لم تفهم الطفلة التي لم يتجاوز عمرها الخمس سنوات، ما يحدث عندما انفض أبناء عمومتها وجيرانها عنها أثناء اللعب معهم أمام منزل أبيها، ركض الصبية كل منهم على منزله وتركوها وحيدة تتابع في حيرة الرجال الملثمين المدججين بالأسلحة الذين اقتحموا منزلها. انزوت الصغيرة في ركن بجوار إحدى حوائط دارها بمنطقة العياط جنوبالجيزة، فيما دكت أقدام رجال العمليات الخاصة الأرض بقوة مع إطلاق أعيرة نارية بشكل متقطع، لتأمين القوات التي داهمت منزل الصغيرة لضبط والدها أحد العناصر الخطرة بمجال تجارة المخدرات. في ثوان معدودة، تمكن رجال العمليات الخاصة من ضبط المتهم، وقيدوه واصطحبوه إلى السيارة المجهزة لنقله. همّ أفراد القوة الأمنية الخاصة بركوب سياراتهم المصفحة، قبل أن تقع عينا النقيب أحمد نافع على الطفلة التي انزوت بجسدها الصغير بجانب حائط المنزل، بعد أن أصابها اقتحام الضباط بفزع شديد. لم يستطع “نافع” تجاهل الصغيرة، والامتثال لقرار مغادرة مكان الضبطية؛ عطل القول، وعاد إلى الطفلة التي ازدادت فزعًا بمجرد تحركه إليها، لا تعلم ماذا سيفعل بها، جسدها يرتعش وعينها تجهش بالبكاء؛ وبمجرد اقترابه منها انتبه للقناع الذي يخفي وجهه؛ فأزاحه متجاهلا التعليمات التي تمنع كشف الفرد لهوتيه أيا كانت الظروف، فالمهم الآن هو تهدئة روع “الملاك” الصغير. اقترب الضابط من الطفلة التي تراجعت عدة خطوات للخلف من رهبة الموقف، وفق ما أفاد شاهد عيان علق قائلا: “الموقف صعب وأتخن شنب هيتخض من الموقف فما بالك بطفلة عمرها ميعديش 5 سنين”. وأضاف: “اقترب الضابط منها أكثر، وجثا على ركبتيه ودفن فوهة سلاحه في الأرض عله يستطيع انتشال الخوف من قلبها”. كانت الطفلة تراقب مشهد أبيها بين الجنود الذين اقتادوه إلى سيارة الترحيلات و”الكلبش” في يده، لذا حال الضابط بين عينيها ومشهد أبيها خشية عليها من مرارة المنظر، وراح يلامس خصلات شعرها التي لاصقت جبينها من عرقها المتصبب، واحتضن براحتي يده كفها الصغير، وطلب من أحد أفراد أسرتها إحضار “حاجة ساقعة” لها، وعندما هدأت قليلا غادرت القوة.