مع استمرار النزاع والأزمة بين موسكو وكييف؛ ما زالت مساعي السلام قائمة لمحاولة وضع تسوية تحثّ الطرفين على إنهاء الحرب والوصول لحل وسط. والدول الأفريقية هي الأخرى قررت الانخراط في مساعي السلام هذه، فأعلن رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، الأسبوع الماضي، عن تشكيل وفد من ست دول أفريقية للوساطة في الحرب الروسية الأوكرانية. وما يلفث الانتباه هو كون هذه البعثة، التي حظيت بموافقة كل من روسيا وأوكرانيا على استقبالها، لا تضم أي دولة من دول المغرب العربي، بما فيها المغرب. لتكتفي بجنوب أفريقيا والسنغال وزامبيا، والكونغو، وأوغندا ومصر. ما أثار تساؤلات عدة حول أسباب غياب المغرب عنها رغم مكانته المهمة داخل الاتحاد الأفريقي.
وتعليقا علة ذلك؛ قال بلال التليدي، المحلل السياسي، إنه "يبدو أن هذه المبادرة الأفريقية هي مبادرة رمزية، بمعنى أن الدول الأفريقية؛ أو على الأقل بعض الدول الأفريقية القريبة من المحور الجزائري؛ تريد أن تثبت للولايات المتحدةالأمريكية وللاتحاد الأوروبي بأن اقترابها من روسيا ليس أمرا مبدئيا ولا يمثل شيكا على بياض بالنسبة لموسكو، وأن القارة الأفريقية توجد على مسافة من الطرفين وأنها تتجه نحو الحياد".
وفسّر التليدي، في حديث ل "الأيام 24″، غياب المغرب عن هذه البعثة بتفسيرين اثنين، أولهما كون المغرب يرى أن الوقت لم يحن بعد وأن الشروط لم تنضج بعد لتصور إمكانية نجاح تسوية بين كييف وموسكو. مضيفا أنه "من حيث المبدأ؛ فالمغرب دائما لا ينخرط في المبادرات التي يعرف سلفا أنها ستبوء بالفشل".
في حين أرجع المتحدث السبب الثاني لهذا الغياب، حسب تعبيره، لكون هذه المبادرة "انطلقت من جنوب أفريقيا وتم دعمها من طرف أوغندا، وهي دول يشكك المغرب في دورها ويعرف خلفياتها، وبالتالي فضل التحفظ في هذه المشاركة".
وأبرز المحلل السياسي أن الشروط السياسية والاستراتيحية اليوم "لا تسمح بنجاح مبادرة من هذا الشأن، ويبدو أن الطرفين معا؛ روسيا من جهة وأوكرانيا بمساعدة الدول الأوروبية والولاياتالمتحدةالأمريكية من جهة أخرى؛ يتصوران بأن هناك لحظة ما سيتم فيها التداعي للسلام، ولكن إلى أن تأتي هذه اللحظة ينبغي لكل واحد أن يحقق كسبا عسكريا يدفع الطرف الآخر إلى تقديم مزيد من التنازلات".
وأشار المتحدث إلى المبادرات التي سبق طرحها في هذا الصدد، بدءا من المبادرة الأوكرانية التي لقيت رفضا مطلقا من موسكو، وصولا إلى المبادرة الصينية التي تم رفضها من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي. مبيّنا أنه "لحد الان لا توجد مبادرة يمكن أن توازي المبادرة الصينية، على اعتبار أن الصين تحظى بمصداقية لدى روسيا وما لها، كقوة اقتصادية وقوة عالمية، من علاقة مع روسيا وأوكرانيا يخوّل أن تمثل مبادرتها شيئا ذا بال".