تتوالى ردود الفعل الغاضبة والمنتقدة في المغرب للأحداث التي شهدها مهرجان "البولفار" الثقافي. فما كان من المفترض أن يكون مهرجانا فنيا ترفيهيا انتهى بشكل كارثي وسط تقارير تفيد بحدوث أعمال شغب وتحرش وسرقة. بداية الشغب كما رصدته مقاطع كثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كانت يوم الجمعة الماضي، بعد انتهاء حفل نجم الراب طه فحصي الشهير باسم "إل غراندي طوطو". وكان المغني قد نشر تغريدة أعرب فيها عن أسفه لما حدث، قائلا في تدوينة أخرى " أنا مشمئز جدا مما وقع وأتمنى ألا تكون هناك إصابات خطيرة". https://twitter.com/hespress/status/1576166015305662464?s=20&t=dbAgnBaduGxa-NETqtwouQ وقد نشر نشطاء مقاطع تبين حجم العنف في ملعب "الراسينغ" الذي احتضن فعاليات المهرجان. كما ذكرت مواقع مغربية بأن حالة من الفوضى والهرج والمرج سادت المكان بعد انطلاق الحفل. وترافقت هذه الأحداث مع تقارير عن "حالة اغتصاب" ومضايقات - بعضها موثق بالفيديو- تعرضت لها شابات أثناء محاولتهن مغادرة الحفل. وفي ضوء ذلك أطلقت إدارة مهرجان حملة لتكثيف الإجراءات لحماية النساء في فعالياتها ، وأدانت كل مظاهر العنف والتمييز الجنسي. كما قرر منظمو المهرجان إلغاء الفقرات الخاصة بمؤدي الأغاني مع الإبقاء على الأنشطة الموازية، وأكدوا على أن إدارة المهرجان "تسعى جاهدة للحصول على معلومات دقيقة حول ما تم نشره، بالتعاون مع السلطات المختصة". https://www.instagram.com/p/CjLsQnSrael/ وقد عرف المهرجان، الذي يفتح أبوابه بشكل مجاني، إقبالا جماهيريا غير مسبوق ، إذ حرص الآلاف من عشاق موسيقى الراب على الحضور لمتابعة نجومهم المفضلة. لكن أعمال العنف والمضايقات التي شابت تلك الحفلات دفعت بالكثيرين إلى طرح تساؤلات حول واقع المشهد الثقافي في المغرب. واحتلت تفاصيل الحفل الصفحات الأولى للمنصات الإلكترونية قبل أن يتردد صداها في أروقة البرلمان ، إذ طالب نواب ومثقفون بإقالة وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بن سعيد، باعتباره المسؤول عن الفعالية الفنية. وفي ظل هذا النقاش المحتدم، تعالت أصوات البعض تندد بموسيقى الراب وتتساءل عن دور هذا النمط الموسيقي في إثراء الساحة الثقافية. https://twitter.com/Mohamed33603553/status/1576642363816284162?s=20&t=Z0YLXzd0UXPu5z1eJaRN0w من يتحمل المسؤولية؟ وعلى مدى الأيام الماضية، عجت مواقع التواصل الاجتماعي المغربية، بتعليقات عديدة حول الحفل الذي قدمه مغني الراب" إل غراندي طوطو ". ويٌعد طه فحصي أو طوطو، من أنجح فناني الراب في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ويحتل مركزا متقدما في قائمة فوربس لنجوم الموسيقى في العالم العربي. وبلغ عدد مرات الاستماع إلى أغانيه أكثر من 20 مليون مرة على منصة سبوتيفاي عام 2020. أما قناته على "يوتيوب"، فيتابعها أكثر 1.7 مليون مشترك. رغم تلك الشعبية، ثمة من يصف الأغاني والمواضيع التي يطرحها طوطو ب "المبتذلة" ويحمله مسؤولية ما حدث في الحفل من فوضى وعنف. وكان المغني الشاب قد أثار جدلا عارما بعد دفاعه عن تعاطيه للقنب الهندي، خلال ندوة صحافية أقيمت قبل حفلته المنظمة من طرف وزارة الشباب والثقافة ضمن فعاليات مهرجان "البولفار". وبناء على تلك التصريحات، طالب معلقون مغاربة بمحاسبة القائمين على المهرجان ومساءلة وزير الثقافة لإعطائهم مساحة ل "أعمال تستهتر بقيم المجتمع وعاداته". كما أعرب البعض الآخر عن خشيتهم من أن تتحول تلك "السلوكيات الرديئة إلى نماذج يحتذى بها" على حد قولهم. https://twitter.com/fettahseqqaoui/status/1576326462411796481?s=20&t=3ZFMTzs8Ph3UmlcqFOCW2Q https://twitter.com/amodosalwi/status/1576162938292838402?s=20&t=gXD0opC87mo6opT5YtwSRQ https://twitter.com/Simo__Ben/status/1576984014585749506?s=20&t=FBCP0iZSd4cjzv4CIaNceg على النقيض، دافع البعض الآخر على المغني واعتبروا استهلاكه للقنب حرية شخصية. كما استنكر نشطاء الدعوات المطالبة بفرض رقابة على موسيقى الراب باعتبارها "فنا غير راق يستمد نجاحه من استخدام الألفاظ البذيئة والتباهي بالماديات". ويرى البعض أن للراب في المغرب أشكالا وصورا مختلفة، لذا لا يمكن الحكم عليه من خلال عمل أو فنان معين. https://twitter.com/FahmiLwa/status/1576272077166096384?s=20&t=FBCP0iZSd4cjzv4CIaNceg ولعل أكثر العبارات ارتباطا بالحديث عن طوطو ومهرجان هي عبارة "الفن النظيف". وهي عبارة يرفضها البعض ويختلف البعض الآخر في تفسيرها، خاصة عندما تستخدم في إطار الحديث عن موسيقى الراب. إذ يقول نشطاء إن لغة الراب لا يمكن أن تكون بأي شكل من الأشكال لغة مهذبة لأنها تعبر بالأساس عن فن متمرد يهدف لكسر الفكر الواحد والأمر الواقع، حتى لو تطلب الأمر استخدام ألفاظ خارجة أو عنيفة". لكن في الوقت ذاته، ينكر هؤلاء الأعمال التي تروج للعنف ضد المرأة. كما يبدي بعضهم تفهمه للانتقادات التي طالت طوطو بسبب تصريحاته المثيرة للجدل بشأن تعاطي الحشيش، إلا أنهم أكدوا أيضا على ضرورة فتح حوار وطني حول استهلاك القنب الهندي المنتشر في المغرب. يذكر أن الحكومة المغربية صدقت العام الماضي على مشروع قانون يهدف لتقنين زراعة واستخدام القنب الهندي في ثلاثة أقاليم، لأغراض طبية وصناعية. وقد انقسم المغاربة آنذاك بين مؤيد للخطوة ومعارض يرى أنها قد تؤدي إلى توسيع مجالات الاتجار غير المشروع بالقنب الهندي.