اعتبرت وزارة الخارجية المغربية السبت أن استضافة إسبانيا زعيم جبهة البوليساريو ابراهيم غالي بدعوى تلقي العلاج، "فعل جسيم مخالف لروح الشراكة وحسن الجوار"، مشددة على أن المملكة "ستستخلص منه كل التبعات". وقالت الوزارة في بيان أن عدم إبلاغ السلطات الإسبانية نظيرتها المغربية باستقبال غالي "ليس مجرد إغفال بسيط وإنما هو عمل يقوم على سبق الإصرار، وهو خيار إرادي وقرار سيادي لإسبانيا أخذ المغرب علما كاملا به وسيستخلص منه كل التبعات".
وشددت على "التداعيات الخطيرة" لهذه الخطوة على العلاقات بين البلدين اللذين تربطهما شراكة مهمة لا سيما في مكافحة الهجرة غير القانونية.
وكانت الخارجية الإسبانية أكدت قبل أسبوعين إن العلاقات مع المغرب لن تتأثر باستضافة زعيم البوليساريو، مشددة أن الاستضافة جاءت "لاعتبارات إنسانية بحتة".
وقالت وزيرة الخارجية الإسبانية أرانتشا غونزاليس لايا في مؤتمر صحافي "قدمنا للمغرب التفسيرات المناسبة حول الظروف التي أدت بنا إلى استقبال غالي في إسبانيا لأسباب إنسانية بحتة"، مشيرة إلى أنه سيغادر فور زوال هذه الأسباب.
لكن الخارجية المغربية قالت السبت إن "الاعتبارات الإنسانية لا تبرر المناورات التي يتم القيام بها من وراء شريك وجار".
وأضافت أن هذه الاعتبارات "لا يمكن أن تشكل تفسيرا للتواطؤ بخصوص عملية انتحال هوية وتزوير جواز سفر بهدف التحايل المتعمد على القانون".
وذكرت تقارير إعلامية أن زعيم البوليساريو أدخل بشكل طارئ الى مستشفى بإسبانيا في 21 أبريل بهوية جزائرية مزيفة. كما اعتبرت الخارجية المغربية أن "الاعتبارات الإنسانية لا يمكن أن تشكل ذريعة لتقاعس القضاء الإسباني" الذي ينظر في شكاوى ضد زعيم البوليساريو.
وفي هذا الصدد، قال الخبير في الشؤون الدبلوماسية والعلاقات الدولية بواشنطن، سمير بنيس، إن "قوة ووضوح البلاغ الذي أصدرته وزارة الخارجية، تجاه إسبانيا ما هو إلا خطوة تنذر بقرب الاعلان عن قرارها بدعوة السفيرة المغربية لدى إسبانيا للتشاور، ولم يقم المغرب بذلك، إذا لم تخني الذاكرة، منذ أن قام عام بدعوة السفير المغربي للتشاور عام 2000 في خضم الأزمة الدبلوماسية التي مرت بها العلاقات بين البلدين بسبب رفض المغرب تجديده لاتفاق الصيد البحري الذي انتهت صلاحيته نهاية عام 1999، وكذا بسبب عجرفة رئيس الوزراء السابق، خوصي ماريا أثنار، واستعماله للغة تهديدية ضد المغرب. ولم يعد السفير المغربي إلى منصبه إلى عام 2003 بعد الانفراج الذي وقع بعد عام من اندلاع أزمة جزيرة ليلى".
وأعرب الخبير المغربي، "عن اعتقاده أن هذه الأزمة أسوأ من تلك وتأتي في سياق سياسي إقليمي ودولي أصبح المغرب يتعامل نداً للند مع العديد من شركائه وبدأ يطالبهم بالمعاملة بالمثل واحترام مؤسساسته ووحدته بكل وضوح وثقة في النفس".
واعتبر بنيس، أن "الضرر الذي ألحقته هذه الأزمة بالعلاقات بين البلدين سيخلق أزمة ثقة كبيرة بين المغرب وإسبانيا ولا أظن أن الأمور ستعود إلى مجاريها وأن هناك مرحلة ما قبل وما بعد الأزمة التي تسبب فيها "محمد بن بطوش". وربما سننتطر لبضعة سنوات قبل أن تعود المياه لمجاريها.
وأشار إلى أن "العلاقات بين المغرب والحكومة الاشتراكية ربما وصلت للطريق المسدود وما سيفعله المغرب هو تعليق كل الزيارات المتبادلة والاجتماعات رفعية المستوى وتخفيض مستوى التعاون الأمني حتى تتضح الرؤية وحتى إجراء انتخابات تشريعية قد تأتي بالحزب الشعبي، الذي أظن أن المسوؤلين في المغرب أصبحوا ينظرون له بثقة أكثر من الحزب الاشتراكي، الذي ظل حتى عام 2018 الحزب المفضل لدى المغرب".
وأعلن متحدث باسم المحكمة الإسبانية العليا الجمعة أن غالي استدعي للمثول أمامها في الأول من يونيو، في قضية "تعذيب" مرفوعة ضده بإسبانيا.
وتقد م بالشكوى عنصر منشق عن الجبهة يدعى فاضل بريكة يحمل أيضا الجنسية الإسبانية.