أكدت منظمة "ترانسبرانسي المغرب"، اليوم الثلاثاء، أن المغرب يواصل "التقهقر" في التصنيف العالمي لمؤشر مدركات الفساد. وكشف تقرير مؤشر مدركات الفساد لعام 2024، الصادر عن منظمة الشفافية العالمية، أن المغرب "خسر نقطة إضافية، لينخفض مجموع نقاطه إلى 37 من أصل 100، متراجعا إلى المرتبة 99 عالميا من بين 180 دولة".
وخلال ندوة صحفية بالرباط، عبرت "ترانسبرانسي المغرب" عن أسفها العميق لهذا التراجع، محملة الحكومة مسؤولية التقاعس الحاصل في محاربة الفساد، وأكدت أن التراجعات في الديمقراطية وحقوق الإنسان تلعب دورًا رئيسيًا في هذا التدني، إضافة إلى واقع الصحافة والمجتمع المدني.
وأوضح أحمد البرنوصي، الكاتب العام بالنيابة للمنظمة، أن هذا التراجع كان متوقعًا، بسبب سحب الدولة مشروع تجريم الإثراء غير المشروع، إضافة إلى تأجيل مشروع استغلال الملك العام، وتجاهل انعقاد اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، رغم الدعوات المتكررة لذلك.
وكشف البرنوصي أن الحكومة طلبت من ترانسبرانسي المغرب تعيين ممثل لها في اللجنة المذكورة، لكن المنظمة قررت تجميد عضويتها والانسحاب، معتبرة أن الحكومة تسعى فقط إلى تجميل المشهد السياسي في ظل اقتراب الانتخابات، دون اتخاذ أي خطوات فعلية لمحاربة الفساد.
وأشار المتحدث إلى أن مشروع المسطرة الجنائية الجديد يقيد الجمعيات ويمنعها من مكافحة الفساد، وهو ما اعتبرته المنظمة ضربًا واضحًا للدستور وتقييدًا لدور المجتمع المدني والسلطة القضائية.
ووفقًا لتقييم المنظمة، فإن متوسط درجات الدول الديمقراطية في مؤشر الفساد يبلغ 73 نقطة، بينما تسجل الدول الاستبدادية معدل 29 نقطة. ويقف المغرب عند 37 نقطة فقط، أي على بعد 8 نقاط فقط من تصنيف الدول الاستبدادية، ما يجعله ضمن الفئة "الهجينة" التي تعاني من نظام سياسي غير واضح المعالم.
وبحسب "ترانسبرانسي"، فإن الفساد في المغرب ليس ظاهرة عابرة، بل مشكلة بنيوية تتطلب إصلاحات هيكلية جادة، إلا أن الحكومة لا تسير في هذا الاتجاه. فمنذ عام 2012، ظل ترتيب المغرب في تذبذب مستمر، حيث سجل أفضل مركز له سنة 2018 عندما حصل على 43 نقطة واحتل المرتبة 73 عالميًا، لكنه فقد منذ ذلك الحين 5 نقاط و26 مرتبة ليصل اليوم إلى المركز 99 عالميًا.
كما شددت المنظمة على أن مؤشر إدراك الفساد لا يغطي الأموال المنقولة عبر التحويلات غير المشروعة، مثل غسيل الأموال أو تهريب الثروات للخارج، مما يعني أن الوضع قد يكون أسوأ مما تعكسه الأرقام الرسمية.
وشددت "ترانسبرانسي المغرب" على أن التصنيفات العالمية تظهر بشكل متكرر أن المغرب يعاني من فساد منهجي، يتطلب إصلاحات جذرية وحقيقية، إلا أن الإرادة السياسية غائبة، ما يجعل الوضع يستمر في التدهور سنة بعد أخرى.