بضرب من الحنين، كم لاحظت أن الكثير من الأشياء فقدت بريقها ، وأن الشارع صار موحشا رغم كثرة الأجساد العابرة، وأن أشجار الحدائق ،وتلك التي تصطف على الطرقات تبدو بلا أرواح رغم خضرتها ،وأن ضحكات الأطفال وقهقهات الباعة صارت أشبه بصفير في الصحراء،. نعم طالما لاحظت ذلك وغيره ووجدت له تفسيرا في كون البيئة الطبيعية تبدلت ،كون القيم البشرية تبدل متسارعة بتبدل قيم الاستهلاك …. أما الآن فلم أبق أعير كبير اهتمام لذلك ،بعد أن جربت الكثير مما يجربُه إنسان متعلم في عالم سريع التبدل ، وبعد أن صارت أكثر مرئياتي حزينة ، وأغلب المواقف مؤلمة وأغلب الأماني باهتة ، ،،بعد كل هذا ، صار لي ما يشبه اليقين أنني اراوح مكاني فوق جسر يربط بين زمنين ،،، أتلكأ في العبور وبداخلي تنمو قناعة أنني فقدت الكثير من قدرتي على التكيف لأحافظ على قدر كاف من التتوازن لأعيش … أرى أن حواجز داخلية تنمو بداخلي وتضيق من أفق رؤيتي كل يوم . لعل الامر مرتبط بغياب الحافز للمضي قُدما ؟ ربما . وربما نبض حب الحياة يخف لغياب الحب نفسه ؟ ربما . لكن الأكيد أن الاستسلام إلى ما يتغيرحولنا وفينا ،رغما عنا ودون إبداءأي شكل من أشكال الإبداع للتجاوز والممانعة،جواز مفتوح نحو التلاشي والفناء بغير قليل من الغباء . آسف لتنوال أمر بكل هذه الخطورة ،وكل هذا العمق بكل التداعي الحر ، ومع ذلك ل،فمحاولة الانتفاض البسيط في خضم هذا النهر الجارف خير من الاستسلام الإرادي لموجه وهو يجرفنا بلارحمة . لسنا مجرد هشيم على كل حال . نحن بشر ونجر وراءنا دهورا من الحب والكفاح في سعينا نحو الأجمل ، لذا يصعب علينا الانصياع للخيبات .