تستمر الجزائر في محاولتها مزاحمة المغرب بشأن مشروع أنبوب الغاز من نيجيريا إلى أوروبا، ومنعه من المرور عبر أراضي دول أفريقية قبل وصولا إلى القارة الأوروبية، حيث تعمل على تحريك اللوبيات التابعة لها في نيجيريا، من أجل إهمال المشروع الضخم، الذي تعول عليه دول أفريقية وأوروبية، لسد حاجياتها من الطاقة. لكن في المقابل ذلك، يحظى مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، بدعم دولي، نظرا لما سيتيحه من إمكانيات اقتصادية واجتماعية كبيرة، وكذا بالنظر إلى طبيعة العلاقات بين الرباط وأبوجا التي شهدت خلال السنوات الأخيرة، تطورا كبيرا عززتها المباحثات الهاتفية التي جمعت الملك محمد السادس بالرئيس النيجيري محمد بوهاري قبل عام تناولت بشكل أساسي الإسراع في تفاصيل مشروع أنبوب الغاز الذي سيربط بين نيجيريا والمغرب وإحداث مصنع للأسمدة في أبوجا، باعتبارهما مشروعين استراتيجيين للبلدين معا.
وفي آخر مستجدات مشروع أنبوب لنقل الغاز النيجيري إلى أوروبا، وجه نواب في برلمان أبوجا، طلبا إلى مؤسسة النفط الوطنية النيجيرية، من أجل تقديم تفاصيل عن مشروع إنشاء خط أنبوب لنقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا.
وأوردت تقارير نيجيرية أن أعضاء في البرلمان وجهوا طلبا إلى مؤسسة النفط الوطنية النيجيرية من أجل تقديم معلومات تتعلق بالتنفيذ واستخدام الأموال وحالة المشروع، مع مطالبة الشركة بمراجعة الخطة الوطنية للغاز الرئيسية المتعلقة بالمشروع "لتتوافق مع متغيرات الاقتصاد العالمي اليوم".
كما كلّف مجلس النواب النيجيري لجنته المعنية بموارد الغاز بضمان الامتثال للقرارات وتقديم تقرير في غضون أربعة أسابيع لاتخاذ مزيد من الإجراءات التشريعية.
في ذات السياق، كشف مسؤول نيجيري، إن حكومة بلاده تعمل في الوقت الحالي على بناء خطوط أنابيب لنقل الغاز النيجيري إلى أوروبا، لكنها ما زالت تفاضل بين إمكان تصديره عبر المغرب أم الجزائر.
واعتبر العضو المنتدب لشركة النفط الوطنية النيجيرية، ميلي كياري، أمام منتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي، أن أبوجا تعول على الغاز الطبيعي للقيام بدور رئيس في إستراتيجيها للتحول بعيدا عن الوقود الأكثر تلوثا إلى طاقة أنظف.
المسؤول النيجيري، أكد في تصريحات صحفية، على وجود مفاوضات مع المغرب والجزائر في آن واحد للوقوف على الصيغة الأمثل لنقل الغاز النيجيري إلى أوروبا.
وقال في هذا الصدد، "نعمل على بناء البنية التحتية الهائلة للغاز، اللازمة لضمان وجود إمدادات كافية من الغاز النيجيري في السوق المحلية، وتوفير جزء من غاز نيجيريا للأسواق العالمية، كما نحاول أن نرى كيف يمكننا بناء شبكة من البنية التحتية لخطوط الأنابيب التي ستوصل الغاز النيجيري إلى أوروبا، عبر المغرب أو الجزائر".
وعن محاولات الجزائر وإصرارها على مزاحمة المغرب في المشروع نقل الغاز من نيجيريا إلى أوروبا، يرى هشام حافظ، الباحث بمعهد الدراسات الأفريقية وجامعة محمد الخامس بالرباط، أنه "بالنسبة لمشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا، فإن الجزائر اليوم تفعل بكل ما في وسعها لإفشال هذا المشروع الإستراتيجي ليس فقط بالنسبة للمغرب ونيجيريا ولكن بالنسبة للقارة الأفريقية برمتها.
وأضاف المحلل الاقتصادي في تصريح ل"الأيام24″، أن مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري والذي سوف يمر من أفريقيا الغربية عبر 11 دولة هو في مراحله الأخيرة للتجسيد على أرض الواقع، أما بالنسبة للجارة الشرقية.
وأوضح الأستاذ الباحث بمعهد الدراسات الأفريقية، أن "هناك مجموعة من العوامل التي تحول دون تحقيق المشروع بين الجزائرونيجيريا الذي تم الاتفاق عليه منذ 2009.
العامل الأول يتعلق بالأمن، إذا لاحظنا مسار أنبوب ألغاز بين نيجيرياوالجزائر فإن هذا الأخير سوف يمر عبر دولة النيجر التي تعرف بؤر توتر من غربها الى شمالها وبالتالي سوف يكون هناك تخوف كبير من لدن الدول الممولة لهذا المشروع.
العامل الثاني ذوا طابع تنموي جهوي بحيث أن مشروع المغرب و نيجيريا يمر عبر 11 دولة تنتمي جلها إلى التكتل الاقتصادي الإقليمي "سين- صاد SAD-SEN "، الذي يُمثّل مجموعة إقليمية اقتصادية وسياسية تسعى إلى التكامل الاقتصادي، وتتركز أهدافها في إقامة اتحاد اقتصادي شامل، ومخطط تنموي متكامل، وإزالة العوائق أمام حركة الأشخاص ورأس المال، وتشجيع وسائل النقل والاتصالات. وبالتالي فمرور هذا المشروع عبر هذه الدول سوف يعزز مجموعة من المشاريع الاقتصادية الموازية لهذا المشروع، كذلك سوف يمكن من تزويد الدول المساهمة من الطاقة اللازمة للكهرباء والتصنيع سيما وأن العالم اليوم يعيش أزمة طاقية خانقة.
ويعتبر المحلل الاقتصادي، أن هذا المشروع المغربي النيجيري سوف يحظى بمباركة الاتحاد الأفريقي الذي هو في حاجة ماسة إلى هذه المشاريع التنموية الجهوية. فهذا المشروع سوف يعطي دفعة جديدة لدول "سين صاد" لمواجهة التحديات الطاقية
وعن العامل الثالث، يضيف حافظ، أنه عامل الثقة و المصداقية، حيث النظام الجزائري فقد كل ما لديه من مصداقية ليس فقد أمام الدول العربية و الأفريقية ولكن كذلك أمام الممولين الخارجيين، خاصة الدول الأوروبية، فقيمة مشروع الغاز بين الجزائر و نيجيريا تناهز ال15 مليار دولار، كما أن مجموعة من الشركات الفرنسية والألمانية و حتى الروسية (غازبروم) كشفت عن اهتمامها لتمويل هذا المشروع. لكن اليوم ومع الأزمة الأوكرانية الروسية هناك تغير كبير في موازين القوى العالمية.
وأعرب المحلل الاقتصادي، عن اعتقاده بأن روسيا لم تعد مهتمة بتمويل هذا المشروع، أما بالنسبة لانخراط الدول الأوروبية في تمويل هذا الأخير سوف يكون من الصعوبة لأن قطع أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، والذي كان أحادي الجانب من طرف الجزائر، أجج الأزمة الطاقية التي تعيشها أوروبا اليوم. كما أن عدم تمديد المشروع المغاربي لم يكن يقصد المغرب بل الدول الأوروبية، وهنا يمكن القول بأنه كان هناك اتفاق بين غازبروم الروسية وسوناطراك الجزائرية لخفض امدادات الغاز من الجزائر حتى تتمكن روسيا من الضغط على أوروبا.
وختم هشام حافظ، بالقول "أن المغرب لديه كل المؤهلات المادية والغير المادية لإنجاح مشروع الغاز، سواء من ناحية التمويل لأن هناك اهتمام كبير من جميع الممولين الأجانب كالبنك الإفريقي للتنمية، البنك الإسلامي للتنمية وكذلك الدول الغربية نظرا للبعد الجغرافي والثقة التي تحظى بها الدبلوماسية المغربية، والدور الذي تلعبه السياسة الأفريقية المغربية في النهوض بالتنمية المستدامة في أفريقيا والتي تضع المواطن الإفريقي في صلب الاهتمامات السوسيو-إقتصادية.
أنبوب الغاز هذا، سيمتد على طول 5660 كيلومترا بين نيجيريا والمغرب وسيمر بكل من بينين وتوغو وغانا وساحل العاج وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا ليعبر الصحراء المغربية نحو الشمال ومنه إلى الديار الاوربية.
وكان الملك محمد السادس قد أشار في خطابه الموجه إلى القمة 28 للاتحاد الأفريقي في اديس أبابا في 31 يناير 2017 إلى المشروع حيث قال: «مشروع بناء أنبوب للغاز أفريقيا – الأطلسي، سيمكّن من نقل الغاز من الدول المنتجة نحو أوروبا، وستستفيد منه كل دول أفريقيا الغربية، ويساهم في إنشاء سوق كهرباء إقليمية ويشكل مصدراً للطاقة في خدمة التطور الصناعي، يعزز التنافسية الاقتصادية للقارة، ويرفع من وتيرة التقدم الاجتماعي.