تكثف الجزائر تحركاتها الديبلوماسية في إطار ما تسميه "إيجاد حل سياسي للأزمة في النيجر"، ومحاولتها لعب دور الوساطة، في الوقت الذي يكتفي فيه المغرب بمراقبة الوضع دون تدخل مباشر في الموضوع وأعلنت الجزائر، أول أمس الخميس- أنها أوفدت الأمين العام لوزارة الخارجية لوناس مقرمان إلى النيجر، ضمن مساعيها للوساطة، مشيرة إلى أن هذه الزيارة تأتي "في إطار المساعي الحثيثة والمتواصلة للجزائر بشأن الإسهام في إيجاد حل سياسي للأزمة التي تعيشها النيجر".
تحرك مغربي بعيدا عن الأضواء
وفي هذا الصدد، أكدرشيد لزرق، رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، أن المغرب يتحرك بعيدا عن الاضواء لكونه غير معني مباشرة بتداعيات الانقلاب في النيجر . وأضاف لزرق أن الموقف المغربي عبر عنه محمد لعروشي، السفير الممثل الدائم للمملكة لدى الاتحاد الإفريقي واللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة، في اجتماع لمجلس السلم والأمن الإفريقي حول الوضع بالنيجر، الذي أكد من خلاله على أن المغرب يثق في حكمة شعب النيجر وقواه الحية للحفاظ على المكتسبات، وعلى دوره الإقليمي البناء والهام. وسجل المتحدث ذاته أن للمغرب علاقة جيدة مع كل المتدخلين وأطراف النزاع، ورغبته في حماية وتعزيز مصالح النيجر الوطنية، ووقوفه في نفس الوقت على مسافة واحدة من الجميع، مشيرا إلى أنه يمكن فهم دوافع الموقف المغربي انطلاقا من حرصه على الوصول لحل سياسي للأزمة وحث كافة الأطراف المعنية بالبحث في الخيارات السلمية التي تنهي الأزمة وتحقق مصالح الشعب النيجر للأزمة وتراعي مخاوفهم.
وتابع قائلا "لذا فضل المغرب دبلوماسية العمل بعيدا عن الاضواء لابقاء كافة قنوات الاتصال والحوار مفتوحة مع الجميع بما يؤهله، أكثر من غيره، للعب دور، وربما التوسط، في إنهاء هذه الأزمة والحيلولة دون تفاقمها وتصاعدها بشكل يهدد الأمن والسلم الدوليين، بخلاف الجزائر التي هي معنية مباشرة بالانقلاب بفعل الحدود المشتركة مع النيجر اكتر 900 كلمتر و ما لذلك من مخاطر أمنية وتوترات على الداخل الجزائري خصوصاً في حال وجود تدخّل عسكري وهو ما يقلق الجزائر.
تريث مغربي وتعنت جزائري
وأكد رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية أن الجزائر بحاجة إلى تنسيق مع المغرب ودول المنطقة بغاية احتواء الأزمة، بسبب الاعتبارات السياسية والحدود والجوار الأمني، والأهمية الاستراتيجية للنيجر بالنسبة للجزائر.
وشدد لزرق على أن الجزائر تدرك أهيمة الموقف المغربي، وتعنتها يجعلها ترفض تنسيقا مع المغرب، بل وتحاول جر المغرب لموقف مباشر، عبر ترويج الاشاعات بكون المغرب فتح مجاله الجوي لفرنسا للهجوم على النيجر. واعتبر المتحذث ذاته أن التريث المغربي يرجع لتعقد الوضع الداخلي في النيجر وتأثيراته خارجياً، وكذلك حفاظاً على مصالحه ضمن فضاء إقليمي شديد التوتر إلى غاية توفر عوامل مساعدة للمبادرة بالتوسط كوسيط موثوق ومحايد، وطرف يحظى بثقة كل أطراف الأزمة في النيجر، الانقلابيين وجناح الرئيس محمد بازوم.
وأوضح لزرق أن الجزائر تحاول الحيلولة دون أن يلعب المغرب دورا إقليميا مع دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) و فرنسا، والعسكر بالنيجر، لكونها تدرك أن المغرب يحوز على ثقة دول "إيكواس" والاتحاد الأوروبي والمنتظم الأممي، لهذا يحاول المغرب البقاء على مسافة واحدة في التعامل مع كافة أطراف الأزمة.