اعتبار بعض الناس في نواحي آسفي ما يسمونه «حج المسكين» حجّا مشروعاً هو نتيجة من نتائج جهلهم بالدين، والجهل لايرفع إلا بالعلم، وهذه المقالة للعلامة عبد الله اكديرة مساهمة أخرى منه في إضاءة هذا الموضوع: يتوجه بعد راحة قصيرة مباشرة إلى المسجد الحرام لأداء طواف القدوم، مبتدئا باستلام الحجر الأسود مقبلا إياه أو بمجرد الإشارة حتى لايؤذيَ أو يؤذى بالزحام، ويمضي في أداء طوافه جاعلا البيت عن يساره. - إذا وصل في طوافه إلى الركن اليماني، وهو ما قبل ركن الحجر الأسود استلمه بيده أو بالإشارة ويدعو خلال طوافه كله بما شاء مما يفتح الله به عليه من ذكر أو دعاء... - يهرول المستطيع من الذكور في الأشواط الثلاثة الأولى، ويكشف رداءه عن كتفه الأيمن، واضعا لطرفه تحت إبطه... - يطوف سبعة أشواط يبدأها بالحجر، وينهيها عند الحجر... - ثم يصلي ركعتي الطواف خلف المقام، أو في أي مكان من المسجد الحرام إن خشي أن يؤذي أو يؤذَى، بالفاتحة والكافرون في الركعة الأولى، وبالفاتحة والإخلاص (قل هو الله أحد) في الركعة الثانية.. - يمضي ليشرب من زمزم ويتضلع منه خاشعا، ناويا خيرا وبرا... - ثم يتوجه إلى المسعى، ويقف عند الصفا، ويستقبل القبلة ناظراً إلى الكعبة إن أمكنه ذلك ويشرع في الذكر والدعاء بما يفتح الله به عليه، ثم يتوجه يمينا نحو المروة.. حتى إذا بلغ الميلين الأخضرين أسرع الكر في مشيه إن كان قادراً، فإذا بلغ المروة فعل مثل فعله عند الصفا، ثم توجه إلى الصفا بنفس الوتيرة... ومن الصفا إلى المروة شوط، ثم من المروة إلى الصفا شوط آخر إلى أن يستكمل سبعة أشواط.. فإذا انتهى من الأشواط السبعة في سعيه، ويكون انتهاؤه عند المروة، فإن كان مفرداً أو قارنا استمر على إحرامه لايتحلل، وإن كان متمتعا بالعمرة إلى الحج، حلق أو قصر وتحلل، إلى أن يعيد إحرامه بالحج يوم التروية، وهو الثامن من ذي الحجة... ويتوجه الحاج إلى منى.. - في صباح يوم التروية يتوجه الحجاج جميعهم إلى منى ليستقروا هنالك ويصلوا الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وصبح يوم عرفة.. على أن يقصروا كل صلاة رباعية. -في صباح يوم عرفة يتوجه الحجاج إلى صعيدها جميعا، ليصلوا هنالك الظهر والعصر جمعاً وقصراً داعين خاشعين منيبين إلى أن يحل الغروب، فيبقون بعده هنيهة في غير ازدحام ولا تدافع. - ينطلقون بعد ذلك إلى المزدلفة حيث يصلون المغرب والعشاء جمع تأخير، مع قصر العشاء ويجمعون الجمرات.. ويستريحون قليلا، ثم يتوجهون عائدين إلى منى... - في يوم النحر، وهو يوم العيد، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة.. يرمي الحاج جمرة العقبة بسبع حَصَيات (جمرات) متوالية، مع الدعاء والذكر. - ثم ينحر هديه الواجب، أو ما تطوع به، أو يكلف من يثق له لينوب عنه في ذلك... - بعد هذا الرمي الأول يتحلل الحاج التحلل الأصغر، فيحل له كل شيء إلا الوصال.. وصال الرجل لامرأته والعكس... - ثم بعد هذا يحلق الرجل أو يقصر، والحلق أفضل له، وتقصر المرأة فقط. - وابتداء من هذا اليوم إلى آخر ذي الحجة، يتوجب على الحاج أن يمضي إلى المسجد الحرام لأداء طواف الإفاضة.. والمتمتع عليه أن يسعى بعده بين الصفا والمروة.. وبانتهاء طواف الإفاضة يكون كل حاج قد تحلل التحلل الأكبر... فيحل له حتى الوصال... - وعشية عيد الأضحى (يوم النحر) يتوجب على الحاج أن يبيت في منى.. وكذلك في كل ليالي أيام التشريق الثلاثة بعد العيد، وفي كل زوال من هذه الأيام الثلاثة يتوجه إلى الجمرات الثلاث: الصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى ليرمي كل واحدة منها بسبع حصيات (جمرات متوالية) مع الدعاء بعد الصغرى والوسطى، أما الكبرى فإذا أنهى رميها فعليه أن يبادر بالمغاردة بدون دعاء تفاديا لإيذاء الناس في الزحام. - في اليوم الأول والثاني والثالث يفعل ذلك في الزوال... -وإذا أراد التعجل بالخروج من منى في اليوم الثاني فعليه أن يغادرها قبل الغروب، فإن تأخر وأدركه الغروب في اليوم الثاني، وجب عليه المبيت بمنى إلى اليوم الثالث ليقوم بالرمي كالمعتاد... - حين يحل سفر العودة إلى الوطن، على الحاج أن يستعد لطواف الوداع، وأن يكون ذلك الاستعداد بالوقت الكافي، فإذا طاف عاد إلى مقره وجمع أمتعته وأسرع بمغادرة مكة إلى بلده مأجورا.. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل... فالحج من شرع الله لإصلاح الفرد والمجتمع والأمة المسلمة كلها في كل زمان ومكان: لإبطال البدع المستحدثة، وذم التقاليد المتوارثة عن الآباء والأجداد، والتي ما أنزل الله بها من سلطان، وإقامة شرع الله في العبادات والمعاملات، في الشريعة والشعيرة... وتحريم العصبية والحمية الجاهلية والتفاخر والكبر... والحرص على عدم التميز بين الناس بغير التقوى وتوحيد الله وإفراده بالعبادة والحب والقربى دون سواه.. ومن التقوى الأكل مما ذُبح على اسم الله لا على النصب والأصنام والأوثان... ومنها التزود بالزاد المادي وبزاد التقوى المعنوي، واتخاذ الأسباب الطيبة الحلال إلى الغايات الطاهرة التي تقرب إلى الله ذي الجلال، ابتغاء فضله بما يرضيه لما يرضيه، بما أمر كما أمر، دون زيادة أو نقص أو إفراط أو غلو أو تراخ أو تشدد... مما يعلم المؤمنون أنه تأويل الجاهلين، وتحريف الغالين، وانتحال المبطلين... لأنهم أمة قائمة على الحق المبين، وشرع رب العالمين وسنة خاتم النبيين، وإمام المرسلين.. غير مبدلين ولا مغيرين، ولا ضالين ولا مضلين... لا يضرهم من خالفهم في دينهم ولا شرْع الله لهم إلى يوم الدين... يقول رب العزة عز وجل في كتابه الحكيم: «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين» (الذاريات: 56 57 58)، والحج عبادة شاملة كاملة تشمل كل العبادات والطاعات والقربات قلبية وقولية وفعلية ومالية، في أطول مدة تستغرقها عبادة فرضها الله من حياة الفرد والجماعة المسلمين المؤمنين: «الحج أشهر معلومات...» تبتدئ بشوال ثم ذي القعدة لتنتهي بانتهاء ذي الحجة... 5 والحج ركن من أركان الإسلام الخمسة، يجب مرة واحدة في عمر الإنسان المسلم البالغ القادر المأذون له من والديه الحر العاقل الآمن على نفسه وماله ومن يعول، ويتساوى في ذلك المرأة والرجل.. على أن يصحب المرأة زوج أو محْرمٌ أو رفقة مأمونة... ويُحرمُ عن الطفل أو فاقد العقل (المجنون) وليُّه، بأن يجرده وينوي الإحرام، ويلبي الطفل الذي يحسن النطق، ويطوف به وليه ويسعى محمولاً إن كان لا يقوى على ذلك، ويرمي عنه إن كان غير محسن للرمي.. ويحضره المواقيت... والحج له أركان لا تجبر، وله واجبات تجبر، وله سنن وله محظورات: الأركان الأربعة: 1) الإحرام 2) الوقوف بعرفة جزءاً من ليلة النحر 3) طواف الإفاضة 4) السعي بين الصفا والمروة. والفرق بين الركن والواجب في الحج، هو أن الواجب يُجبر بالدم تيسيرا على المؤمنين ورفقا بهم وأما الأركان الأربعة فإنها إن تركت تستوجب إعادة الحج، وذلك يتطلب سنة أو أكثر، وفي ذلك مشقة ونفقة.. وواجبات الإحرام بالحج هي: 1 الإحرام من الميقات. 2 التلبية بعد الإحرام مباشرة. 3 التجرد من المخيط والمحيط للذكور. 4 كشف الذكر رأسه، وكشف المرأة وجهها وكفيها. وواجبات الطواف هي: 1 طواف القدوم 2 عدم تأخير طواف الإفاضة حتى يمضي شهر ذي الحجة ويحل المحرم 3 عدم تقديم طواف الإفاضة على رمي جمرة العقبة يوم النحر 4 بدء كل طواف بالحجر الأسود... 5 المشي على القادر 6 ركعتان بعد كل طواف. وواجبات السعي هي: 1 السعي بعد طواف القدوم، أو طواف الإفاضة، أو طواف العمرة 2 من أحرم بالإفراد أو القران فالواجب عليه السعي بعد الطواف مباشرة... 3 المشي على القادر. وواجبات الوقوف بعرفة هي: 1 الطمأنينة والاستقرار في الوقوف بعرفة بقيام أو جلوس أو اضطجاع هنيهة بعد الغروب ليلة النحر 2 الوقوف نهارا بعد الزوال. والواجبات الباقية هي: النزول بالمزدلفة رمي جمرة العقبة يوم النحر الحلق أو التقصير. المبيت بمنى ثلاثا بعد يوم النحر. رمي الجمرات الثلاث أيام منى الثلاثة أعمال الحج ومناسكه وآدابه: عندما يحل الحاج بالميقات الذي يحرم منه، عليه أن يتطهر طهارة كاملة، وأن يقوم بكل ما على المؤمن أن يقوم به من خصال الفطرة.. وإذا فعل ذلك قبل الميقات بوقت يسير فلا بأس... يلبس لباس الإحرام رداء وإزاراً ساترين نظيفين مع نعلين جيدين.. ويصلي ركعتين، ثم ينوي الحج بإفراد إن كان يريد إفراد الحج، أو ينوي العمرة إن كان يريد الحج بالتمتع، أو ينوي الحج بالقران جامعا بين الحج والعمرة.. يشرع مباشرة بعد النية في التلبية باللفظ المعروف المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويردده كلما تجددت له حال في زمان أو مكان... يقطع التلبية عند دخول مكة.