لم تمر الزيارة التي قام بها محمود عباس أبو مازن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية إلى ألمانيا مرور الكرام، حيث أثارت تصريحاته عن "الهولوكوست" غضب الألمان عندما سئل خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس الثلاثاء بمعية المستشار الألماني أولاف شولت، وذلك عقب اتهام عباس لإسرائيل بارتكاب "هولوكوست" ضد الفلسطينيين.
المعارضة الألمانية استغلت تصريحات عباس بمقر مستشارية ألمانيا لمهاجمة شولتز الذي قالت أنه "كان عليه مطالبة عباس بمغادرة ديوان المستشارية"، خاصة وأن تصريحات عباس جاءت ردا على سؤال من صحفي حول ما إذا كان سيعتذر لإسرائيل بمناسبة الذكرى السنوية الخمسين للهجوم الفلسطيني على البعثة الرياضية الإسرائيلية في أولمبياد ميونيخ 1972 ليرد عباس على السؤال قائلا: "هناك يومياً قتلى يسقطهم الجيش الإسرائيلي نعم، إذا أردنا مواصلة النبش في الماضي"، ولم يتطرق في جوابه إلى الهجوم على البعثة الأولمبية الإسرائيلية، فيما تابع شولتز تصريحات عباس بتعبيرات وجه متيبسة وبدا غاضبا، حسب ما أوردته الدوتشي فيليه، وكنن لديه النية للرد، غير أن المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت أعلن نهاية المؤتمر بعد إجابة عباس مباشرة.
المستشار الألماني كتب على حسابه بموقع تويتر صباح اليوم الأربعاء: "أشعر بالغضب الشديد من التصريحات التي لا توصف للرئيس الفلسطيني محمود عباس. بالنسبة لنا نحن الألمان على وجه الخصوص، فإن أي تقليل من الهولوكست هو أمر غير مقبول. أدين أي محاولة لإنكار الهولوكوست".
أما ارمين لاشيت الرئيس السابق للحزب المسيحي والمرشح السابق لمنصب المستشارية في انتخابات 2021 فقال إن ظهور عباس في دار المستشارية "هو أسوأ خروج عن المسار يمر على ديوان المستشارية"، مشيرا في تغريدة على حسابه بموقع تويتر إن "عباس كان سيحظى بالتعاطف إذا كان قد اعتذر عن الهجوم الإرهابي على الرياضيين الإسرائيليين في أولمبياد ميونيخ عام 1972، لكن اتهام إسرائيل بالقيام ب 50 هولوكست هو أسوأ خروج عن المسار كان من الممكن سماعه داخل ديوان المستشارية"
بدوره، قال الرئيس التنفيذي لجنة أوشفيتز الدولية كريستوف هوبنر أن الرئيس الفلسطيني "تعمد استخدام المسرح السياسي في برلين لتشويه سمعة ثقافة تذكر الماضي والعلاقات مع دولة إسرائيل. ما حدث هو مقارنة غير مناسبة بالهولوكوست . حاول عباس مرة أخرى خدمة العداء لإسرائيل والمعاداة للسامية في ألمانيا وأوروبا ".
الصحافة الألمانية، ورغبة منها في الدفاع عن سياسة بلادها اتجاه الهولوكوست، خرجت بعناوين كبرى اليوم الأربعاء تدين تصريحات عباس.
في هذا السياق، كتبت مجلة "دير شبيغل" قائلة: من الصعب تخيل أن يسمح المستشار بالتهوين من الهولوكوست في عقر دار الحكومة الألمانية، لمجرد أن المتحدث باسم حكومته أعلن انتهاء المؤتمر الصحفي. فيما كتبت صحيفة "بيلد" تعليقا مما جاء فيه: أرفع منصب في الدولة، المستشار، يستمع إلى رئيس الفلسطينيين عباس يتحدث عن "50 محرقة" وكيف يساوي بين الجيش الإسرائيلي والنازيين. وأين؟ في المستشارية الاتحادية الألمانية! لا يمكن أن يحدث أسوأ من ذلك! والمستشار شولتز لا يتدخل ويغلق فمه بل ويصافح عباس!و بعد فوات الأوان، وفيما بعد يفترض أن الذنب ذنب المتحدث الصحفي. إنه ليس إلا كبش فداء، فقد كان على كل الحاضرين في المؤتمر الصحفي التدخل ومواجهة عباس والتصحيح له وطرده.
يومية "هامبورغ أينديلت" كتبت بدورها قائلة: إنها ضربة ثقيلة لسمعة ألمانيا أن يسمح للرئيس الفلسطيني محمود عباس بالتحريض ضد إسرائيل في مقر الحكومة الألمانية دون رد عليه. لقد كان خطأً فادحاً أن يقف المستشار الألماني وأمام الكاميرات أثناء حديث عباس دون أن يرد عليه وبشدة على الفور.
أما صحيفة "تاغس شبيغل" فقد علقت قائلة: يا له من استفزاز في برلين! سيكون للحادث تأثير طويل الأمد. لأنه، كما قال الديموقراطي المسيحي والمرشح في الانتخابات ضد شولتز لمنصب المستشار، أرمين لاشيت: "كان زعيم منظمة التحرير الفلسطينية سيحظى بالتعاطف لو اعتذر عن الهجوم الإرهابي على الرياضيين الإسرائيليين في الألعاب الأولمبية عام 1972 في ميونيخ. إن اتهام إسرائيل ب "50 محرقة" هو الخطاب الأكثر إثارة للاشمئزاز على الإطلاق في مبنى المستشارية الاتحادية".