بانتخاب الأستاذ عبد الإله الحلوطي خلفا للأستاذ محمد يتيم، تكون نقابة الاتحاد الوطني للشغل قد قدمت درسا ديمقراطيا بليغا، وذلك في مؤتمرها الأخير الذي نظمته بالمركز الوطني "مولاي رشيد" للطفولة والتخييم.
إنه المركز الذي طالما شهدت رحابه مؤتمرات لأحزاب ونقابات وشبيبات، انتهى بعضها قبل أن يبدأ، كما أن بعضها كان من نتائجه انشقاق الهيئة بعدما لم يستطيع رفاق الدرب النضالي انتخاب قيادة جديدة وموحدة؛ بضم الميم وفتحها.
وهو أمر يعود في جزء منه إلى التشبث المَرضي لكثير من الزعماء النقابيين بين قوسين بكرسي الزعامة، وما يذره هذا الكرسي من منافع مباشرة وغير مباشرة. ليتحول معها الزعيم الذي يعمر فوق كرسي النقابة إلى داء عضال لا فكاك معه.
من منا لا يتذكر كيف انقلب حميد شباط والأندلسي على محمد أفيلال؟ وكيف لجأ هؤلاء للكلاب المدربة لتحرير مقرات الاتحاد العام للشغل من أنصار أفيلال.
النقابة المقربة من حزب "العدالة والتنمية"، والتي قادها محمد يتيم القيادي في نفس الحزب لولايتين متتاليتين، وهي المدة التي تسمح بها الأنظمة الداخلية للنقابة، اختارت أن تكون النقابة التي تحترم أنظمتها الداخلية التي تحتكم إليها.
كما اختارت أن تجدد قياداتها في استحضار عال لخطورة الوقوع في منطق الزعامة، الذي يجني على النقابة ويحولها إلى أشبه بضيعة للزعيم. وهو الأمر الذي يضعف حتما ودون شك النقابة في مواجهة باقي الأطراف. فالزعيم الذي يصبح جاثما على صدر نقاباته سيستمد قوته من خارج النقابات، أي من الجهات التي تدعمه، وهو الأمر الذي سيصادر قرار النقابة في الأخير.
أعتقد أن النقابات اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى، أن تكون فاعلا أساسيا في معادلة الدفاع عن مطالب الشغيلة، لكن قوتها هاته تتطلب تحصين قرارها الداخلي أولا. وبناء إطار ديمقراطي يقطع مع منطق الزعامة، ثانيا، وكل ذلك سيساهم في أن تتحول النقابة إلى إطار حقيقي للفعل والنضال الديمقراطي كذلك.