يتدفق آلاف المغاربة، كبار وصغاراً ورجالا ونساء، على مختلف مساجد المملكة لآداء صلاة التراويح، إلى درجة تغلق فيه بعض الشوارع والأزقة، ما يستدعي الاستعانة برجال الأمن لتنظيم حركة السير. وبرز، في السنوات الأخيرة، جيل جديد من الأئمة، الذين تجذب طريقة قراءتهم وتجويدهم للقرآن، والدعاء، الآلاف من المصلين. ويجمع هؤلاء بين الحفظ، والعلم، والإتقان في الأداء والصوت الجميل، ما يحرك خوالج المصلين، ويزيد من درجات الخشوع والتذبر أثناء صلاة القيام. وتحول هؤلاء الأئمة إلى نجوم يلمعون في سماء الشهرة، أكثر من نجوم الكرة، أبرزهم يستقرون في العاصمة اقتصادية الدارالبيضاء، ويتعلق الأمر بالشيخ عمر القزابري (في مسجد الحسن الثاني)، وعبد العزيز الكرعاني في مسجد القاضي عياض (سيدي معروف بالضاحية الجنوبية الشرقية)، والشيخ محمد الإيراوي في مسجد الرياض (حي الالفة)، ومصطفى الغربي في مسجد الشهداء (حي عين الشق بالضاحية الشرقية). وتستقطب هذه الأسماء ما بين 50 ألف على 70 ألف مصلي يوميا، في كل مسجد، في حين يفوق العدد 100 ألف في ليلة القدر، نا يضطر إلى الاستعانة بتعزيزات أمنية لتنظيم حركة السير والجولان في محيط المسجد، وفي الشوارع الموجودة بالقرب منه. ويعد القزابري الأكثر شهرة، وهو من مواليد سنة 1974 بمراكش، وتلقى القرآن على يد والده الشيخ أحمد القزابري، وهو من علماء مراكش البارزين، وختم القرآن وعمره 11 سنة. وبعد حصوله على شهادة الباكالوريا (الثانوية العامة) في التعليم الأصيل من مدرسة إبن يوسف بمراكش، ثم سافر إلى المملكة العربية السعودية، حيث حضر دروسا بالمعهد الإسلامي بمكة سنة 1997، ومارس الإمامة في مسجد الجامعة بجدة. وخلال مقامه بالسعودية تلقى القزابري القرآن على يد عدد من كبار المشايخ، منهم الشيخ محمود إسماعيل، من علماء الأزهر. ويحسب القزابري على التيار الإسلامي المعتدل في المغرب، وسبق أن صنف كواحد من بين 50 شخصية مغربية مؤثرة. ويحرك ترتيله الجيد للقرآن شجون المصلين ويجعلهم ينخرطون في حالة بكاء، وهو حال فؤاد لعبايدي، موظف في القطاع الخاص، الذي قال "يوميا أصلي التراويح بمسجد الحسن الثاني للاستماع إلى تجويد القزابري، لأنه يدفعني إلى الخضوع أكثر، كما أن الدعاء عند انتهاء صلاة القيام يجعلني أحس وكأنني أغسل ما قد أكون اقتفته من أخطاء". وأوضح فؤاد، في تصريح ل "إيلاف"، "هنا أصدقاء لي من الرباط، وفاس ومراكش، والجديدة، بهدف الاستمتاع بصوته الحسن في ترتيل القرآن الكريم، وهو ما يفرض على مجموعة منهم الإفطار في المسجد"، مضيفا "إنها أجواء روحانيه لا يمكن وصفها، وعلى من يريد اكتشافها أن يعيش هذه اللحظات عن قرب". الحال نفسه تعيشه منطقة سيدي معروف، حيث يستقطب المسجد هناك ما يفوق 50 ألف مصلي يوميا، بسبب التجويد الجميل للشيخ عبد العزيز الكرعاني. يقول جلال الفضل، شاب يعمل في قطاع الاتصالات، "حسن القراء يساعدني كثيرا على الخشوع، وهذا ما يجعلني أتكبد عناء الانتقال إلى هذا المسجد، رغم الاكتضاض الشديد الذي يشهده يوميا، وذلك من أجل الاستمتاع بصوت الكرعاني". وأكد جلال، ل "إيلاف"، أن "لا شيء يعوض هذه اللحظات الروحانية، ما يجعل كل مصلي يحرص على التوجه إلى إحدى هذه المساجد ولو لمرات متفرقة". وترسل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية كل سنة أفواجا من الأئمة والمرشدين والوعاظ إلى أوروبا من أجل تأمين عملية التأطير الديني للجالية المغربية، خلال شهر رمضان.