في إطار جولته الإقليمية التي أسالت الكثير من الحبر، وفي زيارة غير معلن عنها إلى المملكة المغربية في سياق العملية السياسية لملف الصحراء التي تقوم بها الأممالمتحدة، التقى وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء ستيفان دي مستورا، أمس الخميس، من أجل إجراء مباحثات حول قضية الصحراء.
وتأتي هذه الزيارة الأممية قبل أيام من عقد مجلس الأمن الدولي جلسة مشاورات دورية مغلقة، من المنتظر أن تناقش من خلالها تطورات قضية الصحراء، في الوقت الذي حرص فيه رئيس الدبلوماسية المغربية ناصر بوريطة على التأكيد على ثلاث لاءات بشأن ملف الصحراء، أبرز خطوطها العريضة: "لا عملية سياسية خارج إطار الموائد المستديرة التي حددتها الأممالمتحدة، بمشاركة كاملة من الجزائر"، و"لا حل خارج إطار المبادرة المغربية للحكم الذاتي"، و"لا عملية سياسية جدية، في وقت ينتهك وقف إطلاق النار يومياً من قبل مليشيات البوليساريو".
وحسب بيان وزارة الخارجية المغربية، فإن المباحثات بين بوريطة ودي ميستورا جرت "في جو تطبعه الصراحة والروح الإيجابية البناءة"، بحضور عمر هلال، مشيرة إلى أن زيارة دي ميستورا تأتي في إطار جولة إقليمية لدى الأطراف الواردة في قرار مجلس الأمن 2703، من أجل إعادة إطلاق العملية السياسية للموائد المستديرة بمشاركة المغرب والجزائروموريتانيا و"البوليساريو"، باعتبارها الإطار الوحيد الذي حددته قرارات مجلس الأمن للتوصل إلى حل سياسي وواقعي وعملي ودائم وقائم على التوافق.
تفاعلا مع الموضوع، قال عبد السلام البراق شادي، خبير دولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع، إن "زيارة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا للمغرب تندرج في إطار خطته لإحياء العملية السياسية في ملف الصحراء المغربية الذي تحاول الجزائر من خلال تسخير ميليشيات "البوليساريو" نسفها وإعادة الملف إلى مربع الصفر لفرض توازنات جديدة تناسب خططها البومدينية وتحقيق حلم هيمنتها الإقليمية على محيطها المباشر".
وأضاف البراق شادي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "بلاغ وزارة الخارجية المغربية يترجم الموقف الثابت للمملكة المغربية والإيمان الراسخ بعدالة القضية الوطنية، لذا كان واضحا في لغته، دقيقا في مراميه استنادا إلى مبادئ أساسية المسؤولية والشفافية والصراحة، من خلال تأكيده على استراتيجية الأممالمتحدة لمعالجة إشكاليات هذا الملف المعتمدة بشكل أساسي على الموائد المستديرة والحوار الاستراتيجي المباشر مع جميع الأطراف الفاعلة والمؤثرة خاصة الأطراف الأربعة (المغرب، الجزائر، موريتانيا، جبهة البوليساريو)".
وتابع المتحدث عينه أن "نفس الطرح الذي تلتزم به الديبلوماسية المغربية وفق الرؤية الملكية المستنيرة بتشبثها بالمسلسل السياسي من خلال استئناف مسار "الموائد المستديرة"، بالنسبة للمغرب البحث عن حل سياسي نهائي ينبغي أن يندرج في إطار معايير أساسية".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "أولى هذه المعايير: السيادة الكاملة للمغرب على صحرائه ومبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لحل النزاع المفتعل، وثانيا المشاركة الكاملة لجميع الأطراف في البحث عن حل نهائي لهذا النزاع المفتعل وبشكل خاص الجزائر باعتبارها طرفا أساسيا في هذا النزاع".
"أما المعيار الأخير استهداف ميليشيا البوليساريو الأمن القومي للمملكة المغربية يقوض كل جهود السلام وينسف عملية التفاوض ويهدد الأمن الإقليمي برمته، وبالتالي فالاحترام التام للمبادئ والمعايير التي كرّسها مجلس الأمن في جميع قراراته منذ 2007 خاصة قرارات مجلس الأمن رقم 2602 و2703، والذي يدعو كل الأطراف إلى التوصل إلى حل سياسي واقعي، عملي، مستدام، وقائم على التوافق للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية ورفض أي اقتراح متجاوَز والذي أكد الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن منذ أكثر من عشرين سنة بطلانه وعدم قابليته للتطبيق والهادف إلى إخراج المسلسل السياسي الحالي عن المعايير المرجعية التي حددها مجلس الأمن (الاستفتاء) يبقى الحل الوحيد لهذا النزاع المفتعل"، يورد المتحدث.