كشفت منظمة "أوكسفام" في المغرب أن الإعفاءات الضريبية التي تستفيد منها قطاعات الفلاحة والعقار والتعليم الخصوصي لا تؤدي دورها، بل تضيع على الدولة إيرادات مالية كبيرة. أطلقت منظمة "اوكسفام " في المغرب تقريرها الجديد حول " الإعفاءات الضريبية، الإيرادات الضائعة: الفلاحة، والعقار والتعليم الخصوصي" الذي يهدف إلى تسليط الضوء على مدى وجاهة وملاءمة الإعفاءات الضريبية استنادا إلى دراسة تحليلية تشمل القطاعات الثلاثة الأولى المستفيدة من هذه الإعفاءات، وهي العقار، الفلاحة والتعليم الخصوصي. وذكرت "أوكسفام" أنها نشرت العام الماضي تقريرها حول السياسة الضريبية في المغرب وذلك بهدف المساهمة في فتح نقاش عميق وشامل حول إشكاليات الإجحاف الاجتماعي والتفاوتات التي يولدها النظام الضريبي الحالي وضرورة أخدها بعين الاعتبار في مسلسل الإصلاح الضريبي وقوانين المالية. وقالت المنظمة إنه ل"سوء الحظ، لم يأخذ قانون المالية لسنة 2022 في الاعتبار مجمل مقتضيات القانون الإطار رقم 16-69 المتعلق بالإصلاح الضريبي الذي تم اعتماده بالإجماع، ليتم بذلك مرة أخرى تأجيل الإصلاح الضريبي الذي نصت عليه المناظرة الوطنية للجبايات. اعتمد تحليل الإعفاءات الضريبية بالنسبة للقطاعات الثلاثة على شبكة تحليل تتضمن المعايير الرئيسية (الإعاقة الاقتصادية بسبب عجز الدولة والتمييز الإيجابي والمنافسة الضريبية الأجنبية) التي يتم غالبا الدفع بها لتبرير الإعفاءات الضريبية. خلُص التحليل إلى أن القطاعات المعفاة من الضرائب لا تُسجّل في الواقع أية نتيجة من شأنها تبرير الإعفاءات الضريبية الممنوحة لها". وأوضحت أسماء بوسلامتي، مسؤولة برنامج العدالة الاجتماعية وعدالة النوع في منظمة "أوكسفام" بالمغرب، في تصريح صحفي توصل "الأول" بنسخة منه، أن " الدراسة تُظهر أن الإعفاءات الضريبية ليس لها تأثير كبير على قرارات الشركات بالاستثمار أو التوظيف. على سبيل المثال: ارتفع معدل نمو القيمة المضافة للعقار من 4٪ بين عامي 2007 و2013 إلى أكثر من 5.5٪ بين عامي 2013 و2019 على الرغم من انخفاض الإعفاءات بنحو 40٪ بين الفترتين. لم ينتج عن ترسانة الحوافز الهائلة زيادة كبيرة في الاستثمار أو التوظيف عند مقارنة القطاعات التي تم تحفيزها بتلك الأقل استفادة. في سياق يتصف بأزمة اجتماعية متفاقمة بسبب تبعات جائحة كوفيد وضرورة اتخاد إجراءات من أجل الانتعاش الاقتصادي… هناك خيارات سياسية وقرارات عاجلة يجب اتخاذها لترشيد الإنفاق العمومي، وتخصيصه للقطاعات الاجتماعية من أجل الحد من التفاوتات الاجتماعية والإقليمية والقائمة على النوع الاجتماعي." وتابعت ذات المتحدثة، "المغرب بلد نام يعتمد بشكل شبه حصري على نظامه الضريبي لتمويل السياسات العامة. في ظل التداعيات الاقتصادية والمالية لأزمة كوفيد 19، شهدت البلاد تقلص ميزانيتها بطريقة كبيرة. على سبيل التوضيح، وصل عجز الموازنة إلى أكثر من 40 مليار درهم بنهاية غشت 2021. في الوقت نفسه، يطلق المغرب سياسة تعميم التغطية الاجتماعية الهادفة إلى معالجة العجز الاجتماعي الذي كشفت عنه الأزمة الصحية". من جهته قال عبد الجليل لعروسي، مسؤول الترافع والحملات في منظمة "أوكسفام" في المغرب: "في 2018، مثلت الإعفاءات الضريبية الممنوحة ما يقرب من 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي بينما بلغ عجز الميزانية 3.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي. يجب ألا نضيع الوقت أو المسار، فالتخلي عن الامتيازات الضريبية التي تعزز الاقتصاد القائم على الريع واعتماد تقييم للتبعات الاجتماعية والاقتصادية للإعفاءات الممنوحة أصبح ضرورة ملحة. يجب أن تلعب السياسة الضريبية دورها التصحيحي في الحد من التفاوتات وأن تزود خزائن الدولة من أجل الشروع بشجاعة ومسؤولية في المشاريع المعلنة كجزء من النموذج الجديد للتنمية … ". وأشارت منظمة "أوكسفام" في المغرب إلى أن الإعفاءات الضريبية، "التي زادت بنسبة 6٪ في عام 2021 مقارنة بعام 2020، سبق لها أن كانت موضع انتقاد من قبل المجلس الأعلى للحسابات الذي أكد على ضرورة إرفاق هذه الإعفاءات بدراسات أولية مدعومة بما يكفي من الأدلة الكفيلة بتبرير جدواها، بالإضافة إلى التقرير حول النموذج التنموي الجديد الذي يدعو إلى إعادة توجيهها نحو القطاعات التي تعاني من صعوبات حقيقية". وأوصت "أوكسفام" ب"المضي نحو منطق الدعم الموازناتي في إطار مقاربة شاملة تعطي أهمية أكبر للدعم المباشر التعاقدي بدلا من الإعفاءات الضريبية غير المشروطة، تقييم أثر الإعفاءات الضريبية في تحقيق أهداف أداء الإستراتيجيات القطاعية". ودعت إلى "ضمان شفافية عملية اعتماد الإعفاءات الضريبية مع إدراجها في جدول زمني محكم لتجنب تجديدها بشكل تلقائي، ودراسة إقرار بدائل للإعفاءات الضريبية، مع مراعاة الممارسات الدولية الفضلى في هذا المجال، والإبقاء على الإعفاءات الضريبية ذات الجدوى الاقتصادية والتي تراعي الاحتياجات الحقيقية للمواطنين، ووضع معالم نظام تحفيزي عمومي مشجع للابتكار والبحث في القطاعات الناشئة والمجزية / ذات القيمة المضافة المرتفعة للغاية".