تتصدر مدينة الدارالبيضاء مدن شمال إفريقيا التي تتصاعد فيها نسبة الجريمة إلى جانب العاصمة الجزائرية، حسب ما أورده مكتب الأممالمتحدة المكلف بالمخدرات والجريمة في دراسة أصدرها مؤخرا. وكشفت الدراسة على أن المغرب تتصاعد عدد القتل فيه بشكل سنوي، حيث يصل المعدل إلى 2.1 جريمة قتل لكل مائة ألف حالة. وأوضحت الدراسة أن 29 في المائة من جرائم القتل هذه برتكبها أشخاص مقربون من الضحايا أو من أفراد أسرتهم، في حين 8 في المائة تكون بغرض السرقة، و3 في المائة تندرج ضمن جرائم العصابات المنظمة. وأضافت الدراسة أن 19 في المائة من مرتبي جرائم القتل في المغرب يكونون تحت تأثير الكحول، كما ان نسبة هذه الجرائم بلغت سنة 2017 761 جريمة، في حين كان عددها 594 سنة 2016. وتتعدد وتتصاعد مظاهر العنف والجريمة، في البلدان التي تقل فيها نسب التمدرس وتكثر فيها مظاهر الفقر، والبطالة في صفوف الشباب، والدول التي لا تملك ترسانة قانونية لحماية المجتمع وفئاته الأكثر عرضة للعنف مثل النساء والأطفال. ويرى العديد من المتتبعين أن مثل هذه الدراسات كفيلة للفت انتباه الحكومات من أجل تحسين سياساتها ومقارباتها لمكافحة النزوع نحو العنف بكل تجلياته. وحسب ذات الدراسة التي أجراها مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإن أمريكا الوسطى هي أخطر المناطق للعيش حيث يرتفع فيها عدد جرائم القتل – أو القتل غير القانوني – في بعض “البؤر الساخنة” منها إلى 62.1 حالة قتل بين كل 100 ألف حالة وفاة. والأماكن الأكثر أمانا من حيث قلة جرائم القتل كانت آسيا وأوروبا ومنطقة أوقيانوسيا (التي تضم أستراليا ملانيزيا وميكرونيزيا وبولينيزيا)، إذ بلغ عدد جرائم القتل فيها حسب الدراسة 2.3 و 3.0 و 2.8 على التوالي (من بين 100 ألف حالة وفاة)، وذلك أقل بكثير من المتوسط العالمي البالغ 6.1 جريمة. كما تظهر الدراسة العالمية حول جرائم القتل لعام 2019 أن معدل هذه الجرائم في أفريقيا بلغ 13.0، وهو معدل أقل من الأمريكتين (17.2) التي شهدت أعلى النسب في عام 2017 منذ أن بدأ التوثيق وجمع البيانات في عام 1990. ومع ذلك، تشير الدراسة أيضا إلى وجود ثغرات كبيرة في البيانات التي تم جمعها في بعض البلدان الأفريقية. الجريمة المنظمة تتسبب في واحدة من بين كل خمس جرائم قتل ووفقا للدراسة فإن حقيقة ثابتة ظلت تتكرر في البيانات الموثقة منذ بداية هذا القرن وهي “الصلة بين الجريمة المنظمة والوفيات جراء العنف”، إذ يقول المدير التنفيذي لمكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، يوري فيدوتوف، إن “الجريمة وحدها مثلت 19% من بين كل جرائم القتل المسجلة في عام 2017 وتسببت في العديد من الوفيات في كل أنحاء العالم، أكثر مما فعل الصراع المسلح والإرهاب مجتمعين”. ومثلها مثل الصراع العنيف، فإن الجريمة المنظمة “تزعزع استقرار البلدان وتقوض التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتضعف سيادة القانون”، وفقا لما أورد المكتب الأممي المعني بالمخدرات والجريمة. ويشدد السيد فيدوتوف على أنه ما لم يتخذ المجتمع الدولي خطوات حاسمة فإن “ما يسعى لتحقيقه في الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة، المعني بالحد بدرجة كبيرة من جميع أشكال العنف وما يتصل به من معدلات الوفيات في كل مكان، لن يتم الوفاء به بحلول عام 2030 “. الشبان هم الأكثر عرضة للخطر في جميع المناطق من حيث تقسيم النوع، تثبت الدراسة أنه على الرغم من التساوي العام في أعداد ضحايا القتل، إناثا وذكورا، بين من هم في سن التاسعة وما دون، إلا أن الضحايا الذكور في كل الفئات العمرية الأخرى يفوقون نسبة 50% من الحصيلة العامة، وفقا لبيانات من 41 دولة. وفي جميع المناطق حول العالم، تزداد احتمالية أن يصبح الذكور ضحايا جرائم القتل مع تقدمهم في العمر، بينما تكون الفئة العمرية بين سن 15 و 29 عاما هي الأكثر عرضة لخطر القتل على مستوى العالم. في الأميركتين، يقدر معدل الضحايا بين سن 18 إلى 19 عاما ب 46 ضحية قتل لكل 100 ألف وفاة، بينما تشكل الأسلحة النارية في القارتين الأداة الأكثر استخداما في الغالب من أي مكان آخر، حسب الدراسة. وتقول الدراسة إن”مستويات العنف المرتفعة ترتبط بشدة بالشباب، فيكونون الجناة والضحايا على حد سواء”، وتقترح لذلك أن تركز برامج منع العنف على “تقديم الدعم للشباب لمنع استدراجهم إلى ثقافة العصابات والتعامل مع المخدرات”. جرائم قتل النساء “يتم تجاهلها في كثير من الأحيان” ورغم أن النساء والفتيات يمثلن حصة أقل بكثير من الضحايا من الرجال، إلا أنهن ما زلن الأعلى من حيث وقوعهن ضحايا للقتل المرتبط بالأسرة أي الزوج أو الشريك الحميم. أكثر من تسعة من بين كل 10 من المشتبه بهم في قضايا القتل يكونون من بين الذكور، حسب الدراسة. ويقول السيد فيدوتوف إن “عمليات القتل التي يرتكبها شركاء حميمون نادرا ما تأتي عفوية أو بشكل عشوائي” مشيرا أيضا إلى أن “هذه الظاهرة غالبا ما يقل الإبلاغ عنها ويتم تجاهلها في كثير من الأحيان”. وفي محاولة لدعم الحكومات في مواجهة جرائم القتل، تحدد الدراسة الأممية، بالإضافة إلى الجريمة المنظمة العديد من دوافع ومسببات المشكلة، مثل انتشار الأسلحة النارية والمخدرات والكحول وظواهر عدم المساواة والبطالة وعدم الاستقرار السياسي والقوالب النمطية المبنية على النوع. وتؤكد الدراسة أيضا على أهمية التصدي لظواهر الفساد، وضرورة تعزيز سيادة القانون بالإضافة الى الاستثمار في الخدمات العامة – وخاصة التعليم. السيد فيدوتوف أكد على ما تقدمه الدراسة من توصيات تشمل اتباع سياسات موجهة تستهدف معالجة تهديد الشبكات الإجرامية المنظمة، بما في ذلك المشاركة المجتمعية وإصلاح مؤسسات الشرطة التي تهدف إلى تعزيز الثقة في عناصر الشرطة والسكان المحليين. ويؤكد التقرير أن هذه الجهود يمكن أن تكون أكثر فعالية إذا طبقت في “بعض بلدان أمريكا الجنوبية والوسطى وأفريقيا وآسيا” وحتى في البلدان التي ترتفع فيها معدلات القتل الوطنية. ويشير التقرير إلى تركز جرائم القتل في ولايات ومقاطعات ومدن بعينها مما يعني أن خفض المعدلات الإجمالية يعتمد على معالجة الظاهرة في هذه” البؤر الساخنة” تحديدا. وعلى الرغم من أن الدراسة العالمية أظهرت أن عدد جرائم القتل ارتفع من حوالي 400 ألف جريمة قتل في عام 1992 إلى أكثر من 460 ألفا في عام 2017، إلا الباحثين أوضحوا أيضا أنه، وبالنظر إلى النمو السكاني فإن معدلات القتل العالمي قد انخفضت فعليا (من 7.2 في عام 1992 إلى 6.1 في عام 2017).