المكان: حي كاليفورنيا بالدارالبيضاء.. الزمان: الثلاثاء 7 مارس 2016، و الواقعة: تصفية عبد اللطيف مرداس النائب البرلماني عن حزب الاتحاد الدستوري، بطريقة هوليودية، بعدما أطلق عليه مجهولون ثلاثة رصاصات من بندقية صيد تقليدية قبل أن يلفظ أنفاسه متأثرا بجروحه. كل هذه التفاصيل نعرفها، لكن، من قتل البرلماني مرداس ؟ ومن له المصلحة في ذلك ؟ الحادث غير المسبوق من نوعه في المغرب خلق استنفارا أمنيا كبيرا، و أصبح منزل الضحية قبلة لمسؤولين أمنيين كبار، وعناصر من مختلف التشكيلات الأمنية والسلطات المختصة، في حين كان منزل مرداس في اليوم الموالي، قبلة للمعزين وعلى رأسهم كبار الشخصيات السياسية. يومها أكدت المعطيات الأولية بمسرح الجريمة إلى أن سيارة خاصة سوداء اللون كانت تتربص بمحيط منزل الضحية، ويرجح أن يكون بها شخصين، قبل أن يعمد القاتل المجهول إلى إطلاق ثلاثة أعيرة نارية عليه بعد أن كان في مواجهته مباشرة، ويلوذا بالفرار إلى وجهة مجهولة. ساعات بعد ذلك أكد بلاغ أمني أن الأبحاث والتحريات الأولية، مدعومة بالخبرات التقنية، مكنت من تجميع قرائن مادية ترجح احتمال تورط شخص ينحدر من مدينة ابن أحمد في ارتكاب هذه الجريمة، على اعتبار أنه سبق أن وجه تهديدات للضحية بسبب خلافات شخصية تكتسي "طابعا خاصا"، وهو ما استدعى إيفاد فرقة أمنية مشتركة إلى مسكنه بمدينة ابن أحمد وتوقيفه. وجاء ذلك في وقت كشفت مصادر مختلفة عن حقيقة عبارة "طابعا خاصا"، التي جاءت في البلاغ الأمني، إذ بيّنت أن الضحية ووالد المشتبه فيه، بينهما علاقة سياسية، وهو من استقدمه إلى العمل لدى حزب الاتحاد الدستوري بالمنطقة كسائق، قبل أن يتحول إلى فاعل سياسي عن نفس الحزب، كما كانت للضحية علاقة بأخت المشتبه فيه، بعدما تقدم لخطبتها قبل أن ينفصلا بعد رفض روجته الأولى السماح له بالتعدد. وحسب البلاغ نفسه فإن عمليات التفتيش المنجزة بمنزل المشتبه فيه، أسفرت عن حجز سلاحين للصيد وخرطوشات شبيهة بتلك التي استعملت في جريمة القتل، وقد أحيلت على مختبر الشرطة التقنية والعلمية لإخضاعها لخبرة باليستيكية للتحقق مما إذا كانت هي التي استعملت في ارتكاب هذه الجريمة، مضيفا أن فرقة أمنية مشتركة، تتألف من عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والمصلحة الولائية للشرطة القضائية بالدارالبيضاء وفرقة الشرطة القضائية بأمن عين الشق بالدارالبيضاء، تمكنت صباح اليوم الأربعاء، من توقيف شخص يبلغ من العمر 27 سنة، من ذوي السوابق القضائية، يشتبه في علاقته المحتملة بجريمة قتل "مرداس". ومن جهة أخرى، عائلة المشتبه وجيرانه وعدد كبير من سكان مدينة ابن أحمد، شددوا على أن المشتبه فيه الموقوف (م.خ)، لم يغادر المدينة ليلة الجريمة، إذ كان يتابع إحدى مباريات كرة القدم في مقهى بالمدينة، وخصوصا أن العشرات أكدوا أنهم على استعداد لأن يقدموا شهادتهم التي تثبت عدم مغادرته المدينة. وبعدها جاءت نتائج التحقيق مع المشتبه فيه، في الخيوط الأولى للقضية، تبين أن السلاحين الناريين لم يتم استعمالهما منذ مدة كبيرة، وهو ما سبق وأكده والد المشتبه فيه، ليتم إطلاق سراحه. غير أن القضية لم تتوقف عند هذا الحد، فمصالح الأمن، تواصل البحث في الخيوط التي وصلت إليها، والبحث في أكثر من اتجاه، وتوسيع رقعة البحث والتحقيقات، وهذا ما أوصل المحققين إلى تفاصيل جديدة وفتحت النقاش حول ارتباط بين القضية والجريمة الدولية. وأكدت مصادر مطلعة أن البحث الذي تباشره عناصر الشرطة القضائية بتنسيق مع عناصر مديرية مراقبة التراب الوطني التي دخلت على خط القضية، انتقل إلى خيوط شبكة دولية لها امتدادات في إسبانيا وبعض الدول الأوروبية، بعد أن تم الاستماع إلى عدد من المقربين من الضحية، وخصوصا زوجته التي أكدت أن زوجها قيد حياته، كان كثير الاتصالات عبر الهاتف في الآونة الأخيرة، إذ تشعبت علاقاته في مجالات السياسة والمال والأعمال، وله صلات بمقاولين وأصحاب عقارات، حيث تبحث العناصر الأمنية في كل الأدلة والمكالمات الهاتفية وحتى التدوينات الفايسبوكية، وخصوصا أن الضحية كان أخر ما كتبه على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" : "قالو ناس زمان: إلا غدرك الغدار، كون صبار، إيلا ما خلص هنا، يخلص فديك الدار"، وهي عبارات فسرها البعض على أن مرداس كان حينها يستشعر أيادي الغدر التي تقترب منه. كما أن مصادر أخرى، ذهبت إلى أبعد من ذلك حين ذكرت أن الضحية غادر البلاد 7 مرات في أقل من 20 يوما في شهر فبراير الماضي، ثم توقف عن السفر في الأسبوع الأخير من حياته فجأة، وبدأ يصرح لمحيطه بشكوكه حول سيارات تلاحقه.. ويبقى السؤال المطروح عالقا "من قتل النائب البرلماني مرداس؟"، وهو ما ستجيب عنه التحقيقات والأبحاث التي تباشرها مصالح الأمن، في غضون الأيام المقبلة.