أكدت بعثة قوات "مينورسو" الأممية معاينتها لمكان قصف شاحنات تتهم البوليساريو القوات المسلحة الملكية بتنفيذه بواسطة ال"درون" وتتبرأ موريتانيا من وقوعه على ترابها، وفي الوقت ذاته نفت صحة ما تداولته بعض وسائل الاعلام في المغرب. وعن الحادثة التي أعلنتها جبهة البوليساريو وتبعها بلاغ من وزارة الخارجية الجزائرية، يقول بيان للأمانة العامة للامم المتحدة "لقد تلقينا توضيحا من بعثتنا بشأن عدد من التقارير في وسائل الإعلام المغربية التي تشير إلى أن الممثل الخاص للأمين العام ألكسندر إيفانكو ذكر أن غارة جوية قد أصابت قافلة مركبات لجبهة البوليساريو كانت تحمل أسلحة. ولم يدلِ الممثل الخاص للأمين العام بشي من هذا القبيل".
وتقول بعثة "مينورسو" إنها وصلت إلى عين المكان وعاينت وجود شاحنتين ومركبة خفيفة يبدو أنها أصيبت من الجو، حيث تقول جبهة البوليساريو إنها "درون" يستخدمها الجيش المغربي بينما تصفها الجزائر بالأسلحة المتطورة.
كما أوضحت البعثة الأممية أنها لم تستطع تأكيد ما إذا كانت هناك إصابات في الحادث مؤكدة أنه تم إبلاغ مجلس الأمن في 20 أبريل الجاري.
ويذكر أن الجمهورية الموريتانية أصدرت يوم 13 أبريل، أربعة أيام بعد الحادثة، أول تعليق بشأن إعلان البوليساريو والجزائر مقتل مواطنين موريتان في المنطقة العازلة للصحراء المغربية.
وقالت الحكومة في نواكشوط "إن حادث القصف الذي أدى لسقوط ضحايا وجرحى، كان خارج الأراضي الموريتانية، كما أن موريتانيا ليست مستهدفة به"، وهو تعليق بمثابة رد مباشر على الجمهورية الجزائرية التي اتهمت المغرب باستعمال أسلحة متطورة وانتهاك أراضي الجوار المباشرة في إشارة إلى موريتانيا.
الوزير الناطق باسم الحكومة محمد ماء العينين ولد أييه، أكد خلال مؤتمر صحفي أن مواطنين موريتانيين قُتلوا في الحادثة، وشدد على أن الحادث كان خارج الأراضي الموريتانية، لافتا إلى أنه لو كان فيه ما يستدعي إصدار بيان من وزارة الخارجية لأصدرته.
ففي العاشر من شهر أبريل الجاري أعلنت جبهة البوليساريو عبر عناصرها النشيطة في مواقع التواصل الاجتماعي أن القوات المسلحة الملكية شنّت هجوما بطائرات "درون" على شاحنات كانت داخل المنطقة العازلة قرب الحدود مع موريتانيا، وفي اليوم الثالث خرج بيان من الجزائر وليس نواكشوط.
وجدت الجزائر في الحادثة فرصة للعودة إلى ساحة الحرب الكلامية والهجوم مجددا على المملكة المغربية، حيث عاود النظام الجزائري للمرة الثانية منذ قطع علاقاته بالمغرب اتهام المملكة بقتل مدنيين في المنطقة العازلة باستخدام أسلحة متطورة، قال إنهم يحملون جنسيات 3 دول.
موريتانيا التي سبق وأن حذرت مواطنيها من اختراق الحدود والتقدم نحو الصحراء المغربية حيث ينتشر عدد كبير من المنقبين غير القانونيين، لا ترى أن الحادثة ترقى إلى مستوى إصدار بيان من وزارة الخارجية بينما كلف عبد المجيد تبون وزيره رمطان لعمامرة للحديث باسم نواكشوط.
وورد في بيان لوزارة الخارجية أن الجزائر تدين بشدة ما وصفتها "عمليات الاغتيال الموجهة باستعمال أسلحة حربية متطورة من قبل المملكة المغربية خارج حدودها المعترف بها دوليا، ضد مدنيين أبرياء رعايا ثلاث دول في المنطقة".
ووفاء لخطاب التصعيد قالت الخارجية الجزائرية إن "هذه الممارسات العدائية والمتكررة تنطوي عن مواصفات إرهاب دولة، فضلا عن استيفائها لجميع خصائص عمليات إعدام خارج نطاق القانون والقضاء، تعرض مرتكبيها للمساءلة أمام الأجهزة المختصة التابعة لمنظمة الأممالمتحدة".
ثم ختمت بيانها بقولها إن نزعة الاندفاع والمغامرة التي تنجر عن الأهداف التوسعية للمملكة المغربية تشكل تحديا لمجلس الأمن للأمم المتحدة، وكذلك للمبعوث الشخصي للأمين العام الأممي الى الصحراء الغربية، ستافان دي ميستورا"، حسب تعبير الوزارة.
ورغم أن هذه العملية هي الثانية التي تدينها الجزائر دون أي دليل قاطع عن الحادثة الاولى بشهادة بعثة المينورسو، تتهم الخارجية الجزائرية المغرب بتقويض جهود المبعوث الأممي، واتهمته بانتهاك أراضي موريتانيا حيث وردت بتوصيف "الجوار المباشر" في بيانها وقالت إن "من شأنها أن تؤدي إلى انحرافات خطيرة على الصعيد الاقليمي".
وحسب التعريف القانوني للمنطقة العازلة، فإنها عبارة عن مساحة معينة في بلد ما تحددها الأممالمتحدة من أجل توفير الحماية للسكان المدنيين، ويكون ذلك في حالات الحروب. كما تقام مثل هذه المناطق على حدود دولتين متجاورتين يوجد بينهما نزاع وخلاف. وتسمى في بعض عمليات الأممالمتحدة بمنطقة الفصل، وهي ضمن وسائل الأممالمتحدة لدعم عمليات السلام وتخفيف التوتر بين المجموعات المتحاربة أو المتنازعة.
ومنذ وقف إطلاق النار في شتنبر 1991، انسحبت القوات المسلحة الملكية خلف الجدار الأمني لتمكين الأممالمتحدة من إقامة منظومتها الخاصة بمراقبة وقف إطلاق النار، فتم جعل المساحة الممتدة شرق الجدار الرملي إلى الحدود الدولية تحت المسؤولية الحصرية لقوات الأممالمتحدة (المينورسو)، التي تم تأسيسها بقرار أممي رقم 690، بتاريخ 24 أبريل 1991، ويوجد مكتبها المركزي في مدينة العيون، وتتولى مهمة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، ولديها 9 مراكز للمراقبة في المنطقة العازلة وغرب الجدار الرملي.
وتبقى المنطقة العازلة الموجودة شرق الجدار الرملي خاضعة للسيادة المغربية بخلاف ما تدعيه "البوليساريو" من أنها أراضي محررة، لأن الجدار الذي شيد على مسافة تبلغ 2500 كلم لم يكن حدودا للمغرب، وإنما تم جعل المنطقة الموجودة شرق الجدار "منطقة عازلة" بهدف تيسير تطبيق مقتضيات وقف إطلاق النار من طرف بعثة المينورسو، على أساس أن تخلو المنطقة من كل العناصر المسلحة من الطرفين، لذلك يعتبر دخول البوليساريو إلى منطقة المحبس وقيامها ببناء منشآت عسكرية وإدارية في كل من بئر لحلو وتيفاريتي خرقا للاتفاق العسكري رقم 1 الملحق باتفاق وقف إطلاق النار لسنة 1991.