كشفت مجلة «بوليتيكو» الأمريكية، أمس الخميس، عن تقرير سرى أرسلته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سى.آى.إيه» إلى «البيت الأبيض»، وإدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، دعت فيه إلى عدم اتخاذ قرار حظر جماعة الإخوان ووضعها على لائحة التنظيمات الإرهابية. وقالت المجلة الأمريكية إنه فى الوقت الذى يحاول فيه مسئولو «ترامب» الدفع نحو تصنيف الجماعة كتنظيم إرهابى، فإن العقبة الرئيسية التى تواجه تلك المساعى هى تحليلات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. الاستخبارات الأمريكية: وضع الجماعة على لائحة الإرهاب «يشعل التطرف».. و«بعض أعضائها» تورطوا فى العنف نتيجة قمع الأنظمة والاحتلال وبحسب المجلة الأمريكية، فإن خبراء «سى.آى.إيه» حذروا من أن وضع الجماعة على لائحة التنظيمات الإرهابية، قد «يشعل التطرف» فى أنحاء العالم ويدمر العلاقات الأمريكية مع بعض الحلفاء فى الشرق الأوسط. وقالت المجلة: «تم نشر وثيقة التحليل التى أعدها بعض خبراء الاستخبارات الأمريكية داخلياً فى 31 يناير الماضى، وتضمنت عدة ملاحظات أهمها أن جماعة الإخوان التى يتبعها ملايين فى العالم العربى، أعلنت رفضها مراراً لأعمال العنف». ورغم دفاع محللى الاستخبارات الأمريكية عن «الإخوان»، فإن التقرير أقر بأن «عدداً من أعضاء جماعة الإخوان انخرط فى أعمال العنف، إلا أن جزءاً كبيراً من هذا التورط كان رد فعل على القمع الذى تعرضوا له على أيدى أنظمتهم القمعية فى الشرق الأوسط والاحتلال الأجنبى»، مضيفاً: «ولكن فى دول أخرى، مثل الأردن والكويت والمغرب وتونس، لم يحدث هذا». وأضافت المجلة: «بعض حلفاء الولاياتالمتحدة فى الشرق الأوسط، ينتابهم القلق بالفعل من أن اتخاذ خطوة حظر الإخوان واعتبارها جماعة إرهابية سيؤثر بالسلب على الاستقرار والسياسات الداخلية لديهم، كما أنه سيشعل النهج المتطرف ويغضب المسلمين فى أنحاء العالم». ووفقاً لما جاء فى الوثيقة، فإنه «نظراً إلى الدعم الكبير الذى تحظى به الجماعة، سيعتبر المسلمون فى العالم أن وضع الإخوان على لائحة الإرهاب، بمثابة استهداف مباشر للقيم الدينية والاجتماعية الإسلامية. والأكثر من ذلك، أن هذا التصنيف سيضعف من حجة قادة الإخوان فى رفضهم للعنف، وسيمنح تنظيمات (داعش) و(القاعدة) مبرراً إضافياً للدعاية لكسب المزيد من المتطرفين والأتباع إليهم، إضافة إلى حصولهم على مبرر إضافى لاستهداف المصالح الأمريكية فى العالم». المركز الأمريكى للديمقراطية: معايير التنظيمات الإرهابية تنطبق على «الإخوان».. و«رايتس ووتش» تدافع عن الجماعة: ذريعة لعمليات القمع السياسية فى الوقت ذاته، فيما دافعت منظمة «هيومان رايتس ووتش» عن الإخوان ودعت إدارة «ترامب» إلى عدم استهداف الجماعة، وقالت فى بيان مساء أمس الأول، إن «تصنيف الحكومة الأمريكية للجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية، من شأنه أن يهدد حق الجماعات المسلمة فى التكون داخل الولاياتالمتحدة، ويقوض قدرة أعضاء وأنصار الإخوان على المشاركة فى الحياة السياسية الديمقراطية فى الخارج». وقالت لورا بيتر المستشارة الأولى فى الأمن القومى الأمريكى فى «هيومان رايتس ووتش»: «سيؤدى تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية إلى مساواتها خطأ بجماعات متطرفة عنيفة كالقاعدة وتنظيم (داعش) الإرهابى، وسينزع الشرعية عن أنشطتها القانونية. سيؤثر إدراجها ظلماً على كل شخص يزعم انتماءه للجماعة، ويقوض ممارسة الحقوق السياسية فى الخارج». وأضافت فى إشارة إلى الإخوان: «تعد الجماعات الإسلامية التى تشجع القيم المدنية وتحمى الحقوق المدنية مهمة جداً للديمقراطية فى الولاياتالمتحدة. تهديد حقوق هذه الجماعات هو تهديد لحقوق جميع الأمريكيين». وذكرت «هيومان رايتس ووتش» أنه إذا صنفت الولاياتالمتحدة الجماعة كمنظمة إرهابية، قد يشعر حلفاء الولاياتالمتحدة، ممن لم يصلوا إلى استنتاج مماثل، بضغوط لتغيير مواقفهم، فى حين قد تستخدم الحكومات المعادية للجماعة هذا كذريعة لعمليات قمع ذات دوافع سياسية». من جهة أخرى، قال أستاذ القانون بجامعة «جورج تاون» أرجون سينج سيتى، فى مقال بصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، أمس، إن «تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية من شأنه أن يؤذى كل المسلمين الأمريكيين»، محذراً من أن القرار ستكون له تداعيات سلبية أبعد من منطقة الشرق الأوسط، حيث تنشط الجماعة فى المقام الأول، لافتاً إلى أنه من المرجح أن يثير القرار مخاوف ويسهم فى مضايقة المجموعات الإسلامية فى الولاياتالمتحدة، وترويعها. فى سياق متصل، ذكر «المركز الأمريكى للديمقراطية»، فى تقرير أمس، أن جماعة الإخوان يجب تصنيفها كمنظمة إرهابية، إذ إن المعايير الموضوعة فى القوانين الأمريكية بخصوص المنظمات الإرهابية تنطبق بالكامل على الجماعة. واستدل التقرير على طرحه بما نص عليه تعريف المنظمات الإرهابية، وهى متعلقة بقانون الهجرة عام 2005، بأنها «أى جماعة تستقطب الأفراد وتحث على جمع الأموال لدعم أنشطة إرهابية، أو أى جماعة فرعية منبثقة عنها». وقال التقرير إن هناك كثيراً من المجموعات الفرعية التى خرجت من جماعة الإخوان وقامت بأعمال إرهابية. وأشار إلى زعيم الجماعة الإسلامية السابق عمر عبدالرحمن بوصفه زعيماً لجماعة الإخوان، كما استدل المركز فى تقريره بتصريحات لمرشد الإخوان السابق محمد مهدى عاكف، لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية عام 2006، أعلن فيها دعمه الانتحاريين، وأن الجماعة تسعى إلى حكومة إسلامية عالمية. انتقدت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، فى افتتاحيتها أمس، فكرة حظر جماعة الإخوان ووضعها على لائحة الإرهاب فى الولاياتالمتحدة. وقالت الصحيفة الأمريكية: «الرئيس ترامب يحاول جعل العالم الإسلامى كله أعداء لنا.. يبدو أن جزءاً من مهمة ترامب ومستشاريه زيادة المخاوف من خلال الترويج لرؤية مبالغ فيها بشكل خطير من أن أمريكا أصبحت تحت الحصار من قِبل ما سماه ب(الإسلام الراديكالى)». وأشارت الهيئة التحريرية ل«نيويورك تايمز» إلى أن «هناك أسباباً وجيهة أن جماعة الإخوان لا تستحق تسميتها بالإرهابية؛ فهى ليست منظمة بل مجموعة من الجماعات والحركات التى يمكن أن تختلف على نطاق واسع من بلد إلى بلد، ويدعو الإخوان لحكم المجتمع بالشريعة الإسلامية، كما أنها نبذت العنف منذ عقود وأصبحت منظمة سياسية واجتماعية».