لم يكن تلويح جبهة البوليساريو الانفصالية بالخيار العسكري بشكل مفاجئ معزولا عن الوضع الداخلي للجزائر التي تعيش أزمة اقتصادية وسياسية خانقة، ما يجعلها تلجأ إلى ورقة التصعيد مع المغرب لإلهاء الشارع الجزائري عن ظروفه الصعبة وتبرير سياسة الهروب إلى الأمام التي دأبت السلطات الجزائرية على اعتمادها مع كل أزمة حادة. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية عما يسمى "وزير الدفاع" في (البوليساريو) عبدالله لحبيب قوله إن الجبهة الانفصالية مستعدة “لأي طارئ أو احتمال من أجل انتزاع حق الشعب الصحراوي في الاستقلال وتقرير المصير”.
وقال متابعون للشأن المغاربي إن التلويح بالعمل العسكري من طرف القيادي الانفصالي ليس له ما يبرره على الأرض، فالمعادلة العسكرية تراوح مكانها، فضلا عن أن مختلف الفرقاء ينتظرون أفكار المبعوث الأممي الجديد إلى الصحراء هورست كوهلر ومبادراته لتحريك المفاوضات، مشيرين إلى أن هذا التصعيد لا يعدو أن يكون ورقة جزائرية ولاعتبارات داخلية تهدف من ورائها إلى تسليط الأضواء على قضية خارجية للتغطية على فشل السلطات في إدارة الأزمة المالية الخانقة في ضوء عجز تجاري غير مسبوق.
وأعلنت الجزائر منذ أيام عن شروعها في عملية طبع العملة المحلية (الدينار) لسد عجز في الخزينة يفوق 5 مليارات دولار، عن إطار آلية “التمويل غير التقليدي”، لكن خبراء ومختصين حذروا من أن هذا الإجراء سيؤثر على معدلات التضخم، التي سترتفع معها الأسعار وتنهار القدرة الشرائية للجزائريين.
ويعزو مراقبون هذا التصعيد الكلامي للوزير الانفصالي إلى التغطية على حالة العجز داخل البوليساريو ذاتها، حيث قالت مصادر من الاتحاد الأوروبي إن الجزائر حجبت 12 مليون دولار عن البوليساريو كما امتنعت عن تحديث الترسانة التسليحية للجبهة بسبب أزمتها المالية، فضلا عن أن البوليساريو تحولت إلى عبء ثقيل يربك موازنة الجزائر.
وأكد صبري الحو، الخبير المغربي في نزاع الصحراء، ل”العرب”، أن ما يعمق من أزمة البوليساريو هو ظهور حركة داخلية غاضبة من خيارات الجبهة، نجحت في استغلال انعدام الثقة وحالة الشك لدى سكان المخيمات تجاه استبداد وعجز قيادة البوليساريو لسحب البساط من تحتها.
وتحاول الجزائر كبح سرعة تفوق المغرب إقليميا وقاريا ما توج بعودته إلى الاتحاد الأفريقي، وذلك بخلق توتر على حدوده الجنوبية، وكذلك إعاقة أي تعاون اقتصادي وسياسي عميق مع دول أفريقية كانت تعتبرها حليفة لها، فضلا عن إرباك خطة المبعوث الأممي لتحريك المفاوضات بين الأطراف المتنازعة لمنعه من قطع خطوات عملية في وقت غير مناسب لها وللبوليساريو.