النظام السياسي المغربي هو نظام تعددي حزبي قوامه تكريس عرى الديمقراطية المواطنة عبر بوابة الديمقراطية التمثيلية . بقلم الدكتور العباس الوردي استاذ القانون العام جامعة محمد الخامس بالرباط والمدير العام للمجلة الافريقية للسياسات العامة
للأحزاب السياسية دور مفصلي في تربية الناشئة السياسية المتعاقبة بين السلف والخلف، قوام دستوري محض مرسخ في الفصل السابع من دستور المملكة الحالي لسنةً2011 وقبله الدساتير المتعاقبة منذ أول تجربة دستورية لسنة 1962، إنه التأطير المواطن الذي يشكل ماهية وجود كل الاطياف السياسية في كل الانظمة الدستورية المقارنة.
لقد عرف المغرب وعلى مر الحقب التاريخية للمملكة سواء فترة الحماية او بعد الاستقلال وجود أطياف سياسية ساهمت جنبا الى جانب الراحل جلالة الملك محمد الخامس والحركة الوطنية الباسلة في طرد المستعمر والتمسك باهذاب العرش العلوي المجيد ، كما أن مرحلة ما بعد الاستقلال عرفت مشاركة سياسية واسعة من لدن أحزاب وطنية او حتى تلك التي خرجت رحمها وبنت كيانات سياسية مستقلة، ومع تعاقب الحكومات وتراكم الاحداث وازدياد الكثافة السكانية ومن ثمة ارتفاع سقف مطالب المواطن التواق للتمثيل السياسي الحق والمسؤول بهدف الاستجابة لمتطلبات حياته اليومية في ظل ما يضمنه الدستور والقوانين الجاري بها العمل والمتسقة مع مقومات القانون الدولي .
ان واقع الحال وبدون مبالغة او مغالاة لينم عن تجذر جملة من الاعطاب السياسية التي يعاني منها الجسم الحزبي المغربي وخاصة فيما يتعلق بمسألة التعاطي الناجع والفعال مع مقومات المرحلة الراهنة المتوازية مع النموذج التنموي الجديد وإطار الدولة الاجتماعية ، ذلك أن معضلة الراهنية والظرفية الانتخابية لازالت تتحكم في تحريك الاحزاب السياسية لعجلتها ، وان كان الكاتب مخطئا فماهي ياترى المشاريع المواكبة التي أعدتها أطيافنا السياسية لمواكبة هذه المرحلة الحاسمة في تاريخ الوطن ، وماهي ياترى البدائل التي تقترحها من أجل شد عضد هذين الصرحين المهيكلين الكبيرين ، الا يستحق منا الوطن ان نتازل عن لغة الكراسي والبنوة السياسية او بالاحرى نظرية الشيخ والمريد التي خلقت لنا معادلة التابع والمتبوع في مشهدنا السياسي، ثم اين هي اصوات أطر هذه الاحزاب واين افكارهم واقلامهم واين مبادراتهم الكفيلة بسد رمق الوطن التواق للاقلاع الهادف والبناء على مستوى جميع الاصعدة وخاصة التنموية منها.
اننا فعلا امام حالة شرود سياسي لا يسمع فيه الا صوت من يريد ركوب سفينة الحكومة ، او ليس هناك باب اخر للبناء غير الحكومة ، انها البنيات الحزبية الممولة من لدن الدولة والمسؤولة عن القيام بكل الادوار الدستورية والقانونية المؤطرة لمجالات تدخلها ، هذه البنيات التي من الواجب عليها ان تبتكر حلولا وبدائل قابلة للتطبيق والانسجام مع صرحي النموذج التنموي وإطار الدولة الاجتماعية .
فعلا انه سؤال محير لعل جوابه لدى الامناء العامين للاحزاب السياسية ومكاتبهم السياسية الذين من المفروض فيهم اعمال الية النقد الذاتي التي كان قد أسس لميلادها الزعيم علال الفاسي في كتابه النقد الذاتي.
فهل بنيتنا السياسية لم تصل الى حد البلوغ السياسي ام ان اشكالية الخلود في الكراسي لهو الداء الذي يجب ان نضع عليه الاصبع ، فعلا انه داء فتاك لابد له من حل جذري قوامه التناوب الحزبي الداخلي على مواقع القرار السياسي الحزبي ، أمر سيمكننا لا محالة من الانتقال الى مرحلة اليقظة السياسية التي ستساهم ومن دون شك في بلوغ حسن الاداء السياسي والمؤسسي عبر بوابة الاحزاب السياسية.