ألقى الملك محمد السادس خطاب الذكرى السادسة والأربعين للمسيرة الخضراء في سياق استثنائي يسوده التصعيد من الجارة الشرقية الجزائر وبالتزامن مع الذكرى الأولى للتدخل العسكري للقوات المسلحة في الكركرات، وكان المتابعون للشأن السياسي والمهتمون من الخارج خاصة في الجزائر وفرنسا واسبانيا أكثر تركيزا على ساعة الخطاب انتظارا لما سيقوله الملك رئيس الدولة وقائد القوات المسلحة بعد أكثر من 350 بلاغا للبوليساريو ومسلسل اتهامات من تبون ومجلس شنقريحة وقرار مجلس الأمن هو الأول بعد إعلان الجبهة خروجها من اتفاق وقف إطلاق النار. لكن الخطاب الملكي ركز على رفع ثقة المستثمرين في أسهم الصحراء المغربية وكشف المعالم الكبرى لاستراتيجية دولة ذات سيادة وتجاهل الاتهامات الجزائرية ومؤكدا أن المملكة لا تتفاوض على صحرائها ولا مكان لأصحاب المواقف الغامضة في العلاقات الاقتصادية مع المغرب. محمد سالم عبد الفتاح رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الانسان، يرى أن الخطاب الملكي "كان منسجما مع السياقات الجيوسياسية التي يشهدها المغرب وجواره الإقليمي طوال السنة الأخيرة، كما كان منسجما أيضا مع طبيعة الحدث نفسه المتعلق بمناسبة الذكرى 46 للمسيرة الخضراء والمرتبط بلمف الصحراء، فقد حرص العاهل المغربي محمد السادس على تثمين المكاسب السياسية والدبلوماسية التي حققها المغرب، خاصة منذ تأمينه لمعبر الكركرات، واستكمال مسلسل افتتاح القنصليات الأجنبية في مدينتي العيون والداخلة، إضافة إلى الإعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على كامل إقليم الصحراء، فضلا عن المكسب الهام المتمثل في تكريس قرار مجلس الأمن الأممي الأخير لمقاربة الحل الواقعي التي تنسجم مع المقترح المغربي بمنح الإقليم حكما ذاتيا، والمواقف الداعمة للمغرب التي عبرت عنها عديد القوى الدولية والإقليمية الوازنة". لكن في اعتقادي، يضيف متحدثا للأيام24، أن الأهم في الخطاب الملكي "كان الرسالة الموجهة إلى حلفاء المغرب وشركاءه الإقتصاديين، حيث ربط الملك محمد السادس في خطابه الأخير تحقيق مصالحهم الإقتصادية والتجارية مع المغرب بإبداء مواقف صريحة داعمة له في ما يتعلق بملف الصحراء، وتجاوز ما وصفه الخطاب ب«المواقف الغامضة والمزدوجة»". ويؤكد محمد سالم عبد الفتاح أن "الخطاب الملكي سجل رسائل هامة أيضا لكافة الأطراف والجهات المتدخلة في ملف الصحراء، حين أوضح أن «المغرب لا يتفاوض على صحرائه"»، مؤكدا على «أن مغربية الصحراء لم تكن يوما ، ولن تكون أبدا مطروحة فوق طاولة المفاوضات» بحسب ماجاء في الخطاب". ويرى أن ما غاب عن الخطاب لا يقل أهمية عما ذكر فيه، "فعدم التطرق لموضوع التصعيد الذي تعكف عليه الجزائر إزاء المغرب في الأشهر الأخيرة سواء سلبا أو إيجابا يعد رسالة سياسية هامة أيضا، خاصة بالنظر إلى تعمد الرئاسة الجزائرية لتسجيل عديد المواقف المناوئة للمغرب، وإصدارها لعديد البيانات التي تهم الرفع من منسوب التصعيد مع جارها الغربي، كقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب والإعلان عن عدم تجديد إتفاقية تصدير الغاز الجزائري إلى اسبانيا عبر أنبوب الغاز الذي يمر من الأراضي المغربية، إضافة إلى البيان الأخير الذي اتهمت من خلاله المغرب بالضلوع في استهداف مواطنين جزائريين أثناء تنقلهم من موريتانيا بحسب الرئاسة الجزائرية". ثم يختم رئيس المرصد الصحراوي في تصريح للأيام 24، أن "الخطاب الملكي جاء ليتجاهل كل الخطوات التصعيدية الجزائرية ويرفض الانجرار إلى حرب البيانات والتصريحات التي تشنها الجزائر إزاءه، مقتصرا على التعبير عن «متمنياته الصادقة للشعوب المغاربية المغاربية الخمسة، بالمزيد من التقدم والازدهار، في ظل الوحدة والاستقرار» بحسب نص الخطاب".