بعد تخلي بان كي مون، الأمين العام الأممي، عن حياده في الصراع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية، جددت كل من فرنسا ودول مجلس التعاون الخليجي والأردن، دعمهم لمخطط الحكم الذاتي، الذي قدمه المغرب من أجل تسوية قضية الصحراء. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية، رومان نادال إن "مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2007، يشكل بالنسبة لفرنسا قاعدة جدية تحظى بالمصداقية، من أجل التوصل إلى حل متفاوض بشأنه" لقضية الصحراء. وأكد نفس المسؤول، أن موقف بلاده بشأن قضية الصحراء "معروف ولم يتغير" مشيرا إلى أن باريس "تؤيد البحث عن حل عادل، دائم ومقبول من جميع الأطراف تحت رعاية الأممالمتحدة". وأضاف رومان ن أن قضية الصحراء "هي موضوع وساطة للأمم المتحدة تدعمها فرنسا في إطار المعايير المحددة من قبل مجلس الأمن». بدورهم، جدد وزراء الخارجية في دول مجلس التعاون الخليجي والأردن، يوم الأربعاء المنقضي، بالرياض، دعمهم لمبادرة الحكم الذاتي، لإنهاء النزاع المفتعل بالصحراء المغربية. ووصف بيان المجلس ا مبادرات المغرب ب»الجدية وذات المصداقية التي تقدمت بها المملكة المغربية كأساس لأي حل تفاوضي لإنهاء النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية». و في أول رد له على احتجاج المغرب رفض الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اتهامه بعدم التزام الحياد حول الصحراء خلال زيارته الأخيرة للمنطقة، إذ أكد المتحدث باسمه، فرحان حق، أن «الأمين العام يعتبر أنه والأممالمتحدة شريكان حياديان» في هذا الملف. في هذا السياق، اعتبر تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية، أن انحياز الأمين العام الأممي، يظهر واضحا في مقارنة بسيطة بين المهام المسندة إليه، بمقتضى ميثاق الأمميالمتحدة، ومن خلال الممارسات التاريخية للأمناء العامين السابقين. مشددا على أن الأمين العام الحالي تجاوز المفاهيم الموضوعية والحياد والإنصاف في التعامل مع الأطراف المعنية بالصراع في الصحراء، من خلال تصريحاته الأخيرة في الجزائر. وتساءل الحسيني، كيف يُعقل أن يستعمل الأمين العام للأمم المتحدة، مصطلح الاحتلال، متجاوزا بذلك المرجعية الاصطلاحية، التي دأبت الأممالمتحدة على اعتمادها سواء في قرارات جمعيتها العامة، أو قرارات مجلس الأمن. حيث إن الأمين العام وفق مقتضيات الفصل 15 من الميثاق الأممي المخصص للأمانة العامة، يُعتبر بمثابة الموظف الأسمى في المنظمة العالمية. وأشار نفس المحلل، إلى وجود مهام سياسية بجانب المهام الإدارية التي يضطلع بها كي مون، من خلال تفويض يعطى له صراحة بشكل واضح إما من طرف الجمعية العامة، أو مجلس الأمن أو حتى بعض الأجهزة الأخرى، لكن يقول الحسيني، هذا دائما في إطار التفويض. إلا أن ما وقع الآن هو أن الأمين العام تجاوز صلاحياته الإدارية إلى موضوع سياسي واتخذ مواقف تخرج عمّا اعتمدته أجهزة المنظمة الأممية نفسها. ووضح المتحدث، التناقض الحاصل بين موقف كي مون وموقف الأممالمتحدة، والذي يقول فيه مجلس الأمن صراحة إن مقترح الحكم الذاتي المغربي متمتع بالمصداقية والجدية والواقعية، ويعتبر بإجماع الأطراف الدائمة في المجلس بمثابة الورقة الوحيدة على طاولة المفاوضات، ومع ذلك يأتي الأمين العام ليضرب كل هذا عرض الحائط، ويصرح بأن هناك احتلالا، ويصرح في أماكن أخرى بإمكانية الاستفتاء. وهذا حسب الحسيني، ليس بجديد، فهناك عدة أزمات عرفها المغرب مع الأمين العام الحالي، واحدة منها ترتبط بفقدان الثقة في ممثله الشخصي، والذي تمسك به مع ذلك. والثانية، في سنة 2014 عندما بادر من تلقاء نفسه إلى تقديم مقترح في تقريره السنوي إلى مجلس الأمن، بإقامة آلية خاصة لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء. والذي قوبل برفض المجلس بإجماع كامل أعضائه. مذكراً بأن الأمين العام الحالي لم تبقَ في ولايته إلا أشهر معدودات، والأمل أن يكون الأمين العام المقبل أكثر تفهما للواقع، أكثر موضوعية وحيادية.