انطلقت اليوم الخميس في مدينة مراكش، أشغال الندوة الدولية "الجريمة البيئية ودور القضاء في مكافحتها" المصاحبة للمؤتمر السابع عشر لجمعية النواب العموم الأفارقة، الذي تستضيفه المملكة المغربية، ممثلة ب"رئاسة النيابة العامة"، وذلك خلال الفترة من 10 – 12 يوليوز 2024. وتتناول الندوة في جلساتها موضوعات: الإطار القانوني الوطني والدولي لحماية البيئة، الممارسات الفضلى في مجال مكافحة الجريمة البيئية، دور القضاء في حماية البيئة، الحق في بيئة سليمة: حق من حقوق الإنسان.
وفي كلمة بالمناسبة رحب الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة بالمملكة المغربية الحسن الداكي، بالمشاركين في الندوة الدولية "التي تنعقد على أرض المملكة المغربية، مهد السلام وتلاقح الحضارات، وتعايش الديانات والثقافات، وصلة الوصل بين إفريقيا وأوروبا خدمة لعلاقات التعاون جنوب – جنوب القائمة بين المغرب وبين الدول الإفريقية الشقيقة والصديقة، وفق الرؤية الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس".
وأكد الحسن الداكي أن "انعقاد هذه الندوة الدولية يعكس الاهتمام البالغ الذي توليه المملكة المغربية لموضوع البيئة، كما يعكس العمق الاستراتيجي الذي يحظى به هذا الموضوع ضمن السياسات العمومية للدولة" مشيرا في هذا الصدد إلى أن المغرب يواصل جهوده "من أجل تعاون في شتى المجالات بما في ذلك تعاون قضائي فعال ومشترك بين الدول الإفريقية".
وأعتبر المصدر ذاته أن "عقد هذه الندوة بهذا الحجم من الحضور المتميز للخبراء المتخصصين يعد محطة فارقة في تناول موضوع البيئة، نظرا لما يتمتع به المتدخلون والخبراء المشاركون من خبرة ميدانية وتجربة راسخة تتنوع مقارباتها وتتعدد مشاربها من شأنها أن تساهم في إغناء النقاش وبلورة الخطوط العريضة لرؤى مستقبلية تنهل من تلاقح التجارب ، و تؤسس لحوار قضائي بيئي رصين سيشكل أرضية مشتركة لنا جميعا نتَلَمس من خلالها آفاق التعاون وتطوير تجاربنا وفق الممارسات الفضلى التي ستكشف عنها لامحالة تدخلات المتدخلين وتفاعلات الحضور".
وقال الوكيل العام: إن الانشغال "بمستقبل قارتنا الإفريقية يشكل صلب اهتمامنا المشترك الذي تتعدد أبعاده وتتنوع مظاهره، وتبقى البيئة موضوعا مركزيا يشغل بالنا لما له من أهمية وراهنية متجددة تمليها علينا تحديات الواقع البيئي الذي يعيشه العالم عموما وإفريقيا على وجه الخصوص".
وبين رئيس النيابة العامة أن "ما تطرحه التغيرات المناخية والاحتباس الحراري من ضغوط على اقتصاداتنا، وما يتسبب فيه التلوث بمختلف أنواعه، وما يتهدد الثروات الطبيعية والتنوع البيولوجي من تحديات وممارسات منافية للقانون" قد "شكل وسيشكل لنا دافعا قويا للمضي قدما نحو بلورة رؤية مشتركة تجيب على تساؤلاتنا المشروعة بخصوص السبل الكفيلة لرفع هذه التحديات".
وخاطب رئيس النيابة العامة نظرائه الأفارقة المشاركين بالندوة بالقول: إن التحديات التي تثيرها قضايا البيئة، وإن تعددت سبل مواجهتها، فإن تضافر جهود النظم القضائية لدولنا يعتبر أمرا لا محيد عنه وآلية مهمة للتصدي لمختلف أنواع السلوكيات الخارجة عن نطاق القانون في مجال البيئة".
وشدد على أن "التعاون القضائي الدولي في مجال التصدي للجريمة البيئية يشكل آلية مهمة في سبيل تعزيز الجهود الرامية إلى تطويق مختلف أصناف الاعتداء على المجالات البيئية بالنظر للمستوى العابر للحدود الذي أصبحت تشكله الجريمة البيئية خاصة في ظل التحولات الكبرى التي أضحت قارتنا تعيشها على عدة مستويات، سواء الجغرافية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الأمنية أو البيئية، وكذا في ظل الإشكالات التي أصبحت تثيرها التقلبات المناخية وأزمة الغذاء".
وأبرز في كلمته الجهود المبذولة من طرف النيابات العامة بمختلف محاكم المملكة في مجال محاربة كل أشكال الجرائم البيئية، حيث تم برسم سنة 2022 تحريك الدعوى العمومية في 19575 قضية تتعلق بمختلف مجالات البيئة توبع بموجبها 20362 شخصا، أما برسم سنة 2023 فقد تم تحريك الدعوى العمومية في 21645 قضية توبع في إطارها 23297 شخصا، وهو ما يعكس الجهود المتزايدة للتصدي للجرائم البيئية بمختلف أنواعها من قبل مختلف النيابات العامة لدى محاكم المملكة.
ويشارك في الندوة 250 مشاركا من أصحاب المعالي والسعادة النواب العموم، وقضاة النيابة العامة من 34 دولة إفريقية، وممثلو وخبراء من: منظمة الهجرة الدولية OIM، الشبكة الأوروبية للوكلاء من أجل البيئة، مجلس أوروبا، الجمعية الدولية للدعين العاميين، مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والمحكمة الإدارية للاتحاد الإفريقي.
ويشارك في الندوة التي تنعقد على مدى يومين، أيضا: أعضاء المجلس الأعلى للسطلة القضائية، وقضاة ووكلاء عامون للملك، وزارة العدل، والمجلس الأعلى للحسابات، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمديرية العامة للأمن الوطني، الدرك الملكي، وممثلو بعض القطاعات الحكومية المغربية : وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، الوكالة الوطنية للمياه والغابات، وجمعية هيئات المحامين بالمغرب، إذ تناقش جلسات الندوة: الإطار القانوني الوطني والدولي لحماية البيئة، الممارسات الفضلى في مجال مكافحة الجريمة البيئية، دور القضاء في حماية البيئة، الحق في بيئة سليمة: حق من حقوق الإنسان