تجزم بأن الحديث اليوم عن المساواة يستحضر بالضرورة الوقوف عند الحقوق والواجبات بشكل متساو بين الرجل والمرأة.
وأوضحت أن السعي وراء وضع قانون مؤطر بعد تأكيد وزير العدل انشغال الحكومة بإعداد تشريع يؤطر التحول القيمي الذي شهده المجتمع المغربي في الثلاث عقود الأخيرة، لا يخفي حقائق واضحة وملموسة يجب استحضارها، والمتمثلة، على حد تعبيرها، في أن النفقة المشتركة بين الزوجين، واقع يومي تعيشه الأسرة المغربية وأن العمل المنزلي يعدّ أحد أبرز صوره الذي يحتاج إلى تقنين واضح عن طريق التشريعات الوطنية.
وأضافت أنه "لا يمكن إغفال مساهمة المرأة المغربية في النفقة على أسرتها، ولا سيما القيمة المادية للعمل المنزلي الذي تقوم به دون نسيان ضرورة ترجمة ذلك على مستوى تمتعها بحقوقها الكاملة والمتساوية مع الرجل".
وفي سؤالنا عن وجوب مساهمة النساء اللواتي يتوفرن على دخل في نفقة الأسرة من عدمه، أجابت بالإيجاب، وهي تضع معطيات بعينها فوق مائدة النقاش، تتمثل حسب تعبيرها في صعوبة المعيشة في ظل الغلاء الذي يكوي الجيوب، فالحياة وما تستلزمه من مصاريف تتوزع بين الكراء والسكن والسفر والأطفال والمدراس واللهو واللعب والترفيه وغيره، تقف حائلا أمام مسايرتها ولا يمكن للأجر الواحد أن يغطي المصاريف اليومية، تردف موضحة.
ولم تقف عبده، في صفّ من يؤمنون بأنّ "القوامة للرجل"، معتبرة أنّ القوامة يمكن الحديث عنها في فترة الخميسينات وليس في الوقت الحالي الذي نتحدث فيه عن تطور مجتمعي قبل أن تقرّ: "الدولة تنفق على تكوين المرأة وبأن تكون لها مكانتها في المجتمع وبالتالي لا مناص من مساهمتها بأجرها في الحياة اليومية ونحن نعلي صوت القوامة المشتركة والتسيير الإيجابي بين الرجل والمرأة".
وتقاسمت جواب 69.7 بالمائة من المغاربة بنعم على ضرورة مساهمة الزوجة المتوفرة على دخل قار في نفقة الأسر بعد السؤال الذي وجّهته السلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية برسم سنة 2016.
وأفصحت في المقابل أنّ النتائج المعبّر عنها بالأغلبية، سواء في علاقة بمساهمة الزوجين معا في النفقة، والاعتراف بالعمل المنزلي كمساهمة مادية للزوجات في نفقات البيت وباقتسام الأموال المكتسبة في فترة الزوجية بعد الطلاق، يبرز الحاجة الماسّة لتغيير التشريعات الوطنية القائمة في مقدمتها مدونة الأسرة.