وجه حميد المهدوي، مدير موقع "بديل" المعتقل بسجن الحسيمة، رسالة إلى الملك، هذا ما جاء فيها: صاحب الجلالة، تلقيت ببالغ السرور نبأ نجاح العملية التي خضعتم إليها داعيا لكم الله بالشفاء العاجل. صاحب الجلالة، كان بودي أن لا أثير هذا الموضوع اليوم لأن المقام والوقت لا يستقيمان لذلك، لكن بلغ السيل الزبا، والمصاب جلل، بعد أن بلغ لعلمي أن أسرتي وعائلتي مفزوعة نتيجة ما نشرته وزارة العدل من تهم في حقي تصل فيها العقوبة إلى حد الإعدام. وحيث أن هذه الاخبار تأتي عشية محاكمتين في حقي، مما يفيد أن الغاية منها هو تهييء الرأي العام العالمي والمغربي لرفع العقوبة في الحسيمة وعقوبة أفظع في الملف الذي أتابع فيه بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء. وحيث أن الفصل 21 من الدستور المغربي ينص على ان : " لكل فرد الحق في سلامة شخصه" إلا أنني رغم صيحاتي ورسائلي المتعددة بخصوص وضعي الصحي، لم أتلقَّ علاجا لأسناني والتي بدأت تفقد مكانها ونظري الذي ضعف وتدهور كثيرا. وحيث أن الفصل 22 من الدستور المغربي ينص على أنه: " لا يجوز المس بالسلامة المعنوية لأي شخص"، وحيث أن الفصل 23 يقول أيضا:" يتمتع كل شخص معتقل بحقوق أساسية وظروف انسانية"، إلا أن الجهات المفبركة لاعتقالي أبت إلا أن تمس سلامتي المعنوية من خلال افزاع أسرتي بخبر إعدامي وتهديد زوجتي بالابتعاد عن قضيتي، بعد أن حاولوا الايقاع بينها وبين عائلتي. كما أبت هذه الجهات إلا أن تمس سلامتي المعنوية ، مرة بوضعي في زنزانة انفرادية بعكاشة بلا تهوية ولا شمس لمدة 23 ساعة في اليوم، وطيلة 21 يوما، وتفتيشي بطريقة مهينة وفي مناطق حساسة من جسمي قبل أن تمس سلامتي المعنوية بسجن الحسيمة بوضعي في زنزانة تضم 15 شخصا من معتقلي الحق العام، أحدهم متهم بتزوير أوراق السيارات والآخر بحيازة 28 كلغ من الحشيش وآخر بالسرقات المتعددة للمنازل وآخر باغتصاب طفل وكل ذلك بغاية كسر معنوياتي وإظهار أنني كأي مجرم ومثل بقية مجرمي الحق العام وليس كصحفي. وحيث أن نفس الفصل 22 من الدستور المغربي ينص على أنه: " لا يجوز معاملة الغير تحت أي ذريعة معاملة قاسية أو لاإنسانية إلا أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية نقلتني من الدارالبيضاء للحسيمة لمسافة 700 كلم بدون فطور ولا غداء فوق كرسي خشبي مؤلم، والأفظع هو حينما أصابني ألم في بطني وتقيأت، نقلوني من سيارة إلى أخرى بطريقة هوليودية وكأنني داعشي أو أشكل خطرا على النظام العام، ولم يسمح لي حتى بخمس دقائق من الراحة لشرب الماء. وحيث أن المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية التي تفيد أن "الشكل يفسر لفائدة المتهم وأن كل متهم بجريمة بريء إلى أن تثبت إدانته بحكم قضائي نهائي بعد تمتعه بمحاكمة تتوفر فيها ضمانات المحاكمة العادلة"، فيما المادة 608 من نفس القانون تفيد أنه" لا يجوز اعتقال أحد إلا على أساس سند صادر عن السلطة القضائية"، إلا أنه جرى اعتقالي استنادا على أساس صادر على قرار السلطة الحكومية، ممثلة في عضوها وزير العدل، الذي تربطني به عداوة ثابتة بعد أن تقدم بشكاية ضدي إلى القضاء حينما نشرت خبرا عنه منسوب لعلي المرابط حينما كان الأخير مضربا عن الطعام بجنيف. وحيث أن الفصل 110 من الدستور المغربي يقول: "لا يلزم قضاة الأحكام إلا بتطبيق القانون. ولا تصدر أحكام القضاء إلا على أساس التطبيق العادل للقانون"، إلا أن الحكم الصدر ضدي في الحسيمة لم يصدر على أساس التطبيق العادل للقانون وإنما صدر على أساس محاضر مزورة بدءََ بمحضر المعاينة الذي قام صانعه رفقة تقني مسرح الجريمة التابع لولاية أمن الحسيمة بإتلاف دلائل من شأنها إظهار الحقيقة في قضيتي، علما أن المادة 57 من قانون المسطرة الجنائية تنص على "معاقبة كل شرطي قام بإتلاف أدلة قابلة للاندثار أو أدلة من شأنها اظهار الحقيقة، علاوة على أن محضر الاستماع تضمن تزويرا فاضحا ومفضوحا، موجب للعقوبة بالسجن المؤبد للمحقق استنادا للفصل 353 من قانون المسطرة الجنائية الذي يعاقب ب"السجن المؤبد لكل شرطي حذف تصريحات يتلقاها من الشخص الذي يستمع له أو قام بتغيير في التصريحات التي يتلقاها". وحيث أن متابعتي في الدارالبيضاء، هي متابعة كيدية سطرها وكيل عام معروف بعدائه الشديد لي بعد أن وقفت إلى جانب القاضي المعزول محمد الهيني الذي كان (الوكيل العام) هو المقرر في ملفه، وفضحت قراراته واجراءاته في هذا الملف. وحيث أن الخلفية من متابعتي في حالة اعتقال بالدارالبيضاء ومتابعتي في الحسيمة في حالة اعتقال كذلك ليس روحها القانون وإنما محركها الانتقام من طرف الوكيل العام بالحسيمة الذي فضحت بيانه ضد الناشط المعتقل ناصر الزفزافي في أكثر من شريط، خاصة حينما تحدث عن الدين واستند على التقويم الهجري بدل الميلادي حينما حرض ضد الزفزافي. وحيث أن الغاية من اعتقالي بالحسيمةوالدارالبيضاء حول موضوع واحد هو حراك الريف هي محاولة عزلي وعزل الزفزافي والريف عن المغاربة وإظهاري بصفة الصحفي الذي له علاقة بمؤامرة ومحاولة اسقاط صفة صحافي الشعب المغربي عني. وحيث أن متابعتي في ملف الدارالبيضاء تجعل المغرب اضحوكة أمام العالم بعد أن برر قاضي التحقيق متابعته لي بأربعة قرائن لا يمكن أن يثق فيها حتى طفل صغير أو مجنون، حيث تساءل قاضي التحقيق في القرينة الأولى عن سبب اتصال ذلك المجهول بي تزامنا مع وجود اضطرابات بالحسيمة، وهنا أقول إن قرينة قاضي التحقيق كانت ستحمل مصداقية وصحة لو أنني أنا المتصل ولست المستقبل لهذا الاتصال. و أتساءل هل يمكن التواطؤ بين شخص مجهول وآخر معلوم، والتواطؤ يقضي التواصل بين شخصين معلومين لدى بعضهما البعض ، وأتساءل هل سبق أن اتصلت بهذا المجهول، وهل يمكن للشرطة ان تأتي بدليل يؤكد أنني تواصلت معه (المجهول) في وقت سابق بمبادرة مني؟ القرينة الثانية التي جاء بها قاضي التحقيق، هي حين قال لي إنني وصفت الشخص المجهول بالرجل الصادق والطيب، وفي التاريخ أغلب وأفظع الجرائم يرتكبها أناس يظهرون بمظهر الطيبوبة، وأكثر من ذلك فإن الصحفي يجب أن يتحلى بأدب التواصل مع المتواصلين معه. القرينة الثالثة، يقول فيها قاضي التحقيق إنني لا أملك الأهلية لتقييم هل ذلك الشخص خطر أو لا؟ وإذا كانت لا أتوفر على الأهلية والسلطات الأمنية والقضائية هي التي لها الاهلية فلماذا سمحت لهذا الشخص بالاستثمار في المغرب وامتلاك عقارات بحي الرياض والدخول والخروج للمغرب كما يريد ست مرات في السنة؟ وإذا كنت لا اتوفر على الأهلية فكيف يمكنني إنشاء وإدارة موقع إخباري ومسؤول أمام الدولة قانونيا عنه؟ كما أنه سبق لي طيلة مشواري الصحافي أن سمعت من عدة أشخاص في حالة انفعال أو بعد صدور أحكام يعتبرونها ظالمة في حقهم ان عبروا عن رغبتهم في قتل فلان وعلان فإذا أردت أن أبلغ عن ذلك سأقضي طيلة الوقت في التبليغ . القرينة الرابعة، يقول فيها قاضي التحقيق لماذا نشرت خبر مصدره هو ذلك المجهول قال لي فيه إن الزفزافي يطلب من النشطاء الانسحاب من الشارع لمدة ثلاثة أيام والتزام التهدئة والسلمية؟ وهنا أقول إنني نشرته لأنني رأيت في ذلك مصلحة الوطن ومصاََ للاحتقان وتهدئة للأوضاع وفي عدد من الأخبار التي ننشرها أحينا يكون لها دور لخدمة الوطن مثلا يوم نشر خبر أن الملك يبكي بعد عودة المغرب للاتحاد الافريقي ويوم قال الزميل الصحفي توفيق بوعرشرين في إحدى مواده الصحفية "الملك اسقط النظام" عقب خطاب 9 مارس فهل كان الملك قد أسقط النظام حينها؟ وإذا جاءني خبر من إسرائيلي أو جزائري او بوليساريو وفيه خدمة لمصلحة الوطن ألن أنشره؟ وحيث أنكم يا صاحب الجلالة كبير قضاة المملكة المغربية وتتولون بمقتضى الفصل 117 من الدستور حماية حقوق الأفراد والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون. وحيث أن الوكيل العام بالحسيمة تقاعس عن مهاهم وأنكر العدالة رفقة الوكيل العام بالدارالبيضاء حيث تنكر الأول لمقتضيات المادة 49 من قانون المسطرة الجنائية التي تلزمه بالسهر على تطبيق القانون الجنائي في مجموع دائرة نفوذ محكمة الاستئناف، إلا أنه لم يحرك الشكاية التي توصل بها في حق قائد بني جميل الذي هدد مواطنين بنكحهم وشكايات أخرى في حق عدد من المسؤولين من بينهم عزيز أخنوش. وحيث أن الفصل 6 من الدستور ينص على أن "القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له. تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. تعتبر دستورية القواعد القانونية، وتراتبيتها، ووجوب نشرها، مبادئ ملزمة. ليس للقانون أثر رجعي". وحيث أن الفصل 42 يحثكم يا صاحب الجلالة على حماية الوثيقة الدستورية وصيانة الاختيار الديمقراطي. وحيث أنني صحافي بموجب بطاقة مهنية كما تنص على ذلك المادة 3 من القانون الأساسي للصحافيين المهنيين .وحيث أن هذه الصفة لا تسقط إلا بمقتضى مقرر قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به ولا تسقط إلى إذا كانت التهم هي الارتشاء والابتزاز والاغتصاب والاتجار بالمخدرات وخيانة الامانة والنصب والاحتيال، وأنا لا أتابع بأية تهمة من التهم المذكورة، فلا تسقط عني هذه الصفة. وحيث أن الاسلام دين الدولة بمقتضى الفصل 3 من الدستور. وحيث أنكم يا صاحب الجلالة بمقتضى الفصل 41 ترأسون إمارة المؤمنين. وحيث أن الرسول (ص) يقول إن "ساعة عدل تساوي ستين سنة"، فيما عمر ابن الخطاب يقول "لو عثرت دابة في العراق لسُئل عنها عمر"، فيما يُزج بصحفي داخل السجن ظلما وعدوانا. وحيث أن ابو بكر الصديق يقول "يا قوم لقد وليت عليكم فإن أحسنت فأعينوني وإن أخطأت فقوموني"، فكيف لخليفة يقبل التقويم في وقت يزج بي في السجن فقط لأنني انتقدت رئيس حكومة أو وزير الداخلية أو مسؤول أمني؟ وحيث انكم يا صاحب الجلالة شددتم على الصحافيين في الرسالة التي بعثتم بها للصحافة سنة 2002 انهم يتحملوا المسؤولية التاريخية في بناء صرح الدولة... وفي الرسالة التي وجهتموها لوزراء الإعلام العرب سنة 2009 تؤكدون فيها على "ضرورة تحصين الذات من المؤثرات السلبية، وفضح المناورات"، فكيف تعتقلني مؤسسة الوكيل العام وأنا مؤسسة مستقلة شريكة للملك في بناء الديمقراطية..؟ لكل هذه الأسباب ألتمس من جلالتكم ما يلي: – إصدار أوامركم بالتحقيق في كل هذه الاتهامات التي وردت في هذه الرسالة وأنا اتحمل كافة مسؤوليتي – إصدار أوامركم بفتح تحقيق في ظروف اعتقال عدد من النشطاء الذين يصرحون بتعرضهم لتعنيف وزورت في حقهم محاضر، وبالمقابل هناك من اعترف برشق عناصر القوات العمومية بالحجارة وهو العمل الذي أدنته. – حمايتي وحماية أسرتي وعائلتي لأنني أصبحت أخاف عليهم وفي الختام أشكر الجميع، أسرتي وعائلتي وهيئة تحرير موقع بديل، وهيئة دفاعي وهيئة التضامن معي ومع بقية الصحافيين المعتقلين، والزميلات والزملاء بالمنابر الإعلامية الجادة وكل الشرفاء والشريفات من نشطاء فيسبوكيين ومتضامنين حقوقيين ونقابيين وسياسيين من داخل المغرب وخارجه، وأؤكد لكم أن معنوياتي عالية لأنني أملك صفة صحافي ومعتقل رأي ومرضي الوالدين ولأني محفوف بحب وأنصار شرفاء ولأن لدي أمل في الملك أن يصلح الانحرافات التي تقع في البلاد من حين لآخر، فاختاروا ما شئتم من القضاء وافتحوا زنازنكم الانفرادية أو الجماعية فإنني سأظل فرحا مبتسما بفضل تضامن وحب كل هؤلاء الشريفات والشرفاء. وأخبركم يا صاحب الجلالة أنه منذ اعتقالي لم يضرني ويؤلمني شيء سوى أمرين الاول أنني في يوم عيد الأضحى علمت أن أسرتي كانت مشردة بالحسيمة وأخوتي بسلا وأبي وامي بسيدي قاسم والثانية هي عندما رأيت عبر قنوات الاعلام العمومي ولي عهدكم وهو يعطي انطلاقة الموسم الدراسي في وقت كان فيه نجلاي أمام سجن الحسيمة في انتظار معانقة والدهم الذي حرموا من رؤيته يوم العيد، فمهما صدرت من أحكام لن تكون أكثر ألم علي مما شعرت به خلال هذه اللحظات.