في هذا التحقيق الصحفي يحاول موقع "الأول" الإجابة على سؤال لماذا توقف مشروع "وان سطوب شوب" الذي كان يهدف إلى بناء مدينة للسينما بورزازات ؟ هذا لمشروع الذي بدأ الاشتغال عليه سنة 2013، بعدما كان قد أدرج ضمن الاستراتيجية الوطنية لتطوير الصناعة السينمائية بالمغرب خلال الفترة الممتدة ما بين 2008 و2016، كما أنجزت الدراسات الميدانية والتقنية من قبل مكتب الدراسات "إيكوترا" بعدما رصدت الجهة في صيغتها القديمة (سوس ماسة درعة) تمويلا له بقيمة 2 مليون درهم، لكن هذا المشروع بقي على ورق هذه الدراسات ولم يتم إخراجه إلى أرض الواقع، وذلك لعدة اعتبارات فيها ما هو محض شخصي وفيها ما هو "موضوعي" يتعلق بعدم انخراط مجموع الشركاء في السينما والسياحة والثقافة والمجالس الجهوية "الترابية" في رصد والبحث عن تمويلات لإنجاز "مدينة السينما". لماذا توقف المشروع؟ صارم الفاسي الفهري، مدير المركز السينمائي، لا يرى أهمية لإنجاز هذا المشروع الملكف في الوقت الحالي، واقتصاديا ليس له أي أساس، يقول، ويضيف موضحا: "ال"وان سطوب شوب" يجب أن يكون منفتحا، بالإضافة إلى السينما، على الإشهار والتلفزيون، والطريقة التي أنجزت بها الدراسة خلصت إلى أن المشروع يجب أن ينجز في ورزازات، وأن يتم تمويله من المال العام لمدة عشر سنوات، ويتوقف بعدها لأن المشروع كبير جدا ويحتاج إلى صناعة سينمائية وتلفزيونية وكذلك إلى وجود سوق للإشهار"، مضيفا: "مشروع كهذا يمكن أن ينجز في باريس أو أي دولة لها هذه الصناعة. لكنه لن يكون صالحا في مدينة مثل ورززات". موقف صارم الفاسي الفهري، هذا، يرفضه عبد الرزاق الزيتوني، مدير لجنة الفيلم بورزازات، وهي الجهة التي اقترحت المشروع وأشرفت على إعداد الدراسات الأساسية له، يقول الزيتوني موضحا: "هذا المشروع تم اتخاذه أولا في سياق استراتيجية النهوض بالسينما في عهد الوزير خالد الناصري منذ سنة 2008، ولجنة الفيلم قامت بالبحث عن كيفية تطبيق هذا المشروع وذلك من خلال شراكة مع الجهة وقمنا بإجراء دراسة ل"وان سطوب شوب" من خلال دراسة مقارنة لما يحدث في العالم وكذلك الكيفية التي ستساهم بها هذه المدن السينمائية في الرفع من الصناعة السينمائية وكذلك جلب الانتاجات الأجنبية"، موضحا: "نعم المشروع كبير، لكن لماذا علينا توقيفه؟ أليس من حق المغرب أن ينجز مثل هذه المشاريع التي أصبحت مهمة للدخول في المنافسة مع الدول التي تجلب الانتاجات من خلال الاعفاءات الضريبية وتوفير البنية التحتية، كما وقع مؤخرا من خلال هروب منتجي فيلم علاء الدين الأجنبي إلى جنوب إفريقيا التي توجد فيها مثل هذه البنيات التحتية". مصدر مقرب من وزير الاتصال السابق مصطفى الخلفي، قال أن "الخلفي، عندما كان وزيرا للاتصال، استقبل لجنة السينما بورزازات وتم الاتفاق على 17 اجراء يهم السينما بالمدينة، في شهر ماي من سنة 2012، ومن بينها مشروع وان سطوب شوب، الذي تم الاتفاق على تمويل جزء من الحزمة (package) وهو تمويل بناء قاعتين للسينما بمبلغ 1,5 مليون درهم"، مضيفا أن "المشروع كان مشتركا منذ البداية بين لجنة الفيلم بوزازات، والجهة في صيغتها القديمة، ووزارة الاتصال التي كانت قد أدرجت هذا المشروع في الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالقطاع السينمائي في عهد وزير الاتصال الأسبق خالد الناصري". الزيتوني مدير لجنة السينما يضيف مؤكدا: "فعلا تم الاتفاق مع مصطفى الخلفي على 17 نقطة في اجتماع بين الوزارة ولجنة الفيلم وتم إدراج مسألة بناء قاعتين للسينما في الاتفاقية الجماعية التي وقعت في أواخر سنة 2012، ولكن القاعات لم تقدم بتاتا في إطار مشروع "وان سطوب شوب" بل هو نقطة بين النقط التي تم الاتفاق عليها في الاتفاقية والتي كان موجود مشروع المدينة السينمائية بينها". مسؤولية الجهة على الرغم من عدم انطلاق المشروع من قبل جهة درعة تافيلالت وبداية الاشتغال فيها في إطار الجهة القديمة "سوس ماسة درعة"؟ إلا أن القانون التنظيمي المتعلق بالجهات رقم 111.14 في مادته 256، ينص على أنه "في حالة ضم جهة إلى جهة أخرى كليا أو جزئيا، أو تجميع جهتين أو أكثر في جهة واحدة، أو حلول جهة أو أكثر محل جهة قائمة، أو إحداث جهة جديدة، أو حذف جهة قائمة، تطبيقا لنصوص تشريعية أو تنظيمية، تحل الجهات الجديدة نتيجة الضم أو التجميع أو الإحداث أو الحذف محل الجهات القائمة في جميع الحقوق والالتزامات"، وهو الأمر الذي يتفق معه رئيس الجهة الحبيب الشوباني، بقوله إن "مشروع "one stop shop" ورثناه عن الجهة فيي صيغتها القديمة، لكني أعتبر أنه مشروع مهم ومهيكل للجهة"، مضيفا أن "الجهة مهتمة جدا بهذا المشروع وسيتم إدراجه في مخطط التنمية للجهة الذي سيقدم بعد خمسة أشهر، ومن بين الأمور التي نناقشها الآن بخصوص هذا المشروع هي توفير الوعاء العقاري، لأنه الوعاء العقاري الذي خصص في الدراسة تم استغلاله من قبل مصلحة عمومية أخرى ولم يعد موجودا"، وهي المساحة التي قدرت في الدراسة، التي يتوفر الأول على نسخة منها، ب 236 هكتار تم نقلها بعد توقف المشروع لصالح القوات المسلحة الملكية. ويضيف الشوباني أن "العمل الذي يجب أن نتشغل عليه في هذه الجهة بالإضافة إلى هذا المشروع المهم الذي قدمته لجنة الفيلم بورزازات التي يرأسها نور الدين الصايل، هو استغلال ما ينص عليه القانون وخلق منطقة حرة للصناعة السينمائية بمدينة ورزازات، والذي سيجعل من المغرب والجهة وجهة تنافسية للاستثمارات السينمائية من خلال الاعفاء الضريبي وهو ما توفره وجهات أخرى تشتغل في السينما كالأردن وجنوب إفريقيا وغيرهما..". الزيتوني في ذات السياق يوضح أن "رئيس الجهة فعلا أظهر من خلال لقاءات بين مجلس الجهة ولجنة الفيلم عن اهتمامه بهذا المشروع، لكن على أرض الواقع مازال كل شيء متوقفا، فحتى الدعم الذي كانت تستفيد منه لجنة الفيلم من قبل الجهة، توقف بعد الانتقال إلى التقسيم الجهوي الجديد، على الرغم من توقيع اتفاقية بين اللجنة والجهة سنة 2016 إلا أنه لم يصرف أي دعم من قبل الجهة، بعد توقف دعم المركز السينمائي المغربي أيضا، إلى حدود الآن لنتتبع كلجنة الأوراش السينمائية التي نشرف عليها أو التي ندخل في شراكة فيها". محمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال لا علم له بوجود هذا المشروع موضوحا في تصريح ل"الأول" عند سؤاله عن مشروع One Stop Shop "لم يسبق لي أن سمعت به من قبل لكني سأطلب من أطر الوزارة بمدي بالمعطيات حول هذا المشروع وسأرى كيف يمكن أن نساهم في إعادة تفعيل هذا المشروع إن كان قابلا للتنفيذ". يذكر أن حجم مداخيل الانتاجات السينمائية الأجنبية ارتفعت من 98 مليون درهم سنة 2011 إلى مليار درهم سنة 2014، وقد تم ذلك، يوضح مصدر مقرب من مصطفى الخلفي وزير الاتصال السابق، بفضل الإجراء الذي قام به نور الدين الصايل من خلال مسطرة نظام التصريح، التي غيرها فيما بعد صارم الفاسي الفهري المدير الجديد للمركز السينمائي، والتي أدت إلى انخفاض مداخيل الانتاجات الأجنبية إلى 300 مليون درهم سنة 2016.