بعد ثلاث سنوات من "الفتور الدبلوماسي"، فتح المغرب وفرنسا فصلا جديدا في كتاب العلاقات الثنائية بين البلدين، من خلال الزيارة التي أجراها وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورني، إلى المملكة المغربية، أمس الاثنين، التي عبر من خلالها في ندوة صحفية مشتركة مع نظيره ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، على "رغبة بلاده في تدشين مرحلة جديدة في العلاقات وطي صفحة الخلافات السابقة". مؤشرات الدفء والود، عادت إلى أحضان العلاقات بين الرباط وباريس، حيث بدا واضحا من خلال تصريحات الجانبين، علما أنهما اتفقا على تأسيس شراكة جديدة متعددة الجوانب والأبعاد، مع تنزيل خارطة طريق طموحة على مدى العقود الثلاث المقبلة، لمسح آثار الجفاء الدبلوماسي الذي شاب ماضي العلاقات بين الدولتين.
تعليقا على هذا الموضوع، قال محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ علم السياسة والسياسات العامة بجامعة القاضي عياض بمراكش ومدير المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء، إن "زيارة وزير الخارجية الفرنسي للمغرب، أعلن من خلالها على دعم بلاده لمبادرة الحكم الذاتي، وهذا الموقف دأبت عليه الدبلوماسية الفرنسية على المستوى الأممي وأيضا الأوروبي، لكن الأساسي من هذه الزيارة أنها تجاوزت مرحلة سوء الفهم وفتحت باب التواصل من أجل تجديد أواصر الثقة بين البلدين".
وأضاف بنطلحة الدكالي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "هذه الزيارة أسست عهدا جديدا في نسيج العلاقات الثنائية بين الرباط وباريس"، مشيرا إلى أن "الندوة الصحفية المشتركة بين ناصر بوريطة ونظيره ستيفان سيجورني، أكد الجانب الفرنسي أن بلاده تريد حل النزاع مع دعم جهود المبعوث الأممي لإعادة المفاوضات".
وتابع المتحدث عينه أن "الوزير الفرنسي تحدث عن البرغماتية، وهنا أرجع إلى هذا المصطلح الذي يقوم على المبادئ النفعية التي لا تعير أي اهتمام للقيم، حيث تتعامل مع الوضع السياسي بشكل واقعي، وليس كما ينبغي أن يكون للوصول إلى النتائج المرجوة".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "سيجورني أشاد بالمبادرات التي يقوم بها المغرب في الأقاليم الجنوبية، حيث بين على أنه سيقوم بجولة تشمل هذه الأقاليم التي تعرف تنمية متسارعة، في حين ستعرف هذه العلاقات تطورات كبيرة في انتظار زيارة شخصيات حكومية فرنسية للمغرب".
وأردف أيضا أن "الهاجس الاقتصادي يبقى أساسيا في العقيدة الدبلوماسية الفرنسية، خاصة أن الطرف الفرنسي أكد على ضرورة وضع خارطة طريق لبناء شراكة تمتد لثلاث عقود".
وزاد: "الوزير الفرنسي أكد على أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، وأن صاحب الجلالة الملك محمد السادس أحدث ثورة داخل وخارج المملكة المغربية"، مؤكداً على أن "المغرب أصبح قوة إقليمية صاعدة في علاقته المتعددة الأقطاب مع القوى العظمى".
وخلص بنطلحة حديثه قائلا: "وزن المملكة المغربية وقوتها الحالية أشار إليها ناصر بوريطة، في نفس الندوة الصحفية، بعدما أكد على أن الرباط تقدم مصالح كثيرة لشركائها وأيضا للمنتظم الدولي".