قال الباحث في الشؤون العربية والسياسية في مركز يافا للدراسات، خالد سعيد، إن هناك أسبابا كثيرة وراء اعتذار المغرب عن عدم استضافة القمة العربية المقبلة، أهمها كونه من الدول الذي يؤمن بضرورة إعادة هيكلة منظومة الجامعة، بما في ذلك تنوع جنسيات من يتولون منصب الأمين العام، فضلا عن أسباب أخرى تتعلق بالأزمات الراهنة، بحسب صحيفة الوطن السعودية. وتشير المواقف المختلفة، وقراءات المراقبون أن رياح التغيير توشك أن تضرب احتكار مصر لمنصب أمين عام الجامعة العربية المستمر طيلة العقد الماضي، خاصة عقب إعلان أمينها العام الحالي نبيل العربي أنه لن يترشح لمنصبه مرة أخرى، وفي ظل تصريحات، وتباينات واضحة بين النظام المصري والدول العربية والخليجة المختلفة. ففي الوقت الذي يشير فيه المراقبون أن الموقف القطري والجزائري واضح بشأن احتكار مصر للمنصب، وأنه ستجرى مطالبات صريحة بتدويره، وتوقعات بانضمام المغرب لهذا الموقف، تظهر تصريحات لدبلوماسي كويتي يطالب كذلك بالتدوير في ظل الخذلان المصري للخليج، وسيطرة الموقف المصري على الجامعة. وعلى الرغم من وجود جبهة قوية داعمة للتغيير إلا أن حسم هذا الموقف وفقا لمراقبون يعود للمملكة العربية السعودية، إما بدفع مرشح من عاصمة أخرى أو الإبقاء على المرشح في القاهرة. وفي تقرير خاص، لصحيفة "الشؤون الخليجية"، فقد جاء إعلان الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي مغادرته لمنصبه، ورفضه التمديد ليفتح المشكلات مرة أخرى حول من سيتولى منصبه. وحسب ذات المصادر، فإن الإعلان المصري عن الدفع بمرشح بديل للعربي، يعد أول رد فعل رسمي على مغادرة العربي ، حيث أكد المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رشح مصريا جديدا للمنصب، مؤكدا امتلاكه ثقلا وخبرة دبلوماسية كبيرة، وأن مشاورات مكثفة تجري حاليا للحصول على الدعم العربي لهذا المرشح. وتشير مصادر دبلوماسية مصرية أن المرشحين المصريين هما ، وزير الخارجية المصري سامح شكري ، والمرشحين الآخرين المتوقع طرحهما وزير الخارجية الأسبق "بيل فهمي" أو "أحمد أبو الغيط". واعتبرت ذات المصادر، أنه في الوقت الذي ينص فيه الخليج على أن حل الأزمة السورية لا يتضمن استمرار بشار الأسد، وتمهد لتدخل عسكري سعودي، وترفض التدخل الروسي في الأزمة خاصة أنه مدعوم إيرانيا، نجد الموقف المصري على النقيض تماما، ويقترب بشكل كبير من الرؤية الإيرانية للحل، خاصة من حيث الترحيب بالتدخل العسكري الروسي، ورفض التدخل العسكري الإيراني. وتكرر التباين في الموقف بين الخليج ومصر في الأزمة اليمنية، حيث تخلت مصر عن الخليج في مواجهة محاولات المد الإيراني في اليمن ورفضت طلب سعودي للمشاركة في عاصفة الحزم. يضاف إلى التباين السابق التباين السعودي المصري في الموقف من التدخل في ليبيا، في الوقت الذي سعت مصر بدعم من الجامعة والإمارات على فرض القوة العربية المشتركة من أجل تدخل عسكري في ليبيا وهو ما استطاعت المملكة الوقوف في وجهه ومنعه. ويؤكد مراقبون أن قطر والجزائر ستعيد اتخاذ موقفها السابق بالاعتراض والتحفظ الصريح على بقاء منصب الأمين العام في مصر، وسط توقعات بانضمام المغرب لهم في هذا التحفظ. وقال الكاتب جمال سلطان في مقال له نشره موقع المصريون أن الموقف المغربي متوقع بشكل كبير تغيره في ظل زيارة "غير إيجابية" لوزير الخارجية المغربي لمصر، ومقابلته للسيسي وهي المقابلة التي خرج منها غاضبا وفقًا للكاتب لافتًا إلى أن اعتذار المغرب عن استقبال القمة العربية جاء نتيجة لتلك المقابلة. وبدأت عدد من الإشارات تكشف أيضًا عن انضمام الموقف الكويتي للموقف القطري الجزائري، حيث علق الدبلوماسي الكويتي، والملحق الثقافي الكويتي الأسبق ببيروت عبد الله الشايج على الاحتكار المصري لمنصب الأمين العام قائلًا "حان وقت التغيير، لا للمجاملات بعد اليوم يجب تدوير منصب جامعة الدول العربية بالتناوب بين الدول الأعضاء بالرغم من عجزها". جاء تعليق الشايج ردا على تغريدة نشرها أحد النشطاء تقول " طالما اعتبرت مصر أن جامعة الدول العربية فرع من وزارة خارجيتها وأن الأمين العام موظف بخارجيتها". ويأتي موقف الشايج ليكشف الغضب بين أوساط الدبلوماسية الكويتية من المواقف المصرية، وينبأ بالموقف الكويتي الرسمي المنتظر من انتخاب الأمين العام. فيما أكد الكاتب جمال سلطان في مقالته أنه وعلى الرغم من أن إرهاصات تغيير الاحتكار المصري للمنصب كبيرة إلا أن حسم هذه الوجهة وذلك الاختيار سيكون معلقا بالموقف السعودي، مضيفًا " وفي اعتقادي أن قرار السعودية في هذه المسألة سيكون حاسما ، إما بنقل المنصب إلى مرشح عاصمة أخرى، أو أن يبقى في القاهرة، وإذا أردنا أن نتلمس اتجاهات الريح في الاختيار فعلينا أن نتلمس من الآن الإشارات السعودية".