تعد معركة الدفوع الشكلية والطلبات الأولية، حسب المتتبعين من رجال ونساء القانون والحقوقيين، حاسمة في محاكمة الصحافية هاجر الريسوني ومن معها على خلفية اعتقالهم بتهم “الفساد والإجهاض والمشاركة فيه”، ولهذا السبب حاول دفاع الريسوني ومن معها “التشكيك” في الإجراءات التي قامت بها الشرطة القضائية تحت إشراف النيابة العامة. وقام الدفاع برصد ما وصفها ب”الخروقات المسطرية” في المتابعة التي ارتكبتها الشرطة القضائية و”زكتها” النيابة العامة، محاولاً (الدفاع) إنهاء المحاكمة من ناحية الشكل وعدم المرور إلى الموضوع، وجعل المحكمة تُقرّ بعدم سلامة الإجراءات والحكم ببطلانها، انطلاقاً من “حالة التلبس” التي بنت عليها النيابة العامة كركيزة أساسية الاعتقال والمتابعة، في حين ينكرها دفاع الريسوني، مروراً بباقي الإجراءات التي ترتبت بعد ذلك وكونت جوهر المتابعة والمحاكمة. وفي هذا اليساق جاءت مذكرة النقيب المحامي والحقوقي عبد الرحمان بنعمرو، عضو دفاع الصحافية هاجر الريسوني، الخاصة بالدفوعات الشكلية والطلبات الأولية التي من المتوقع أن تبت فيها المحكمة في جلسة الإثنين 23 شتنبر الجاري. بطلان جمبع المحاضر طالب بنعمرو ب”بطلان محضر المراسلة لأنه مبني على محاضر تعتبر كلها باطلة”. وأوضح النقيب في مذكرته، تفاصيل مطالبته ببطلان محضر المراسلة، “أولا، بطلان محضر الانتقال والتفتيش والحجز والمعاينة والإيقاف، وهو المحضر المنجز من قبل الضابطة القضائية بتاريح 31/08/2019 على الساعة العاشرة وذلك بسبب مخالفة مقتضيات الفقرة 3 من المادة 59 من قانون المسطرة الجنائية”. وقال بنعمرو “حيث إن المتابعين في هذا الملف لم يضبطوا وهم في حالة تلبس، المحددة أنواعها في المادة 56 من قانون المسطرة الجنائية بإرتكاب ما نسب إليهما، ولا يوجد أي نص قانوني يسمح للضابطة القضائية عند عدم توفر أحد حالات التلبس، بتفتيش المحلات المهنية سواء بإذن النيابة العامة أو بغير إذنها، والمسموح به في غير حالات التلبس هو فقط تفتيش المنازل شرط موافقة مكتوبة من صاحب المنزل وبخط يده، طبقاً للمادة 79 من قانون المسطرة الجنائية". وتابع بنعمرو: "ومع الفرض جدلاً توفر إحدى حالات التلبس، فتطبيقاً للمادة 59، الفقرة 3 من ذات القانون، يتعين إجراء التفتيش في أماكن مادية لاستعمال مهني يشغلها شخص يلزمه القانون بكتمان السر المهني، فعلى ضابط الشرطة القضائية أن يشعر النيابة العامة المختصة وأن يتخذ مسبقاً جميع التدابير لضمان احترام السر المهني". وجاء في المذكرة “حيث حسب المحتويات محضر التفتيش، فإنه لم يتم إشعار النيابة العامة المختصة من قبل عميد الشرطة، ‘ع غ” بأنه سيفتش، رفقة مساعديه، ضابط الشرطة “س ا” ، عيادة الطبيب محمد جمال بلقزيز المختص في أمراض النساء والتوليد، الأمر الذي يترتب عليه بطلان التفتيش المذكور”. ثانياً، يقول شيخ الحقوقيين عبد الرحمان بنعمرو، “بطلان جميع المحاضر والإجراءات المتخذة أثناء التفتيش وبالتالي بطلان الطلبات المبنية والموالية لمحضر التفتيش: حيث نتج عن التفتيش المذكور إنجاز تحرير محاضر وإجراءات وطلبات موالية له والتي من بينها: طلب إجراء خبرة طبية، محضر الانتقال وعرض هاجر الريسوني على خبرة طبية، محضر الاستماع إلى الكاتبة المسماة: مريم أزلماض، محضر الاستماع إلى الطبيب محمد جمال بلقزيز، محضر الإستماع للمواطن السوداني، رفعت الأمين، ومحضر الإستماع إلى محمد بابا المكلف بالتخدير، ومحضر المواجهة”. ويرى بنعمرو في مذكرته أنه “بحيث أن جميع المحاضر الثمانية المذكورة نتج تحريرها عقب إقامة وإنجاز محضر الانتقال والتفتيش والحجز والمعاينة والإيقاف، وبما أن هذا الأخير باطل فإن ما نتج وترتب عنه من المحاضر الثمانية المذكورة لا يمكن اعتبارها إلا باطلة بما في ذلك المحاضر المنجزة من قبل النيابة العامة”. بطلان الشهادة الطبية ثالثاً، حسب المذكرة “بطلان الشهادة الطبية المؤرخة في 31/08/2019 والمنجزة من قبل “البروفيسور” بركاش بالمركز الاستشفائي ابن سينا والمتعلقة بالسيدة هاجر الريسوني لعدة أسباب من بينها: “لأنها محررة بلغة أجنبية (الفرنسية) غير مرسمة دستورياً”. وأسند بنعمرو ذلك ب”مراجع أحكام قضت ببطلان مستندات لأنها محررة بلغة أجنبية ومراجع منشورات وزارية تحث على استعمال اللغة العربية”، كما أنها “محررة من طبيب غير مسجل في جدول الخبراء القضائيين المحلفين، سواء كخبير في أمراض النساء والولادة أو كخبير في الطب العام”. وقال بنعمرو في مذكرته “وإذا كان الطبيب أشار في صدر شهادته بأنه أدى اليمين فإنه لم يذكر متى وأين ومتى ولم يشر إلى مراجع المحضر القضائي والمتعلق بأداء اليمين؟”، مضيفا “هذا مع العلم بأنه طبقاً للفقرة الثانية من الفصل 25 من قانون المسطرة الجنائية، فإنه عند عدم وجود خبير مدرج بالجدول، يمكن بصفة استثنائية للقاضي أن يعين خبيرا لهذا النزاع، وفي هذه الحالة يجب على الخبير أن يؤدي اليمين أمام السلطة القضائية التي عيّنها القاضي لذلك، على أن يقوم بأمانة وإخلاص بالمهمة المسندة إليه وأن يعطي رأيه بكل تجرد واستقلال ما لم يعف عنه ذلك اليمين بإيقاف الأطراف”. بطلان الخبرة الطبية رابعاً، حسب المذكرة الترافعية التي تقدم بها بنعمرو خلال جلسة الإثنين الماضي، “بطلان تقرير الخبرة الطبية المحررة بعدد 19/6891 من طرف الدكتورة فايزة شبل لأنها، من ناحية محررة بلغة أجنبية (الفرنسية) غير مرسمة دستورياً، ومن ناحية أخرى، الطبيبة غير مسجلة بجدول الخبراء القضائيين المحلفين بالدائرة الاستىنافية بالرباط”.