أنهت الرئاسة الجزائرية، الأربعاء، ترقبا دام أياما حول الحكومة الجديدة، وهي الأولى المنبثقة عن انتخابات نيابية منذ استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في 2 أبريل 2019. وفي تشكيلة من 33 وزيرا (مقابل 34 في الحكومة السابقة)، حصل على حصة الأسد مستقلون محسوبون على الرئيس عبد المجيد تبون، مع حقائب لوزراء من أحزاب ممثلة برلمانيا. وكَلَّفَ الرئيس تبون، في 30 يونيو الماضي، وزير المالية، أيمن عبد الرحمن، بتشكيل حكومة جديدة، بالتشاور مع الأحزاب الفائزة في انتخابات مبكرة أُجريت في 12 من ذلك الشهر. نتائج هذه الانتخابات تصدرها حزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم سابقا، بحصوله على 98 مقعدا من أصل 407 مقاعد في "المجلس الشعبي الوطني" (الغرفة الأولى للبرلمان). وجاء المستقلون في المرتبة الثانية ب84 مقعدا، تليهم حركة "مجتمع السلم" (أكبر حزب إسلامي) ب65 مقعدا، ثم "التجمع الوطني الديمقراطي" (ثاني أحزاب الائتلاف الحاكم سابقا) ب58 مقعدا. فيما حصل حزب "جبهة المستقبل" (محافظ) على 48 مقعدا، يليه حزب "حركة البناء الوطني" (إسلامية) على 39 مقعدا. وبعد ظهور النتائج، أعلنت أغلب الأحزاب الفائزة دعمها لتشكيل حكومة موالية للرئيس تنفذ برنامجه، باستثناء حزب "حركة مجتمع السلم"، الذي فضل البقاء في مقاعد المعارضة. وفتحت هذه المواقف الباب أمام تشكيل حكومة شراكة سياسية بين الرئيس تبون والأحزاب الفائزة بأغلبية مقاعد البرلمان. وأظهرت تشكيلة الحكومة الجديدة، برئاسة "الوزير الأول" أيمن عبد الرحمن، تجديد الثقة في أغلب الوزراء المقربين من الرئيس، وكذلك سيطرتهم على الوزارات السيادية. وتمسك عبد الرحمن بحقيبة المالية، وتم تجديد الثقة في وزيري الداخلية كمال بلجود، والطاقة محمد عرقاب. فيما خلف رئيس المحكمة العليا، عبد الرشيد طبي، وزير العدل، بلقاسم زغماتي، وهو أحد أبرز الوزراء المغادرين.
مفاجأة لعمامرة
التشكيلة الجديدة حملت مفاجأة بمغادرة وزير الخارجية، صبري بوقادوم، وتعويضه برمطان لعمامرة، أحد أبرز الوجوه الدبلوماسية في عهد بوتفليقة (1999-2019). وشغل لعمامرة هذا المنصب بين عامي 2013 و2017، وعاد إلى قيادة الدبلوماسية الجزائرية لعدة أشهر في 2019، وهو العام الذي شهد استقالة بوتفليقة، تحت ضغط احتجاجات شعبية مناهضة لحكمه. وبين 2003 و2008، كان لعمامرة مفوضا للسلم بالاتحاد الإفريقي، ثم مستشارا بالأمم المتحدة والاتحاد، منذ 2019. كما جدد تبون الثقة في وزرائه السابقين للفلاحة عبد الحميد حمداني، والتجارة كمال رزيق، والصحة أبو بكر بن بوزيد، الذي أشرف على إدارة أزمة جائحة "كورونا". وجدد الثقة أيضا في وزير السكن طارق بلعريبي، والأشغال العامة كمال ناصري، والإعلام عمار بلحيمر، والشؤون الدينية مصطفى بلمهدي.
8 وزارات لشركاء الرئيس
وبعيدا عن الوزارات السيادية، حازت الأحزاب الفائزة في الانتخابات على 8 حقائب وزارية. ومن "جبهة التحرير الوطني"، حصل هشام صلواتشي وأحمد زغدار وسامية موافي على وزارات الصيد البحري والصناعة والبيئة تواليا. فيما حاز "التجمع الوطني الديمقراطي" وزارتي الثقافة والرياضة، عبر وفاء شعلال وعبد الرزاق سبقاق تواليا. أما وزارتا العلاقات مع البرلمان والانتقال الطاقوي فذهبتا إلى بسمة عزوار وبوزيان بن عتو من "جبهة المستقبل". وتولى ياسين مرابي، من "حركة البناء الوطني" (إسلامي)، وزارة التكوين المهني. ومن أصل 33 وزيرا، تم تعيين 16 وزيرا جديدا. واحتفظ رئيس الجمهورية بحقيبة الدفاع، وهي خارج التشكيلة الحكومية، وفق تقليد متبع منذ تسعينيات القرن الماضي. ومن المقرر أن تعكف الحكومة على كتابة برنامج عملها، تمهيدا لعرضه على البرلمان، لمناقشته والتصويت عليه. وفي حال، رفض البرلمان برنامج الحكومة، يكلف الرئيس تبون "رئيس أول" جديد بتشكيل الحكومة. فإذا رفض البرلمان مرة أخرى البرنامج الحكومي، يحل الرئيس البرلمان، ويدعو إلى انتخابات مبكرة خلال 3 شهور.