* طارق غانم – صحفي متدرب أن يصف مهنيو قطاع المقاهي في المغرب كأس أمم إفريقيا ب "طوق نجاة" فذلك يعني اجترار معاناة أكبر وأشد، زادتها تداعيات جائحة كورونا مرارة على وضعهم الاقتصادي والاجتماعي.
في جولة قادت "الأيام 24″ إلى عدد من مقاهي مدينة تيفلت وذلك قبيل ساعات قليلة من إجراء المنتخب المغربي ثاني لقاءاته في بطولة كأس الأمم الإفريقية بالكاميرون. إذ يسجل المهنيون إقبال مهما على المباريات خاصة المبارة الأولى لأسود الأطلس.
يفضل كثيرون وجهة المقاهي لمتابعة البطولة، فالتأخر عن اللحاق بحجز مكان فالمقهى قد يغيب على صاحبه فرصة الإستمتاع بمشاهدة المباراة في ظروف مواتية.
يضع حميد (35 سنة) يتحدر من مدينة الخميسات، آخر اللمسات رفقة مساعديه على المقهى الذي يكتريه بحي الدالية تيفلت، في انتظار حضور الزبناء وعشاق أسود الأطلس، ف"الكان" ومشاركة المنتخب المغربي، بالنسبة له ولغيره من المهنيين مناسبة لإستعادة النشاط الاقتصادي والرواج التجاري الذي قطعت أوصاله "كورونا" علاوة على منافسة أجهزة "إبي تيفي".
كورونا قاطع الأرزاق
رغم بلاء الجائحة وارتداداتها السلبية على القطاع ككل منذ مدة إلا أن التشبث وعدم الإستسلام بما فرضته من واقع على المشتغلين، تستمر المقاهي في العمل "المناسباتي" ومنها كأس أمم إفريقيا خاصة في ظل مشاركة أسود الأطلس التي تجذب عيون الزبناء وتعيدهم "طوعا" إلى حنين صخب المقاهي.
وعلى طول الشارع الرئيسي محمد الخامس بمدينة تيفلت مقاهي كثيرة تضع الأعلام الوطنية على وجاهتها، من بينها مقهى لصاحبه حميد إذ يقول ل"الأيام 24″ أن ما جناه المقهى خلال مباراة المغرب وغانا يساوي 4 مرات أضعاف الأيام العادية التي لا يتجاوز فيها المبلغ المتحصل عليه 700 درهم.
"نعمة الكان"
"الله يدوم علينا هاد النعمة ديال كأس إفريقيا أو كأس العالم" هكذا رد نادل لإحدى المقاهي على سؤالنا، معتبرا أن هذه الفرص هي من تحرك الدورة الاقتصادية للمقاهي والقطاعات المتربطة بها.
"بيع الحرشة والمسمن" حرفة تمتهنها نساء كثيرات هربا من ضنك العيش والبحث عن مدخول لإعالة أسرهن، هي أيضا تسجل ارتفاع في معدل الطلبيات والبيع مقارنة بالأيام العادية.
وأكدن لنا بعض منهن أن رواج المقاهي في هذه الفترة بالتزامن مع مباريات كرة القدم ينعكس إيجابا عليهن وعلى سلعتهن التي يقبل عليها الزبناء.
وبما أن مدينة تيفلت تسجل عدد إصابات منخفض بفيروس كورونا فالمواطنون يقبلون على المقاهي في أغلب مباريات كأس الأمم دون كمامات أو تباعد اجتماعي.
وعبر بعض من أرباب القطاع ل"الأيام 24″ عن أمانيهم باستمرار أسود الأطلس في المنافسة إلى آخر، رغبة يتقاسمها الجميع الزبناء فرحا بانتصار كروي وأرباب بانتصار على مادي يتجاوز معوقات الجائحة.
"جهاز منزلي" يشدد الخناق
دخلت أجهزة حديثة على غرار "إبي تيفي" الناقل لجميع المباريات الرياضية العالمية بما فيها منافسات "الكان"، سوق المنافسة الكبيرة مع المقاهي.
وبخصوص هذا الموضوع صرح يؤكد أحد مسيري مقهة بالشارع المذكور أن هذا الجهاز أثر بشكل سلبي خاصة على مستوى المباريات الليلة التي تعرف معدل منخفض للمتابعة داخل المقاهي واكتفاء زبناء كثر بتتبع المباريات منزليا هربا من "برد الشاء الذي تزداد قساوته مساء".
ورغم المنافسة وبلاء الجائحة والخضوع قسرا لقيود الفيروس، تظل المقاهي في موقف المنتظر المتمني لأحداث مناسباتية مثل "الكان" لعلها إيذان بانتهاء وشيك لمسلسل الجائحة وارتداداتها على المقاهي، في أفق عودة الحياة وبث الروح في أوصال كراسي المقاهي واستدامتها أكثر وأكثر.