اعتقلت سلطات بنين خمسة مواطنين من النيجر في ميناء سيمي كبودجي حيث يفترض شحن النفط المستخرج من النيجر إلى الأسواق الدولية. أول أمس نددت السلطات في نيامي بما أسمته " احتجاز واختطاف رهائن" كان ضحيته 5 مواطنين اعتقلوا قبل ثلاثة أيام في ميناء سيمي كيبودجي، الذي يشحن منه النفط الخام المستخرج من آبار أغاديم شرق النيجر بموجب اتفاق موقع بين نيامي بورتو نوفو وشركة البترول الوطنية الصينية سنة 2019. وحدر النظام العسكري الحاكم في النيجر أنه سيتخذ " كافة الترتيبات" للإفراج عن مواطنيه" دون شروط"، وأنهم جميعا موظفون في شركة "وابكو" التي تدبر نقل البترول. لكن بنين، على لسان المدعي الخاص لدى محكمة محاربة المخالفات الاقتصادية والإرهاب تقول إن" إثنين على الأقل من هؤلاء الأشخاص عملاء في خدمة "المجلس الوطني من أجل حماية الوطن" الهيئة الحاكمة في نيامي.
وأوضح المدعي الخاص خلال ندوة صحفية أنه " بدل الدخول من الباب الرئيسي وتسجيل أسماءهم، فضل هؤلاء الأشخاص استعمال بوابة أخرى، واستعملوا لذلك بطاقات مزورة كعمال لدى شركة " وابكو". هذا الحادث جاء ليزيد من تسميم العلاقات بين بنينوالنيجر والتي تعيش فتورا منذ الانقلاب العسكري في نيامي (يوليوز 2023). ويتهم النظام العسكري في النيجر سلطات بورتو نوفو بالسعي لمنعه من مراقبة شحن البترول على سفينة ضخمة وصلت إلى المياه الإقليمية لبنين نهاية ماي الماضي.
وندد وزير العدل في ندوة صحفية مشتركة مع نظيره المكلف بالنفط، قائلا " لا مجال لترك شريك وحده يدبر مواردنا لأي سبب من الأسباب. لا يمكن تدبير ممتلكات دولة النيجر بالوكالة". فيما أعلن وزير النفط عن قرار إغلاق أنبوب النفط بين أغاديم وميناء سيمي كيبودجي ما لم يتم الافراج عن المعتقلين. وحسب المعلومات المتوفرة حاليا فإن شحنة 135000 طن من البترول الخام محاصرة حاليا على متن السفينة.
والرهان المالي كبير في هذه الازمة سواء بالنسبة لنيامي أو بوتو نوفو أو بكين. فخط أنابيب أغاديم الذي تم تدشينه في نونبر 2023 على طول 2000 كلم، يفترض أن ينقل أزيد من 90000 برميل نفط يوميا انطلاقا من آبار النفط في شرق النيجر حتى سواحل دولة بنين. لكن منذ ذلك الوقت توقف تصدير النفط الخام عبر هذا الانبوب (الذي كلف استثمار أكثر من 7 مليار دولار من جانب الصين) بسبب رفض النيجر إعادة فتح حدودها مع بنين التي أغلقت عقب انقلاب 2023. وهو قرار يرهق كثيرا اقتصاد بنين لان التصدير والاستيراد من وإلى النيجر يمثل حوالي ثلث النشاط التجاري السنوي بميناء كوتونو. كما أن الازمة الاقتصادية التي يعيشها النيجر منذ الانقلاب، تجعل الحاكمين في نيامي يعولون كثيرا على عائدات مبيعات النفط لإنعاش خزينة الدولة. والرئيس البينيني باتريس تالون يعرف ذلك جيدا ويستعمل هذا السلاح لإجبار النيجر على إعادة فتح الحدود. وفي بداية ماي طرح الرئيس باتريس تالون إعادة فتح الحدود كشرط لاستئناف تصدير النفط الخام في الوقت الذي وصلت ناقلة نفط ضخمة إلى المياه البنينية لشحن 135000 طن. لكن دون جدوى وفي 11 ماي جدد الوزير الأول النيجري لامين زين استمرار إغلاق الحدود لأسباب أمنية، واتهم جارته بإيواء "قواعد فرنسية" في الشمال بغرض "تدريب الإرهابيين لزعزعة استقرار" النيجر. هذه الاتهامات نفتها باريسوبنين، البلدان الحليفان اللذين ابديا تأييدا واضحا لخيار تدخل عسكري إقليمي في النيجر كان مطروحا من أجل إعادة الرئيس المطاح به محمد بازوم، الذي ما يزال معتقلا مع زوجنه في القصر بعد مرور 11 شهرا على الانقلاب.
وتمكنت وساطة صينية بين نيامي وكوتونو في منتصف ماي الماضي من اقناع الرئيس باترك تااون من مد يده للنظام العسكري بالسماح لشحنة أولى من النفط من ميناء سيمي كيبودجييوم 19 ماي. لكن الخلاف لايزال قائما ، ويطلب من بكين، أرسلت بنين وفدا حكوميا إلى نيامي على أمل فتح الحدود مجددا أو على الأقل الحصول على استثناء يسمح بتصدير النفط.
وفي غياب هذا الحد الأدنى، تبقى كل الإجراءات الجمركية المتعلقة بعبور النفط مستحيلة بين البلدين من الناحية القانونية. الوفد البنيني عاد إلى بلاده خاوي الوفاض، بل إن زعيم العسكريين في نيامي رفض استقبال وزير المعادن والطاقة البينيني. وعلى إثر هذا الفشل أوضح رئيس بنين "أن الطرف النيجري لم يقدم أي جواب على انشغالاتنا (..)وليس هناك أي سبب يبرر مخاوف وموقف إخواننا في النيجر. وزمن الاحتجاج والعقوبات بسبب الانقلاب الذي وقع في النيجر قد ولى". لكن قادة النيجر الجدد ما زالوا متمسكين بموقفهم.