عندما يجتمع قرابة ثلاثة ملايين حاج من أصقاع الدنيا ولا تكون خطبة عرفات عن همومهم الكبرى، وجراحهم النازفة، وقضاياهم الساخنة، ومشكلاتهم المتفجرة؛ فهذا يعني أن الحج مختطف. عندما يتجاهل خطيب عرفات الدماء المتدفقة في سوريا وفلسطين والعراق وبورما وتركستان الشرقية وافريقيا الوسطى وغيرها من جراح الأمة الراعفة؛ فهذا يعني أن الحج مختطف. عندما لا يرى خطيب عرفات من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم عرفات "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام" سوى معنى الاقتتال بين المسلمين، ويتجاهل حرمة دم المسلم المذبوح من اعداء الامة ومن طغاتها في مختلف الساحات؛ فهذا يعني أن الحج مختطف. وعندما لا يرى خطيب عرفات مشكلة مؤثرة على أمن المجتمعات الاسلامية سوى مشكلة الإرهاب والجماعات الإرهابية في تساوق مع إرادة الغرب، ويتجاهل أهم أسباب فقدان المجتمعات المسلمة لأمنها وهو الاستبداد والظلم والقمع والطغيان والاحتلال؛ فهذا يعني أن الحج مختطف. وعندما يؤصل خطيب عرفات لمفهوم الأمن على أن المراد به هو الامن في ظل حكومات القمع والاستبداد ويحاول التسويق لذلك على أنه المفهوم الاسلامي للأمن في غمز خفي ولمز مبطن بثورات الشعوب التي أحال الطغاة بلادهم فوضى ودمارا؛ فهذا يعني أن الحج مختطف. وعندما يطالب خطيب عرفات الامة الاسلامية جمعاء أن تبتهل إلى الله ليحفظ سلمان وابنه محمد، ويفسح لهما باسميهما وصفتيهما تبجيلا وتفخيما حيزا من أعظم خطبة في العام؛ فهذا يعني بأن الحج مختطف.