تستمر معاناة ساكنة الأطلس، الذي يعرف بقساوة فصل الشتاء به، إذ تصبح العزلة ميزته لأشهر طويلة خلاله، بل وتتعدد مظاهر الأزمة التي تعانيها ساكنة الجبال العاتية فور استقبالها لأطول فصول السنة بمنطقة استقرارها. بدأت التساقطات منذ السبت الماضي كما تحكي رجاء، أستاذة التعليم الابتدائي بفرعية تالزمت بمجموعة مدارس أرانيوب، الواقعة بدوار آيت بنعيسى القريب من جبل بويبلان، تساقطات أدت إلى انسداد الطريق بين الدوار حيث تدرس وايموزار مرموشة مساء، مما اضطرها للبقاء هناك، لتحرم من عطلة نهاية الأسبوع إلى جانب ابنتها الوحيدة.
منذ السبت الماضي، تحكي رجاء التي حاصرت الثلوج منزلها كما باقي سكان الدوار، أنها عانت من تجمد المياه الصالحة للشرب ب 'الشاطو' القريب لها، بالإضافة إلى انقطاع تيار الكهرباء وشبكة الاتصال، ناهيك عن انتهاء المؤونة التي تأتي بها كل نهاية أسبوع.
وإذا كانت معاناتها تتوقف عند هذا الحد، فهذه الأخيرة تؤكد أن باقي ساكنة الدواوير المجاورة، عانوا مما هو أَمر، إذ أنهم اضطروا في مثل هذه الظروف لإذابة الثلج من أجل شربه، بالإضافة إلى انتهاء علف ماشيتهم ومؤونتهم الخاصة، ناهيك عن معاناتهم المتعلقة بأهم مادة يعيشون عليها، الحطب.
بعد انقطاعها عن العالم لفترة، وعدم تمكن تلاميذها من الوصول إلى المدرسة مدة أسبوع كامل، قررت رجاء التي ضاقت بها الدنيا على حد تعبيرها، من فرط التفكير بحال ابنتها ذات الثلاث سنوات، وبمآلها إن لم يتوقف تهاطل الثلوج بجبل لا تصله طريق تخفف عما طال سكانه من نسيان.
رجاء التي تستغرب للأرقام التي تبث خلال النشرة الجوية حول موزار مرموشة والدواوير القريبة منه، والتي لا تمت للواقع بصلة حسب تعبيرها، لم يكن ليأتيها الفرج لو لم يتمكن المدير من الاتصال بها بهدف التنسيق معها بخصوص امتحانات تلاميذ السنة السادسة ابتدائي، وهو الذي لم يكن يعلم بمستوى التساقطات الأخيرة بتلك الزاوية من المنطقة.
بعد اطلاعه على الوضع، تحكي رجاء أن المدير بادر للاتصال بمديرية التجهيز في بولمان، وطلب منهم التدخل من أجل فك العزلة عن ساكنة الدوار. وبعدما كان من المفترض أن يصل الفريق يوم الخميس على أبعد تقديرإلى الى هناك، حال سوء الأحوال الجوية دون ذلك، لتستمر معاناة الساكنة إلى غاية يوم السبت المنصرم.
تبعد رجاء عن الطريق التي تصلها السيارات مسافة 1000 متر تقريبا، ومن أجل الوصول إليها استغرقت هذه الأخيرة مدة ساعة كاملة، سقطت خلالها 15 مرة وسط الثلوج الكثيفة حسب ما تحكيه، وعند وصولها وجدت أن طاقم مديرية التجهيز قد مكن أهل الدوار اللذين احتجزوا بموزار بعد انغلاق الطريق بالثلوج، من العودة إلى ديارهم، وكان من بينهم صاحب نقل مزدوج ينقل أهل الدوار إلى موزار.
الأستاذة وأهل الدوار ينتقدون الوضع ويعتبرون المسؤول الأساسي عليه أبناء المنطقة من برلمانيين ووزراء تنكروا لها ونسوها حتى في كلامهم أو أسئلتهم داخل قبة البرلمان، كما يرون أن المساعدات التي تصل لمناطق توجد في السفح، كان يجدر أن تصل مثلها لمواطنين ينعزلون في الجبال لأسابيع.