سؤال معقول جدا، لأنه من الواضح أنه لم يعد كذلك منذ ما يقارب الثلاث سنوات. لكن ما الداعي إلى طرح السؤال؟ لم أكن قد زرت إيميلي منذ فترة بفعل انشغالي بإصلاح بيت خشبي في ضواحي بنسليمان، وعندما فتحته عثرت من بين ما عثرت على رسالة من عبد الرحيم العلام تحمل عنوان "بلاغ للمكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب حول المركب الثقافي والرياضي الجديد لاتحاد كتاب المغرب دار الفكر بحي الرياض، بمدينة الرباط". فتحت الرسالة فوجدت وابلا من الصور التي أمطرنا بها عن المقر الجديد، الذي يبدو فخما، يشبه إلى حد ما مقر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الموجود في نفس الحي بعد الصور جاء بلاغ المكتب التنفيذي الذي يبدأ على النحو التالي: بتعليمات سامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله لتشييد مقر جديد لاتحاد كتاب المغرب، الذي أطلق عليه اسم: "المركب الثقافي والرياضي لاتحاد كتاب المغرب: دار الفكر"، تم الشروع منذ أزيد من سنة في تشييد هذا المركب الكبير بحي الرياض بمدينة الرباط"، قبل أن يستطرد بأن الزيارة التي أجراها "رئيس" الاتحاد بدعوة من والي جهة الرباطسلاالقنيطرة، ل"مرافق أشغال إنهاء بناء الشطر الأول من المركب الثقافي والرياضي: المسرح الكبير (312 مقعدا)، وقاعة متعددة الاستعمال، وأخرى للاستقبال والاجتماع، والمطعم، والمقهى، ومكتبة الأطفال، وصالة الرياضة، ومستودع الملابس، والحمامات، ومرافق أخرى …، وذلك في انتظار استكمال بناء الشطر الثاني للمركب الذي سيشمل تشييد مرافق إدارية وفنية (فضاء المعارض، ومكتبة الاتحاد، والأرشيف، وفضاء الاستقبال، والحديقة الأندلسية، ومرآب لوقوف السيارات…". مقر من هذا النوع، كان حلم الكتاب منذ تاريخ بعيد. منذ كان الاتحاد اتحادا حقيقيا. وأذكر يوم اجتمع المكتب التنفيذي الحالي للاتحاد مع الرئيس السابق للحكومة عبد الإله بنكيران وتم الحديث عن مقر يشبه نادي جمعية الأعمال الاجتماعية لوزارة العدل بحي الرياض، يشتمل على مقرات لإيواء الكتاب وعلى كل ما يحتويه المقر الحالي من قاعة للمحاضرات ومكتبة ومقهى ومرافق رياضية. لكن المقر جاء بعد ما أفرغ الاتحاد كمؤسسة ثقافية من محتواه، وبعد أن فقد مسيروه أية مصداقية سواء أمام الرأي العام الثقافي أو أمام أعضاء الاتحاد أنفسهم. ليس جزافا أن أتحدث عن مقر الاتحاد الاشتراكي الذي يرفل في الفخفخة بعد انتهاء الاتحاد الاشتراكي، وبالمثل فاتحاد كتاب المغرب لم يحصل على المقر إلا بعد أن انتهى، ومثله مثل الاتحاد الاشتراكي تماما فإنه لا يعمل سوى على اجترار خيباته والتقرب من أصحاب القرار طمعا في فتات الموائد. دار الفكر في حاجة إلى اتحاد كتاب فاعل، ديمقراطي، وشرعي، منتخب وذي مصداقية. وبما أن كل ذلك منتف في الاتحاد الحالي، الذي لا أتصور أنه ستقوم له قائمة في المستقبل، فينبغي التفكير في إيجاد هيأة مستقلة من الكتاب تشرف على تسيير دار الفكر، وأن لا يشترط في الكتاب أن يكونوا أعضاء في الاتحاد، وأن يتم استبعاد رئيس الاتحاد ومكتبه التنفيذي كيفما كان نوعه. كما ينبغي إيجاد صيغة لاستفادة جميع الكتاب من الدار، بمن فيهم غير المنخرطين في الاتحاد. ماذا يعني بلاغ العلام؟ يعني أنه يصدق أنه ما زال رئيسا لاتحاد كتاب المغرب، أو يدعي تصديق ذلك، رغم كونه لم يعد كذلك منذ أزيد من سنتين. فهو يعرف جيدا، مع مكتبه التنفيذي، أن كل قراراته لاغية ولا يعتد بها، منذ انتهاء ولايته في شتنبر 2015، وعوض العمل على تنظيم المؤتمر لتجديد هياكل الاتحاد وانتخاب رئيس ومكتب تنفيذي جديدين، فإنه يربح الوقت مدعيا أنه جاء بالمقر، في حين أن المقر لكي يكتمل إنجازه ما يزال أمامه سنة أو سنتان، فهل معنى ذلك أن المؤتمر لن يعقد إلا بعد انتهاء الأشغال بالمقر؟ منذ شتنبر 2015، لم يعد للمكتب التنفيذي صلاحية لاتخاذ أي قرار، ومع ذلك فقد اتخذ عدد من القرارات، نشير إلى أهمها بالنظر إلى كثرتها. 1- الرحلة المنظمة إلى الصين في مستهل عام 2016. 2- عدة رحلات إلى الخليج العربي، خاصة دولة الإمارات العربية المتحدة. 3- عدة رحلات إلى باريس. 4- اتخاذ القرار القاضي بإلغاء عضويتي من الاتحاد بعد نشري لغسيل "الرئيس" وبعض أعضاء المكتب التنفيذي. 5- سفر من ما زال يعتبر نفسه رئيسا، في سرية تامة، إلى تونس في آخر يوم من السنة الفارطة لتمثيل اتحاد الكتاب والأدباء العرب في المؤتمر العشرين لاتحاد الكتاب التونسيين، رغم رفضه وصاية هذا الأخير قبل شهر من ذلك 6- زيارة "الرئيس" بطريقة انفرادية للمقر الجديدلاتحاد كتاب المغرب بحي الرياض، رغم انتهاء صلاحية رئاسته ودون أن يسحب معه أي عضو من المكتب التنفيذي. لقد أصبح من العادي، بعد أحداث الحسيمة، أن يتفقد رجال الدولة المشاريع الملكية، ولكن الغريب هو أن يخرج من يعتقد أنه ما زال رئيسا، ببلاغ في هذا التوقيت بالذات، فماذا يعني ذلك غير تلميع صورته؟. "كما تَقْتُل تُقْتَل"، مثل دارج يصلح في سياقنا هذا. فعبد الرحيم العلام، الذي يمارس الاستبداد الماكر داخل المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب، بات يعيش نفس الوضع مع اتحاد الأدباء والكتاب العرب، ولا أدل على ذلك من البلاغ الأخير الذي أصدره الاتحاد (أو العلام على الأصح)، والذي يشكو فيه من عنجهية رئيس اتحاد الأدباء العرب، ناسيا أو متناسيا أنه هو من تنازل له عن الرئاسة كما جاء في بلاغ أصدره سابقا وقال فيه "لنعرف جميعا مدى الحدود المسموح بها ل"الشاعر العربي الكبير" بصفته أمينا عاما؛ وهي الصفة التي تنازل له عنها اتحادنا، بكل محبة وتقدير، فراح اليوم يحاكمنا بها، وبكل الوسائل الدنيئة الممكنة". وأضاف العلام دون أن يطرف له جفن، أن اتحاد كتاب المغرب يعري أعطاب اتحاد الأدباء بمواقفه القانونية وبياناته الشرعية (أي قانون وأية شرعية يتحدث عنهما العلام هو الذي يشتغل خارج الشرعية وخارج القانون منذ أكثر من سنتين؟)، ثم لماذا تنازلتَ عن رئاسة اتحاد الكتاب والأدباء العرب؟ من خوَّل لك ذلك؟ ألا يمكن اعتبارك خائنا يا من يدعي الوطنية والدفاع عن المغرب. أما بخصوص البلاغ الجديد، الذي كان سبب نزوله هو انعقاد اجتماع المكتب الدائم بدمشق ما بين 13 و15 يناير الجاري. لكن ما يهمني من البلاغ هو كون نفس السلوكات التي يحتج عليها العلام هي التي يقوم بها. وأرجو من القارئ أن يحول كل ما يتعلق برئيس الاتحاد العام إلى رئيس اتحاد كتاب المغرب وسيعرف حقيقة المثل المدرج سالفا. يشير العلام في بلاغه "إلى محاولات الأمين العام الرامية إلى القفز على عقد "اجتماع استثنائي للمكتب الدائم"، حسبما التزم بذلك، لمناقشة القرارات العالقة، والبيانات غير المشروعة والباطلة الناجمة عما سمي، بشكل غير قانوني، ب "المؤتمر العام الاستثنائي"". والعلام نفسه قفز على اجتماع المجلس الإداري للاتحاد كما ينص على ذلك القانون الأساسي، كما كان دائما يقفز على عقد اجتماعات دورية للمكتب التنفيذي، الذي لم ينعقد في فترة معينة لأكثر من سبعة أشهر متلاحقة، وذلك يخدم العلام في إمكانية الانفراد بالقرار. ويضيف عبد الرحيم العلام في مكان آخر من بلاغه: وها نحن اليوم أمام اجتماع جديد للمكتب الدائم بدمشق، في الفترة من 13 إلى 15 يناير 2018، وكأن الأمين العام للاتحاد العام يضعنا جميعا أمام ما يرتضيه هو من قرارات لن تكون إلا باطلة، لأنها لا تخدم سوى أجندات معروفة، ضدا على النظام الأساس للاتحاد العام وعلى مقرراته. قبل أن يختم ب" هذا، وسنواصل التنديد بما تلجأ إليه الأمانة العامة من أساليب التعتيم والتجاهل والاستعلاء، ومن ضرب مجحف للقوانين المنظمة لعمل اتحادنا العام". وأنا أعيد صياغة نفس الفقرة لكن الشخص المعني بها هذه المرة هو عبد الرحيم العلام نفسه. وأقول وكأن "رئيس" اتحاد كتاب المغرب كان يضعنا جميعا أمام ما يرتضيه هو من قرارات لن تكون إلا باطلة، لأنها لا تخدم سوى أجندات معروفة، ضدا على النظام الأساسي لاتحاد كتاب المغرب، لذا سنواصل التنديد بما يلجأ إليه المكتب التنفيذي للاتحاد من أساليب التعتيم والتجاهل والاستعلاء، ومن ضرب مجحف للقوانين المنظمة لعمل اتحادنا.