تعتبر عملية قياس القوة العسكرية جد معقدة، لاعتمادها على عناصر أحيانا لا تدخل في صميم اهتمام الجيش أو لا تعود إلى مجال تدبيره، مثل الموقع الجغرافي، والتوفر على واجهة بحرية أم لا، ووقوع البلد في منطقة غير مستقرة أو بعده عن مناطق النزاع، بالإضافة إلى وجود بنية تحتية تهم تطور الدولة وسياستها العمومية مثل عدد المطارات، وطول مسافة الطريق السيار، وانتشار السكك الحديدية في البلد، وجودة الطرقات وتعدد الجسور، بالإضافة إلى مستوى التعليم الذي يمد الجيش بالكفاءات العالية، وجودة الخدمات...وغيرها من العوامل التي توجد خارج الفهم التقليدي للقوة العسكرية المرتبطة بالعتاد الحربي وعدد الجنود... حساب القوة العسكرية اليوم لم يعد يستند على المعايير الكمية التي يعتمد عليها كثيرا الموقع العالمي «غلوبل فاير بوور»، فالعتاد الحربي وعدد الجنود النشيطين لا يخلقان بالضرورة قوة عسكرية، فهناك تنوع مصادر التسليح، وكفاءة القيادة العسكرية، والاعتماد على برامج متطورة في التكوين والاحتكاك بالقوات العسكرية القوية في العالم، والمشاركة في مناورات عسكرية والتكوين المستمر لأطر الجيش وكفاءة القيادة العسكرية والخبرة الفنية لأفراد الجيش، وعدد الحروب التي يخوضها وتماسك الجبهة الداخلية التي تسند الجيش الذي يدافع عنها...
ليس العتاد وحده الذي يخلق القوة يؤاخذ العديد من الخبراء على ترتيب موقع «غلوبال فاير بوور» اعتماده على السلاح كعامل أساسي في تقدير القوة العسكرية، وبرأيهم فإن السلاح وإن كان هو الأداة الأساسية للحرب، فإن ترسانة ضخمة قد تغدو مجرد خردة غير مفيدة، وهنا بالضبط الاختلاف الموجود بين الجيش الجزائري والقوات المسلحة الملكية، ف «المغرب لا يملك نفس الإمكانيات المالية التي تملكها الجزائر»، كما صرح بذلك عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني، العام الماضي أمام نواب الأمة، فميزانية الجيش الجزائري وصلت عام 2015 إلى 104 مليار درهم، في حين لم تتجاوز ميزانية القوات المسلحة الملكية 31,9 مليار درهم مقابل 31,5 مليار درهم لعام 2014، 70 بالمائة منها مخصصة كرواتب وأجور لموظفي الجيش، فيما تتوزع 30 بالمائة الباقية بين المعدات والتجهيزات والنفقات المختلفة. وتؤكد مصادر جد مطلعة ل «الأيام» أنه رغم ضعف الميزانية المخصصة للقوات المغربية فهي أكثر فعالية، من جهة لطبيعة تكوين أطرها الذي يمزج بين الصرامة الفرنسية والخبرة الأمريكية، ومن جهة أخرى للتكنولوجيا المتطورة التي تتوفر عليها القوات الجوية والبرية، فيما التفوق البحري يظل للقوات الجزائرية، حسب الخبير المغربي إبراهيم السعدي.