يرتقب أن تشهد العلاقات المغربية الهولندية مرحلة جديدة من الشد والجذب، بسبب قرار الحكومة الهولندية إلغاء العمل باتفاقية الضمان الاجتماعي التي تربطها مع المغرب منذ سنة 1972، والتي تنص على مبدإ أساسي هو المساواة في العمل بين المهاجرين المغاربة والمواطنين الهولنديين. في هذا السياق، قدم زير الشؤون الاجتماعية والشغل الهولندي، بعد فشل المفاوضات مع المغرب من أجل تعديل هذه الاتفاقية، (قدم) يوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2014 مشروع قانون لإلغاء هذه الاتفاقية التي اعتمدت عليها المحاكم الهولندية في أكثر من مرة لتبرير الحكم ببطلان تخفيض المساعدات الاجتماعية وكذا تعويضات الارامل واليتامى. ويدخل هذا القرار فيما يسمى بعصرنة الضمان الاجتماعي، وهي سياسية أملتها الأزمة الاقتصادية وصعود اليمين إلى البرلمان في هولندا. وهو ما جعلها تتخذ عدة إجراءات للحد من تصدير التعويضات الاجتماعية نحو الخارج، من بينها توقيف أداء تعويضات الأطفال القاطنين بالمغرب ابتداء من 2015، وحذف التغطية الصحية أثناء العطلة في المغرب، وخفض تعويضات الأرامل واليتامى بنسبة 40 في المائة. في هذا الإطار ، جاء طلب هولندا للمغرب من أجل تعديل بنود في اتفاقية الضمان الاجتماعي الذي تربطهما من اجل التنصيص على هذه الإجراءات؛ وهو ما دفع بالمغرب إلى رفض إدماج هذه المقترحات لكونها تتناقض مع مبدإ المساواة المنصوص عليه في الاتفاقية الثنائية. مشروع القانون الذي تقدم به الوزير الهولندي، يبين أن هولندا لن توفر في حال إقراره سوى 3.2 مليون و200 ألف يورو في حدود سنة 2016 و3ملايين أورو سنة 2017. وبالمقابل فإن هذا القرار الأحادي قد يؤثر على ميزانها التجاري مع المغرب الذي يستورد سنويا ما مجموعه 922 مليون يورو من المنتوجات الهولندية ويصدر فقط ما قيمته 357 مليون أورو، وفق بيانات سنة 2012. وتربط هولندا مع المغرب العديد من الاتفاقيات في مجالات مختلفة منها التعاون القضائي، والتنسيق الأمني، وتبادل السجناء والتعاون من اجل مكافحة الإرهاب.. إذا تمت المصادقة على هذا القانون فإنه سيصبح ساري المفعول ابتداء من فاتح يناير 2016، مما سيجعل هولندا في موقف متناقض مع اتفاقية الشراكة المغربية الأوروبية المنتظر بدء العمل بها خلال سنة 2015 وهي اتفاقية تلزم جميع دول الاتحاد. يذكر ان الاتفاقية الثنائية للضمان الاجتماعي تتضمن فصلا ينص على الاحتفاظ بالمكتسبات التي حققها المهاجرون المغاربة، في حال إلغائها. ومن هذا المنطلق سيحافظ على مكتسباتهم المغاربة المستفيدون من قرار المحكمة ببطلان حذف المساعدات الاجتماعية وتخفيض تعويضات الأرامل والأيتام، وكذا المستفيدون من تعويضات القانون العام للشيخوخة قبل سنة 2016؛ بينما سيتم وقف تعويضات الأطفال المقيمين بالمغرب بعد إلغاء الاتفاقية وكذلك وقف تعويضات الأرامل القاطنين بالمغرب.