Getty Images نبدأ جولتنا في الصحف الصادرة الخميس من صحيفة "الجيروزاليم بوست" الإسرائيلية التي نشرت مقالاً للكاتب الصحفي دوغلاس بلومفيلد من واشنطن، والذي عمل سابقاً رئيساً للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية "أيباك"، وذلك تحت عنوان "هل يمكن لإسرائيل أن تكسب الحرب وتخسر السلام؟". يركز الكاتب في مقاله على نقطتين هما: إن الحكومة الإسرائيلية "تخبطت في حربها على غزة"، وإن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو "المشكلة وليس الحل". يقول الكاتب إنّ التخبط الإسرائيلي جاء نتيجةً لأسباب عدة من بينها "فشل الحكومة الإسرائيلية في معرفة نوايا حماس وقدراتها، واعتمادها المفرط على التكنولوجيا على حساب المصادر البشرية، إضافةً إلى أجندتها السياسية المتطرفة، والجرعة الزائدة من الغطرسة، مع بعض من التحيز الجندري البشع". ويرى كاتب المقال أنّ من بين نتائج التخبط الإسرائيلي أيضاً ظهور تصدعاتٍ في الدعم غير المسبوق لإدارة بايدن لإسرائيل والذي كان في بداية الحرب مع افتقار الحكومة المتطرفة لأيّ خطةٍ لإنهاء الصراع أو الاستعداد لما بعد الحرب في غزة المدمرة. ويشير إلى أنّ قائدين سابقين بارزين للمؤسسة الأمنية في إسرائيل وهما عامي أيالون، الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، وإفرايم هاليفي، الرئيس السابق لهيئة الاستخبارات والمهمات الخاصة "الموساد"، وجها انتقاداتٍ لاذعة لتعامل الحكومة الإسرائيلية مع الأزمة في نقاش رعته منحة كارنيغي للسلام الدولي. وينقل الكاتب عن القائدين الإسرائيليين قولهما إنّ حماس كانت تراقب ما يجري في إسرائيل أكثر مما كانت الأخيرة تراقب ما يجري في غزة، وإنّ حماس استغلت ظروف الانقسام داخل إسرائيل وتركيز الحكومة على ضم الضفة الغربية، ظناً منها أنّ حماس لا تريد الحرب، وهو ما دفعها أيضاً إلى سحب المزيد من القوات المرابطة على الحدود مع غزة ونقلها إلى الضفة الغربية والحدود الشمالية مع لبنان. ويضيف الكاتب بأنّ الجيش الإسرائيلي والقيادة السياسية في إسرائيل تجاهلا تحذيرات من العناصر الأمنية التي تراقب الحدود مع غزة، لا لأن الحكومة كانت واثقة من أنّ حماس لا تريد الحرب فقط، بل لأن التحذيرات جاءت من نساء. ويقول الكاتب "الآن وبعد أن دخلنا الشهر الثالث من الحرب، لا يزال من المبكر القول كيف ومتى ستنتهي. وما تزال إسرائيل تفتقد لخطةٍ واقعية لليوم التالي من انتهاء الحرب". * كيف أعدّت حماس قوة لضرب إسرائيل في السابع من أكتوبر؟ * من هو بنيامين نتنياهو الزعيم الإسرائيلي "العنيد"؟ * إسرائيل عازمة على إتمام العملية في غزة رغم معاناة المدنيين ويرى الكاتب أنّ المعضلة تكمن في أنّ إسرائيل اعتقدت أنّ بإمكانها إبرام اتفاقيات سلام مع الدول العربية المعتدلة متجاوزة ًالفلسطينيين، فهي لا تؤمن بحل الدولتين الذي يؤمن به أيالون وهاليفي وأمريكا وروسيا والصين وأوروبا. ويقول الكاتب إنّ هذا الأمر أدركه الرئيس الأمريكي جو بايدن عندما قال إنّ الحكومة الإسرائيلية "لا تريد حل الدولتين" وإن قصفها "العشوائي" لغزة والحصيلة العالية للقتلى المدنيين هي من بين الأسباب التي جعلت إسرائيل "تبدأ بفقدان" دعم الرأي العام الدولي. ويختم بالقول إنّ دعوة بايدن لنتنياهو لإجراء تعديل على حكومته لن تجدي نفعاً لأن الخلل يكمن في القمة، "فأنت لست بحاجة لأن تكون رئيس الموساد أو الشاباك أو رئيس الولاياتالمتحدة لكي تدرك أن بيبي (نتنياهو) هو المشكلة وليس الحل". ننتقل إلى صحيفة "الغارديان" البريطانية التي نشرت مقالاً للأكاديمية الفلسطينية غادة عقيل، أستاذة العلوم السياسية الزائرة بجامعة ألبيرتا بكندا، وهي لاجئةٌ فلسطينيةٌ من خان يونس في قطاع غزة، فقدت 36 شخصاً من أفراد عائلتها في الحرب الإسرائيلية على القطاع. يركز المقال على محنة اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، والذين كانوا قد فروا للنجاة بحياتهم إبان تهجير الفلسطينيين عام 1948 أو ما يعرف عربياً بالنكبة، ولجأوا إلى القطاع لكنهم يواجهون الآن نكبةً جديدة في ظل القصف الإسرائيلي المتواصل الذي يدفعهم للنزوح من مكان لآخر طلباً للأمان المفقود. وتروي غادة قصة التشرد والنزوح المتواصل داخل قطاع غزة لشقيق زوجها "أبو عصام" البالغ من العمر 88 عاماً وزوجته "أم عصام" البالغة من العمر 84 عاماً، وكيف اضطر أبو عصام اللاجئ الفلسطيني من قرية "السوافير" التي كانت تقع على طريق المجدل- يافا على الفرار منها بعيد قيام دولة إسرائيل. وتقول الكاتبة إنّ "أبو عصام" اضطر للنزوح أكثر من مرة منذ بدء الحرب على غزة، وفي كل مرةٍ كان المكان الذي يلجأ إليه يتعرض للقصف الإسرائيلي موقعاً ضحايا من أفراد عائلته والجيران. وتشير غادة إلى وجود الآلاف مثل "أبو عصام" و"أم عصام" في قطاع غزة، والذين نزحوا ربما للمرة الخامسة أو السادسة، ويواجهون المجاعة في ظل ظروفٍ مزريةٍ من قلة الحمامات وتوفر الحد الأدنى من الطعام والماء. وتتحدث في المقال عن الأحلام التي ضاعت مستشهدةً بقصة عمر الذي عمل في الإمارات لمدة 15 عاماً كي يشتري بيتاً، وبعد أن جهز بيته جاء القصف الإسرائيلي ليحوله إلى ركام. وتقول إنّ "أبو عصام عاش النكبة مرتين، وفي كل مرة كان المجتمع الدولي، بقيادة الحكومات الغربية، يقف متفرجاً بتواطؤ كامل". وتختم قائلة إنّ "الفلسطينيين لن ينسوا أبداً ولن يسامحوا". Getty Images آلاف الفلسطينيين نزحوا أكثر من مرة داخل قطاع غزة بسبب القصف الإسرائيلي وفي صحيفة "القدس" الفلسطينية، نطالع مقالاً للكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني منير الغول بعنوان "اليوم التالي للحرب في غزة". يقول الكاتب إنّ الحديث كثر عن اليوم التالي بعد نهاية الحرب في قطاع غزة، وحول من سيحكم القطاع ويرممه وعمن يساعد القطاع على النهوض مما وصفها بالآثار الكارثية التي تسبب بها القصف الإسرائيلي والدمار الهائل الذي يحتاج لسنوات طويلة من الإصلاح. ويرى أنّ هذا النقاش سابقٌ لأوانه "فالحرب لم تنته ولا تزال هناك معارك ضارية بين الجيش الإسرائيلي والمقاومة المسلحة بغزة، ولكنّ الإدارة الأمريكية تريد أن تفرض واقعاً جديداً من خلال فرز السلطة الحاكمة التي ستقود القطاع في المرحلة التالية بعد الحرب". ويقول الكاتب إن الرد الفلسطيني على هذا الحديث "كان واضحاً بأنّ الشعب هو من يقرر ذلك والأرض فلسطينية ويجب أن تبقى تحت سيادة وسلطة الشعب الفلسطيني وقيادته ويجب أن ينعم هذا الشعب بحياة حرة وكريمة بعد نهاية الحرب". ويستدرك قائلاً "صحيح أن الشعب الفلسطيني في غزة عانى لسنواتٍ طويلةٍ من الحصار ولا يزال حتى الان، وهو الأمر الذي لم يمكنه على الإطلاق من التمتع بأيّ شكل من أشكال الرفاهية والعيش براحة، ولكن في نهاية المطاف هو من يقرر شكل القيادة في قطاع غزة ومن حقه ذلك". ويشير إلى أنّ الحديث عن وجود "قيادة لقطاع غزة غير قيادة وطنية فلسطينية يعتبر ضرباً من الخيال وسابقاً للأوان". ويشير كاتب المقال الى "صراعٍ أمريكي إسرائيلي كان من وراء الكواليس وأصبح معلناً اليوم على الملأ فالولاياتالمتحدة لم ترق لها التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي قال إن الإدارة المدنية هي التي ستحكم القطاع بعد نهاية الحرب، بينما تسعى الولاياتالمتحدة لإدارة فلسطينية لضمان عدم تهجير وقتل مزيد من المدنيين الفلسطينيين وهو الأمر الذي لا ترضى به إسرائيل وسيثير مزيداً من الخلافات بين الجانبين". ويخلص إلى القول إن "الأهم من كل هذا هو أنّ الحديث عن حق الفلسطينيين بدولة مستقلة هو حديث منطقي لإنهاء هذا الصراع المؤلم، ونعتقد أن ذلك سيأخد وقتًا أطول من المباحثات في دهاليز السياسة".