وسط شارع محمد الخامس بالرباط وأمام مقر البرلمان، الذي شهد في بداية الأسبوع الجاري المصادقة على قانون المسطرة المدنية المثير للجدل، حج مئات المحامون من مختلف الهيئات، اليوم السبت، بدعوة من "جمعية هيئات المحامين بالمغرب"، احتجاجا على التعديلات التي أتت بها وزارة العدل في القانون نفسه، والتي اعتبرها جسم المحاماة "مخالفة لمضامين الوثيقة الدستورية وضاربة في عمق مبادئ المحاكمة العادلة".
وتأتي هذه الوقفة الاحتجاجية التي جمعت 17 هيئة دفاعية تحت وطأة الشمس الحارقة مما زاد من شرارة الاحتقان، بعد "التوقف" الذي شل الحركة داخل المحاكم على المستوى الوطني بحر الأسبوع الجاري، والذي دعت إليه نفس الجمعية كإعلان عن بداية مرحلة تصعيدية غير مسبوقة.
وحمل المحامون الغاضبون الذين احتجوا ببدلتهم المهنية السوداء بالعاصمة الإدارية، لافتات تحمل عبارات تنديدية ضد الوزارة الوصية عن القطاع، من قبيل "قانون المسطرة المدنية فضيحة تشريعية وانتكاسة حقوقية ودستورية"، و"محاماة قوية، محصنة ومستقلة".
ووجه أصحاب البدلة السوداء انتقادات حادة لوزير العدل، عبد اللطيف وهبي جراء إصراره الشديد على تنزيل قانون "يخالف المقتضيات الدستورية" حسب قولهم، إذ رددوا أمام الحاضرين: "المحاماة حرة حرة.. والوزير يطلع برة"، و"الشعب يريد اسقاط المشروع"…
وفي هذا الصدد، قال أنور بلوقي، نقيب هيئة المحامين بطنحة، إن "هذه الوقفة تأتي من أجل الاحتجاج والتنبيه، لأن قانون المسطرة المدنية يجهز على المقتضيات الدستورية التي جاءت بها الوثيقة سنة 2011″، مشيرا إلى أن "مطالبنا هي مطالب المواطن المغربي الذي يريد التقاضي في المحاكم المغربية".
وأضاف بلوقي، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه "كانت هناك تنبيهات وملاحظات من طرف جمعية هيئات المحامين وأيضا باقي النقباء، غير أن هذه الملاحظات لم يتم أخذها بعين الاعتبار"، مضيفا أن "الإجراءات التي سيتم اتخاذها في الأيام المقبلة ستعرض على طاولة الجمعية لتداولها".
وتابع المتحدث عينه أن "الترافع لا ينتهي هنا وإنما سيستمر وربما بنهج آخر مبتكر، لهذا يتمنى جسم المحاماة تدخل عقلاء وحكماء الوطن لنزع فتيل الأزمة وإنهاء الصراع، وإعطاء الاعتبار للمواطنين وإعطاء جميع الحقوق والحريات".
من جهته، أكد محمد الغلوسي، محام بهيئة مراكش، أن "هذه الوقفة لم يخترها المحامون وإنما إجبارية من أجل التعبير عن موقفهم من قانون المسطرة المدنية الذي يخالف قانون المسطرة المدنية"، مردفا: "لجأنا إلى الاحتجاج لأننا لم نجد مخاطبا معقولا وإنما وجدنا فقط مخاطب يحاول الاستفزاز".
واعتبر الغلوسي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "عنوان هذا المشروع هو تهديد المواطنين الذين يريدون اللجوء إلى القضاء، لأنه يتضمن بنودا من بينها البند 17″، منبها إلى أن هذه "انتكاسة غير مسبوقة في ميدان القضاء والتقاضي".
وأشار الغلوسي، إلى أن "المحامين دائما ما كانوا وسيبقون منفتحين على الحوار من أجل إيجاد الصيغ الملائمة"، وتابع: "نحن نريد فقط قانون يمنح للمتقاضي حقه ويحمي المبادىء الحقيقية للمحاكمة العادلة والولوج المستنير للعدالة".