إلى حدود صباح اليوم الخميس 15 غشت الجاري، لم يعلن المغرب عن رصد أي حالة إصابة بفيروس "جدري القردة"، الذي استنفر القارة الإفريقية ودفع منظمة الصحة العالمية، أمس الأربعاء، إلى إعلان حالة طوارئ صحية عامة على الصعيد العالمي، عقب امتداد تفشي هذا الوباء الفيروسي من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى دول مجاورة. ويعتبر جدري القردة من الأمراض النادرة التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان، ولا يوجد أي علاج لمكافحته، وعادة ما يستوطن في الدول التي تعجز منظومتها الصحية عن محاصرته، وهو ما يفسر انتشاره ب13 دولة إفريقية مع تسجيل أزيد من 14500 حالة إصابة بارتفاع 160 في المائة و500 وفاة، بزيادة 19 في المائة هذا العام مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية.
وتعمل السلطات الصحية في المغرب من خلال المركز الوطني لعمليات الطورائ الصحية بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية على متابعة الوضعية الوبائية العالمية لهذا الفيروس، مع التحرك الاستباقي لرصد كل الحالات المحتملة على مستوى المطارات والموانئ والمنافذ البرية، قصد تحصين المعابر الحدودية للمملكة ومنع تسلل هذا المرض المعدي.
وأوضح البروفيسور الطيب حمضي الباحث في السياسات والنظم الصحية، أن السلالة الجديدة لجدري القردة "1B" المنتشرة في الآونة الأخيرة بشكل مقلق، سببها هي العدوى التي تحدث عند الاحتكاك المباشر للجلد خلال لمس ملابس الشخص المصاب أو لعابه بين الأسر والأطفال، فيما يعد الاتصال الجنسي واحدا من أبرز أسباب تفشي العدوى.
ونبه حمضي إلى أن هذه السلالة الجديدة يمكنها إحداث طفرات بطريقة أسرع من السلالات السابقة، كما أن معدل الإماتة الذي يصل إلى 3 في المائة مرتفع جدا، مما يوحي بأنها تقتل بدرجة أكثر من سابقاتها.
أما بالنسبة للأعراض الشائعة لهذا الوباء الخطير الذي يعود تاريخ اكتشافه لدى القردة لأول مرة إلى عام 1958 بالدنمارك بينما أصيب به أول إنسان في 1970 في الكونغو؛ فقد حددها حمضي ضمن تصريح ل"الأيام 24″ في الحمى والصداع وآلام العضلات والإرهاق، مع ظهور طفح جلدي على شكل بثور تنتشر على مستوى الوجه وراحة اليدين وباطن القدمين والمناطق التناسلية، كما يمكن أن تصيب عيني المريض أيضا، مشددا على أن خطورته تكمن في أنه قد يودي بحياة المصاب به.
ولم يستبعد المتحدث أن ينتشر جدري القردة بالمغرب شأنه في ذلك شأن باقي الدول، لافتا إلى أن إعلان جدري القردة طارئة عالمية يعني أن جميع الدول الإفريقية والعالمية أصبحت مهددة، وهو ما يحتم عليها القيام بإجراءات احترازية، مع تحسيس المهنيين والمواطنين به وتعزيز اليقظة والمراقبة والاستعداد التقني بما في ذلك تحيين البروتوكولات الرسمية.
وشدد حمضي على أنه بناء على إرشادات منظمة الصحة العالمية وتطورات الوضعية الوبائية بالقارة الإفريقية وعلى ضوء المعطيات التي ستتوفر، سيكون أمام المغرب سن إجراءات لحماية المواطنين والمساهمة في المجهود العالمي لمحاصرة المرض والتقليل من انتشاره عالميا.
من جهته، قال البرفيسور شكيب عبد الفتاح، أستاذ الأمراض المعدية بكلية الطب بالدار البيضاء، إن المغرب ليس بمنأى عن انتقال جدري القردة، خصوصا بعد رصد حالات مؤكدة لدى عدد من الدول الإفريقية.
وأوضح عبد الفتاح في تصريح ل"الأيام 24″، أن هذا الوضع يستوجب على السلطات المختصة اتخاذ جميع التدابير الاستباقية اللازمة والتعامل بسرعة وفعالية مع أول حالة قد يتم رصدها على الحدود، لمنع انتشار عدوى "جدري القردة" بباقي مدن المملكة.
يذكر أنه سبق للمغرب أن سجل حالة إصابة واردة بمرض المانكبوكس، في يوليوز من عام 2022، وكان الأمر يتعلق حينها بحالة وافدة من إحدى الدول الأوروبية، تم رصدها في إطار البروتوكول الموضوع منذ الإعلان عن هذا الإنذار الصحي العالمي، وقد تم التكفل به وفقا للإجراءات الصحية المعتمدة.